أخي الصّعلوك الفقير.. لا تحقرّن من المعروف شيئا
هوية بريس – د.كمال المرزوقي
أخي الصّعلوك الفقير الّذي لا يجد مالا مثلي، تعال إلى جنب أخيك..
واسمع منّي نصيحة محبّ لك ولا أثقل إن شاء الله عليك، فإنّي نادر النّصح قليله، وإن ركبته لا أطيل..
لا تحقرّن من المعروف شيئا
تبرّع ولو بوجبة يوم، ولو بتذكرة مواصلات وامش يومك على قدميك..
تبرّع بسعر شارج لهاتفك.. بسانتدوتش كنت تنوي أكله ولو أن تظلّ جائعا وتخسر وجبة واحدة أو اثنيتن.. بسعر قطعة شكولاته أو كوب قهوة أو زجاجة عصير..
تبرّع ولو بدولار..
هذه يراها النّاس حقيرة وهي في عين الله جليلة.. فإيّاك إيّاك أن تحقر من المعروف شيئا، فإنّ حساب الله ليس حساب النّاس، ولا حساب المنافقين الّذي يلمزون المطّوعين من المؤمنين في الصّدقات والّذي لا يجدون إلّا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم.
لا تتعلّل بالعجز فكلّنا عاجز.. بل انظر ما تقدر عليه وإن قلّ، قم ولو ركعتين خصّيصا في جوف اللّيل تقومهما من دفء لحافك، للتّوجّه لربّك أن يطعم الجياع ويدفء البردانين ويؤمّن الخائفين ويبرّد قلوب الولهانين ويفرّج كرب المكروبين..
فإن لم تقم فادع على حالك وأنت في فراشك في ثلث الإجابة الأخير من اللّيل..
فإن لم تقو على شيء من ذلك.. فانو نيّة صادقة أنّه لو كان عندك لسارعت به في مرضاة الله وفي سبيل الله..
واعلم أنّ نيّة المؤمن أبلغ من عمله .. فإنّه جاء في الحديث الصّحيح عن أبي كبشة الأنماري -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (أحدثكم حديثا فاحفظوه: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلمًا فهو يتقي فيه ربه ويصِلُ فيه رحمه ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علمًا فهو يخبِط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء.اهـ
وإنّه ليأتي الرّجل يوم القيامة وله جبال من الحسنات لا يدري من أين هي فيقول يا ربّ ليست هذه من عملي، فيقال له هذه نيّتك ولا يظلم ربّك أحدا ولا يضيع عنده شيء
حتّى إنّ رجلا يجد جبلا من ذهب في صدقاته فيقول أي ربّ ومتى كان لي جبل ذهب؟ والرّجل يأتي فيجد جبل سويق صدقة من صدقاته فيقول يا ربّ من أين لي هذا، فيقال إنّك مررت يوما على جبل فقلت لو كان لي مثل هذا سويقا لتصدّقت به في سبيل الله، فقبل الله نيّتك!
يا إخوتي، فضل ربّنا عظيم واسع فدعونا نغتنمه.
فإن عجزت عن ذلك كلّه أو أبيته فلا أقلّ من أن تلعن فرنسا بالصّباح وبالعشيّ فإنّ لعنها قربة، ومصائبها شفاء كربة!
ربّ يسّر وأعن!