أحمد ويحمان: “un petit mot” التي تهدد العدل.. من التهامي إلى المهداوي!

22 نوفمبر 2025 21:01
أحمد ويحمان، لقطة من فيديو المهداوي

هوية بريس – متابعات

يقدّم الباحث في علم الاجتماع السياسي، أحمد ويحمان، قراءة حادّة ومقلقة للتسجيل المسرّب من اجتماع لجنة الأخلاقيات والتأديب بالمجلس الوطني للصحافة؛ تسريب يرى أنه لم يكشف مجرد “زلة لسان”، بل فضح منطقًا خطيرًا يمسّ جوهر العدالة بالمغرب.


فالتصريح المتداول حول إمكانية “الانتهاء من أمر المهداوي” بمجرد «un petit mot» من رئيس النيابة العامة، أعاد ـ بقوة ـ فتح ملفات غائرة في الذاكرة، على رأسها قضية التهامي بناني التي ظلّت تتشابك تفاصيلها عبر 18 عامًا من الغموض والتأجيل.

“الكلمة الصغيرة”.. حين يتحول القضاء من نصّ إلى نفوذ

يؤكد ويحمان أن العبارة لم تكن مجرد خطأ لغوي، بل “مفتاحًا لفهم نظام كامل”، نظام تتحوّل فيه العدالة إلى قرار يمرّ عبر “كلمة صغيرة”، لا منطق قانوني أو مسطرة قضائية.

فإذا كان مصير صحافي مثل حميد المهداوي قد يُحسم بعبارة عابرة، فهذا ـ وفق تحليل ويحمان ـ يعكس أسلوبًا يُدار به القضاء خارج قواعد الاستقلال، ويحوّل مؤسسات العدالة إلى ملحقات للنفوذ.

هذه الكلمة الصغيرة «un petit mot» — يضيف — أعادت إلى الواجهة جرحًا لم يندمل: ملف التهامي بناني.

قضية التهامي بناني.. نموذج لـ“الخراب الصامت”

يستعيد ويحمان وقائع ما راج خلال مسار التهامي بناني، الشاب الذي تقول الوثائق المتداولة قضائيًا إنه اختُطف وقُتل ومُثّل بجثته ثم حُفظ الملف رغم وضوح الخيوط الأولية للتحقيق:

  • أسئلة المحاضر الأولى لدى الأمن والدرك؛

  • شهادة الطبيبة الصبانة وما قيل عن محاولة طمسها؛

  • إخفاء معالم الجريمة؛

  • قبر قدّم للعائلة واتضح أنه لامرأة؛

  • تلميحات حول صلة القضية بمنزل قريب من مسؤول أمني كبير آنذاك.

ورغم هذا، جرى حفظ الملف إلى أن تدخّل وزير العدل الراحل محمد بوزوبع لإعادة فتحه.

ومنذ ذلك اليوم، يقول ويحمان، “الملف يتجرجر 18 عامًا وكأن العدالة تُساق ببطء نحو الإعدام”.

من التهامي إلى المهداوي.. منطق واحد يحكم المصير

بالنسبة لأحمد ويحمان، يظهر أن ما جرى في ملف التهامي لم يكن استثناءً؛ بل جزءًا من منطق واحد يكرر نفسه:

  • في ملف التهامي: يتم حفظ قضية خطيرة بـ«كلمة».

  • في ملف المهداوي: يطلب مسؤول داخل لجنة الأخلاقيات «كلمة» من رئيس النيابة العامة لإدانته.

ويضيف أن حرمان المهداوي من بطاقة الصحافة ـ خلافًا للقانون ـ لم يكن سوى خطوة مقصودة لفتح الطريق أمام متابعته عبر القانون الجنائي بدل قانون الصحافة، بناءً على “تفسير مذهل” قدمه وزير العدل بأن المهداوي “لم يعد صحافيًا”.

بهذا المعنى، يكتب ويحمان: “هنا تُغلق العدالة بكلمة، وهناك تُفتح العدالة بكلمة، وفي الحالتين يتبين أنها ليست صاحبة القرار”.

عندما يصبح حامي الأخلاق… هو من يطلب تسخير القضاء

يرى ويحمان أن المفارقة الأكبر تكمن في كون الأشخاص المكلّفين بحماية “شرف المهنة” هم أنفسهم من يُفصِحون عن خطاب عنيف، بلغ حدّ الحديث بمنطق “تصفية الحسابات” وتوجيه طلبات “التدخل السريع” لدى جهاز قضائي، ما يجعل “حاميها حراميها”، وفق تعبيره.

ويسجّل الباحث أن هذا الخلط بين الأدوار ينذر بانهيار بنية العدالة، إذ تصبح السلطة الأخلاقية نفسها مصدرًا للانحراف الأخلاقي.

العدل أساس الملك.. والانهيار يبدأ من هنا

يحذّر ويحمان من أن استمرار هذا النمط من التدبير يقود إلى ما سمّاه علماء الاجتماع بـ“الأنوميا”؛ أي الفوضى التي تنهار فيها المعايير والقيم، وينعدم فيها شعور الثقة العامة.

ومن التهامي إلى المهداوي، تبدو — حسب المقال — سلسلة واحدة: سلسلة انهيار العدل، حيث تصبح العدالة محكومة بـ«الكلام الصغير» بدل القانون الكبير.

آخر الكلام: حماية الدولة تبدأ من تحييد “الكلمة الصغيرة”

يخلص أحمد ويحمان إلى أن حماية الدولة من الانهيار تبدأ بإبطال مفعول هذه “الكلمة الصغيرة” التي تهدم المؤسسية، وإعادة العدل إلى مقامه الطبيعي: فوق الجميع، لا تحت أقدام أصحاب النفوذ.

ويختم بقوله: “ملف التهامي يصرخ منذ 18 عامًا: العدل لا يمكن أن يختنق بكلمة صغيرة. وملف المهداوي يصرخ اليوم: الظلم لا ينتشر إلا حين تصبح الكلمة الصغيرة أقوى من القانون”.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
7°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة