أثر أسلوبي الترغيب والترهيب في ضبط الفصل الدراسي

أثر أسلوبي الترغيب والترهيب في ضبط الفصل الدراسي
هوية بريس – عبد المجيد هلال
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على مُعلِّم البشرية؛ محمدٍ الصادقِ الأمينِ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن اللهَ عز وجل، وملائكتَه، وأهلَ السموات والأرض؛ حتى النملةَ في جحرها، وحتى الحوتَ، ليصلون على معلم الناس الخير»[1]، فهنيئا لك أيها المعلمُ المخلصُ النبيلُ هذا الشرف، وطابت لك هذه البشرى.
إن هذا الحديث النبوي الشريف ليشجع كل أستاذ(ة) ومعلم(ة) ومربٍّ(ية) لينال هذا الشرف العظيم، ويحصِّل هذه المنزلةَ الرفيعة، ويفوز بهذه الصلاةِ العظيمة؛ غير أن تحصيل أيِّ شرفٍ وفضلٍ لا بد أن يكون دونَه عقباتٌ، وأن يعترض طريقَه عوائقُ وصعوباتٌ، ولكل زمان نصيب من هذه العوائق، ولكل مكان حظ من هذه العقبات.
ومن الأمور التي صارت ترهقُ المدرِّسين(ات) في هذا الزمن – وهي من تلك العقبات والعوائق والصعوبات – وتَذهبُ بكثير من جهودهم = قضيةُ ضبطِ الفصل، وخلقِ بيئةٍ صفيةٍ محفزةٍ ومنظمةٍ؛ حتى أصبح همُّ ضبطِ الفصول الدراسية، ونشرِ قيمِ الاستقرار والهدوء فيها – لدى كثير من الأساتذة(ات) والمربين(ات) – أكبرَ من همّ النقل الديداكتيكي، وبناء المعارف، وتمرير المحتويات.
ولذلك أسباب كثيرة، وعوامل مختلفة، منها التطور الهائل الذي عرفته البشرية في العصر الحاضر، وكذا تغيرُ سلوكِ كثيرٍ من المتعلمين(ات) وأخلاقِهم، وربما ينضاف إلى ذلك قصور بعض المذكرات والمراسيمِ الوزارية في سَنِّ قوانين تناسب المخالفات التي تحدث في المؤسسات التعليمية[2].
إن هذه التغيرات تحتم على الأستاذ(ة) أن يبحث عن الأساليب التعليمية، والبدائل التربوية – المسموح بها – والتي تعينه على ضبط فصله الدراسي، وتجعله يؤدي رسالته الشريفةَ في ظروف مناسبة.
ومن هذه الأساليب: أسلوبا الترغيب والترهيب، وهما أسلوبان لهما تجلياتٌ مختلفة، ولتنزيلها صورٌ متنوعة[3]، وسيعمل هذا المقال على بيانِ بعضِ تجليات هذين الأسلوبين، وذِكرِ صورٍ لتنزيلهما على أرض الواقع[4]؛ علَّها تساعد المدرِّسين(ات) في ضبطِ فصولهم الدراسية، وتُسهم في جوٍّ تربوي مفعم بالجدية والحيوية، والرقيِّ بالفعل التدريسي إلى الجودة المطلوبة.
فإلى الأسلوب الأول: أسلوب الترغيب.
يُعرَّف الترغيب بأنه:” كل ما يشوق المدعوّ إلى الاستجابةِ، وقبولِ الحق، والثباتِ عليه”[5]، ويُقصد به – في المجال التربوي – كل ما يحفز المتعلم(ة) نحو التعلم، ويشوقه إليه، ويحببه فيه، ويثير دافعيته تجاهه، ويشترط في هذا الأسلوب: اللين والسهولة واللطف.
ومن صور هذا الأسلوب وتجلياته التي يمكن أن تؤازر المدرِّس(ة)، وتسانده في ضبط الفصل الدراسي، ما يلي:
1- تنويع عبارات التحفيز والتشجيع: سواء وقتَ المشاركة الصفية، أو أثناء الإشراك[6]، أو عند إنجاز أعمال منزلية، أو العناية بمستلزمات المادة (كتاب، دفتر، مذكرة…)، أو صدور موقف مميَّز، أو التحلي بقيمة إيجابية، أو نحو ذلك؛ فينوع المدرِّس(ة) عبارات الشكر والثناء والتشجيع، مثل (ممتاز، جيد جدا، جيد، أحسنت، رائع، مشاركة قيمة، رضي الله عنك، تستحق كل التحية، ما كنت أظن أني سأجد لديكم هذا الجواب، ونحوها من العبارات).
إن استعمالَ هذه الكلماتِ التحفيزيةِ، وانتقاءَ أكثرِها تشجيعا، يؤثر في المتعلمين(ات) أثرا بليغا، وينفذ سماعُها إلى نفوسهم، ويجعلهم حريصين على الإجابة الجيدة، والمنجزاتِ المطلوبة ليحصِّلوا الثناء اللائق، وربما أسهمت هذه الثناءات في الحد من السلوكات السلبية التي تسبب الفوضى داخل الفصول.
وعلى المدرِّس(ة) أن يتجنب تكرار بعضها دائما؛ حتى لا يُمِّل، ولئلا تفقد أثرَها، وليسْعَ إلى أن تكون كلُّ كلمةٍ تحفيزيةٍ منتقاةٍ مناسبةً للجواب أو الموقف أو العمل المناسب؛ فلا يختار كلمةً ذاتَ تحفيز عالٍ لجواب سهل أو عمل يسير.
2- تقديم هدايا تحفيزية: لا يشترط في هذه الهدايا أن تكون ذا قيمة كبيرة، وليس بالضرورة أن تكون ثمينة؛ لأن قيمتها تكمن في رمزيتها، فكم من هدية متواضعة كانت أشدَّ وقعا، وأكبرَ أثرا من أثمنها !! فالمطلوب هو الأثر الحسن الذي ستحدثه في نفسية المتعلم(ة)؛ مما سيقوده للانخراط في الدرس، وتجنب الشغب والإزعاج، وليحاول الأستاذ(ة) – قدر المستطاع – أن تكون هذه الهدايا متنوعةً، ومناسبةً للغرض الذي يقصده، ومن أنواع هذه الهدايا (كتب، أو أقلام، أو نقود، أو حلوى وشكلاطة، أو ملصقات، أو طوابع، أو توقيعات، أو صور معبرة…).
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تهادوا تحابوا”[7]، فهذا الحديث الشريف يخبرنا بأثر الهدية على النفوس، وينبئنا بأن التهادي سبب لجلب المحبة والود، ووسيلة لدفع الحقد والبغضاء، فعلى الأستاذ(ة) المربي(ة) أن يكون له نصيب من هذا الحديث؛ ليَكسب محبةَ تلاميذه، وليُسهم في إذابة الخلافات والتوترات التي تنشب في الفصول الدراسية، وليعزز لدى متعلميه مهارات الانضباط الذاتي.
3- تقديم المنجزات أمام المتعلمين(ات): وذلك بأن يطلب المدرِّس(ة) من المتعلم(ة) الذي قدم إجابة جيدة، أو أنجز عملا قيما، أو تحلى بقيمة نبيلة، أن يقوم إلى السبورة؛ ليعرض منجزَه على زملائه، ويشرحه لهم، ويبين لهم الطرق التي سلكها حتى أنجز ذلك العمل؛ فإن القرين بالمقارن يقتدي.
والقصد من هذه الصورة أن يدفع المتعلمين(ات) للإبداع والإنتاج، ويزرع فيهم محبةَ نفعِ الآخرين، ويقود المتعثرين منهم – الذين قد يصدر منهم الإزعاج والفوضى داخل القسم – إلى المساهمة الصفية.
4- تعليق الأعمال المنجزة على المجلة الحائطية بالقسم: يقوم الأستاذ(ة) بتكليف المتعلمين(ات) الذين يقدمون أفضل أعمالهم، بتجويدها وتحسينها؛ لتُعلَّق على مجلة القسم، وليحرصْ على تجديد محتوى هذه المجلة كل شهر أو شهرين، ليكون التنافس قائما – دوما – بينهم، مع إرفاق اسم المتعلم(ة) بالعمل المنجز ليُعرف؛ فإن النفوس البشرية تحب المدح، وحريصة عليه.
إن هذه الإنجازات – وغيرَها من إنجازات الأنشطة الموازية – يجد فيها بعض المتعلمين(ات) – الذين يعانون صعوبات في السلوك والانضباط – بُغيتهم وميولهم، وما يشوقهم للعلم والمعرفة، ثم ما يعينهم على تجنب مخالفة النظام الداخلي.
5- إسناد مهام يسيرة للمتعثرين: بأن يخصص المدرِّس(ة) أعمالا يسيرة للتلاميذ المتعثرين، والذين تتكرر منهم السلوكات المنافية للقيم التربوية؛ ليشعروا أنهم معنيون ومستهدفون، ولهم مكانة وقيمة في بناء الدرس، كما يحرص على أن يُوجِّه لهم الأسئلة السهلة، ويَطلب منهم المهام التي تناسب قدراتهم؛ خاصة المشاغبين منهم؛ لعلهم يصححون مسارهم، ويغيرون سلوكهم، وينخرطون في الدرس، فرُبّ عمل يسير أحدث أثرا كبيرا.
6- تنظيم نشاطات صفية[8]: توزع فيها المهام والأدوار حسب كفاءات المتعلمين(ات) وقدراتهم، وإشراك المشاغبين منهم في مهام تناسب ذكاءاتهم؛ فإن لهذه الأنشطة أثرا كبيرا في إدماج التلاميذ(ات) الذين يحتقرون أنفسهم ويظنون ألا أثر لهم في العملية التعليمية التعلمية، فيلجؤون إلى التشويش وافتعال المشاكل داخل الأقسام، فإذا أُدمجوا فيها أزيلت عنهم هذه التمثلات، وأصبحوا عناصر فعالةً – غالبا – في الفصول الدراسية.
7- التنويه بالتلاميذ(ات) الذين تحسّن تحصيلهم وسلوكهم: مما يدخل في أسلوب الترغيب الإشادةُ بالمتعلمين(ات) الذين تحسن مستواهم الدراسي، أو تغير سلوكهم للأفضل، أو تغلبوا على بعض الصفات الذميمة التي كانت فيهم، مع مدحهم، والثناء عليهم، ثم العفو عنهم والصفح عما صدر منهم قبل ذلك، ودعوة زملائهم – الذين لا زالوا يعيقون السير العادي للحصص – للاقتداء بهم في هذا التغير الحسن.
الأسلوب الثاني: أسلوب الترهيب.
يُعرَّف الترهيب بأنه:” كل ما يخيف، ويحذر المدعوَّ من عدم الاستجابة، أو رفض الحق، أو عدم الثبات عليه بعد قبوله”[9]، ويُقصد به – في المجال التربوي – كل ما يحض[10] المتعلم(ة) على التعلم، ويدفعه إليه، ويؤزه للاجتهاد والتحصيل، ويُشترط في هذا الأسلوب: الشدة والحزم.
من المهم التنبيه على أن المدرس(ة) لا يلجأ إلى هذا الأسلوب إلا بعد استنفاذ صور الترغيب وتجلياته؛ وذلك إذا تيقن من أنه لم يعد ينجع معهم أسلوب الترغيب، بعد أن حاول وحاول؛ فله اللجوءُ لأسلوب الترهيب؛ وذلك لأن بعض المتعلمين(ات) قد لا يجدي معهم الأسلوب الأول – فعلا – على كثرة تجلياته، فيحتاج حينئذ أن يوظف الشدة والحزم؛ حتى يؤوبوا، ويتحسنوا، ويلتزموا بالنظام، وينخرطوا في بناء الدرس، يقول أبو تمام[11]:
فقسا لتزدجروا ومن يكُ حازما …………… فليقسُ أحيانا على من يرحم
ومن صور هذا الأسلوب وتجلياته:
1- التأنيب على انفراد: من الخطوات التي تجدي مع بعض التلاميذ(ات) غير المنضبطين وتعطي أكلها، محادثتُهم – انفرادا – حديثَ مؤنبٍ معاتبٍ، وإخبارُهم بالآثار السلبية للشغب عليهم، وعلى تحصيلهم الدراسي، ثم على زملائهم في الفصل، وإطلاعُهم على عواقب الإخلال بالنظام الدراسي، وتنبيهُهم إلى أنهم في الغد القريب سيصيرون مدرسين أو مزاولين لأعمالهم المختلفة، فلا أحد منهم – وقتئذ – يحب من سيشوش عليه في عمله، أو سيقف أمامه عائقا لإنجاز ما كُلِّف به، ثم تذكيرُهم ببعض الآيات والأحاديث التي تصب في هذا المعنى؛ كقول الله عز وجل:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) [ المائدة 3]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”[12]؛ فكثير من التلاميذ(ات) يتلقون هذه التوجيهات تلقيا حسنا، ويستشعرون اهتمام المدرِّس(ة) بهم؛ إذ لم يحرجهم أمام زملائهم، ولم يوبخهم أمام رفقائهم، ثم زادهم إكراما بأن فتح لهم هذه النافذة التوعوية.
2- العتاب العلني: التلاميذ(ات) معادن شتى، وطبائع مختلفة، وميولاتٌ متعددة، ولكل واحد منهم خصائصُه، والمفتاحُ الذي يناسبه، لذلك صار من المهام التي فُرضت على المدرِّس(ة) إدراكُ طبائعِ متعلميه، وعقلياتِهم، وخصائصِهم النفسية والسلوكية، لهذا نجد منهم من لا ينجع معه التجلي السابق (التأنيب على انفراد)؛ فربما حسبوا ذلك الحديث الانفرادي ضعفا، أو جبنا، أو خوفا، أو استعطافا لهم، فيستمرون في التشويش داخل الفصل، فعلى الأستاذ(ة) حينئذ أن ينتقل إلى عتابهم أمام زملائهم، وتوجيه الملاحظات لهم أمام رفاقهم بأسلوب حازم وبنّاء، وربما تعديل مقاعد جلوسهم، وإيجاد مكان مناسب للمتعثرين أو المشاغبين؛ لدعم تركيزهم وانضباطهم، وليكفوا عن تصرفاتهم، ثم ليتمكنوا من ضبط سلوكهم.
3- تكليفهم بمهام داعمة: وهذا الأسلوب ينفع ويجدي – خاصة – مع التلاميذ(ات) الذين اجتمع فيهم عدم الانضباط في الفصل، والتهاون في العمل الدراسي، فيكلفهم المدرِّس(ة) بمهام زائدة على باقي المتعلمين(ات)، سواء بمهام متعلقة بالكتابة، أو القراءة، أو الحفظ، أو التلخيص، أو إنجاز تمارين، أو الإجابة على أسئلة (…)، فيهدف المدرِّس(ة) بهذا التجلي إلى أمرين:
الأول: الانضباط في الفصل؛ حين يعرفون أنّ وراء التشويشِ والشغبِ تكليفاتٍ شاقةً، ومهاما إضافيةً، ومسؤولياتٍ زائدةً.
الثاني: تحسين مستواهم الدراسي بتلك المهام والتكليفات، فربما حببتهم في الدراسةِ، والتعلمِ، والاستزادةِ من المعرفة.
4- طرح السؤال الفجائي عليهم: فطرحُ الأسئلةِ المفاجئة غيرِ المنتظرة على المتعلمين(ات) الساهين، والغافلين، والمشوِّشين، وعدمُ الاقتصار على المجدّين، والحريصين على المشاركة والتفاعل مع المدرِّس(ة)، يجعلهم دائمي التأهبِ والاستعدادِ لتلقي السؤال المفاجئ؛ مما ييسر للمدرِّس(ة) ضبط فصله الدراسي؛ لأن المتعلم(ة) إن لم يجد نفسه معنيا في القسم، وعنصرا فعالا في الحصة الدراسية، سيلجأ إلى الإزعاج وافتعال المشاكل.
5- تلخيص محتوى الحصة: وذلك بأن يخبر المدرِّس(ة) المنصرفين عن مجريات التعلم عند الدخول إلى الفصل بأنهم مطالبون بتقديم خلاصة هذه الحصة، أو الانتقال معهم إلا تجلٍ آخر إن لم يقدموا ما تم تكليفهم به، وهذا الإخبار يُستحسن أن يوجه لمن لم ينجع معه التجلي السابق (السؤال المفاجئ)، مما يجعل المكلَّف بهذه المهمة مركِّزا في الدرس، ومتجنبا التشويش؛ حتى يتمكن من الإحاطة بالمسائل التي تم الحديث عنها في الحصة.
6- تأجيل مشاركة التلميذ(ة) مؤقتا لتوجيه سلوكه: خاصة لمن كان محبا للمشاركة، حريصا عليها، ولكن يصدر منه الشغبُ واللغطُ والضوضاءُ داخل الفصل، فيؤجل الأستاذ(ة) انخراطه في الدرس لدعم انضباطه، ويتظاهر بإهمال مشاركته إن شارك، وعدم الاكتراث بها – في تلك الحصة – ما دام غيرَ ملتزم بما تم التوافق عليه في ميثاق الفصل؛ مِن ضرورة الالتزام بالأخلاق الحسنة، وتركِ التشويش على الزملاء في الفصل، ويتقمص الأستاذ(ة) صفةَ الغضبِ وعدمِ الرضا؛ فكثيرا ما يعطي هذا التجلي أكله إذا أُحسن توظيفه.
7- استدعاؤه إلى السبورة ليُتم بناء الدرس: وهذا التجلي يوظفه الأستاذ(ة) مع المتعلمين(ات) الخجولين، الذين لا يحبون مواجهةَ الجماهير، والتحدثَ أمام زملائهم، ولكن تصدر منهم التصرفات الفوضوية إذا كانوا في مقاعدهم، فيطلب منهم المدرِّس(ة) القيام إلى السبورة؛ ثم يكلفهم بمحور من محاور الدرس؛ ليشرحوها للمتعلمين(ات)، ويمكن أن يؤجل تقديم ذلك إلى الحصة المقبلة؛ ليستعدوا لما سيعرضونه أمام زملائهم؛ ولهذا التجلي مقاصد:
أولها: إدراك قيمة العمل الذي يقوم به المدرِّس(ة)، وثقل هذه المسؤولية؛ فيزداد تقديرهم لأستاذهم واحترامهم له.
ثانيها: التغلب على صفة الخجل.
ثالثها: تجنب التشويش، وتحصيل الانضباط داخل الفصل؛ إذْ إنهم قد أدركوا ثقل ما كُلّفوا به، وهو المقصود هنا.
هذان الأسلوبان من الأساليب المعينة على ضبط الفصل الدراسي، ولهما تجليات كثيرة، وصور متعددة لم أذكرها، وهنالك أساليب أخرى – غير هذين الأسلوبين – لعل الله أن ييسر للحديث عنها، وإن هذه الأساليبَ لتعطي أكلها إذا انضاف إليها حرص الوزارة، وحزم الإدارة، وتعاون أولياء الأمور مع الأساتذة؛ فإن اليد الواحدة لا تصفق – كما يقال في المثل الشائع-.
وبما أن الأستاذ(ة) هو العنصر الأكثرُ لصوقا بالمتعلمين(ات) فعليه أن يحرص على ما يحسِّن علاقته بهم، وما يعينه على إتقان عمله الشاقِّ هذا، وليبحثْ – دائما – على ما ييسرُ له مهنتَه، ويسهّلُ عليه أداءَ حرفته، ويحققُ له السكينةَ والطمأنينةَ داخل قسمه، ويخلقُ له الانضباط والالتزام في فصله، وليكن في كل شؤونه – مع أخذه بهذه الأسباب وغيرها – طالبا العونَ والمددَ من العزيز الوهاب عز وجل؛ مكثرا من الدعاء الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه:” اللهم اهدني وسددني “[13]؛ فإن من رُزق الهدايةَ، والعونَ، والسدادَ، أفلح ورشد، وسهل أمره وتيسر.
هذا؛ والله أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم: 4213.
[2] – يُنظر مناقشة هذه المسألة في مقال الأستاذ جمال هبوز – مستشار في التوجيه التربوي – بعنوان:” العقوبات التأديبية في المجال التربوي، بين واقع المذكرات الرسمية، وواقع الممارسات الميدانية”، على الرابط الآتي: https://chamaly.ma/2017/01/11/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%AF%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%8A/
[3] – جاء في كتاب البلاغة العربية لعبد الرحمن الميداني (ت 1425)، (1/67):” – أسلوب الترغيب، وله مراتب وصُوَر كثيرة، وهو في الغالب يلائم معظم النفوس الإِنسانيّة، لما أودع الله فيها من مطامع.
– أسلوب الترهيب، وله أيضاً مراتب وصوَر، وهو كأسلوب الترغيب يلائم في الغالب معظم النّفوس الإِنسانيّة، لما أودع الله فيها من حذر وخوف”.
[4] – يمكن لكل مدرس أن يضيف على هذه التجليات والصور ما يظهر له أثناء بحثه وقراءاته واطلاعه، أو ما يكشفه له المراس والتجربة الميدانية، أو ما يحصِّله خلال النقاش والحوار مع زملائه الأساتذة، أو في التكوينات المستمرة التي يقدمها المشرفون التربويون، أو في تلك الزيارات التي يقوم بها السادة المفتشون للأساتذة(ات).
[5] – أصول الدعوة لعبد الكريم زيدان، ص: 437.
[6] – المشاركة فعل اختياري من المتعلم(ة)، والإشراك من اختيار المدرِّس(ة) وتعيينه، وفيه إرغام للمتعلم(ة) على المشاركة.
[7] – حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، رقم: 269.
[8] – الفرق بين هذا التجلي والتجلي السابق، هو أن هذا متعلق ببناء الدروس، والسابق يكون موازيا للدروس، ومكملا لها.
[9] – أصول الدعوة لعبد الكريم زيدان، ص: 437.
[10] – حَضَّه على الأمر: حثَّه عليه بقوّة. (معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عبد الحميد عمر (ت 1424)، (1/514).
[11] – الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي (ت 370)، (3/372).
[12] – رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
[13][13] – عن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل اللهم اهدني وسددني، واذكر، بالهدى هدايتَك الطريق، والسدادِ، سدادَ السهم» (رواه مسلم).



