أدركوا الأبناء قبل فوات الأوان
هوية بريس – ذ. عبد العزيز أوتكوميت
انتهت حصة الدرس، جاء بوجه خَجول، سِنَّه لم يكد يتجاوز الاثنا عشر، يتلعثم في الكلام، وعيناه مسمَّرتان في الأرض، كان هذا بعد شرح حديث جبريل عليه السلام المعروف، وخاصة أركان الايمان، تطرقنا لبعض أوصاف المَلَك الكريم، ومنها أمانة الوحي، والستمائة جناح، والقوة… تمادى بنا الحديث في وصف قوته بإهلاك قوم لوط عليه السلام، بضربة من جناحه، خشع المتعلمون لمعلومات غيبية لأول مرة تطرق مسامعهم على نحو مختلف، سألوا عن سبب الإهلاك حتى استحقوا هذا العذاب الأليم في قوله تعالى:” فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ”(هود:82). ظننتها مصيدة في السؤال، لكن رأيت الوجوه مُشرئِبّة للسَّماع، أدركت أن لا نية مبيَّتة لهم.
رجعت إلى نفسي أتهمها بالتقصير، ماهي أحسن الطرق لأوصل لهم مضمون قوله تعالى:” أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ”(الشعراء:165-166)؟. المتعلمون أسنانهم صغيرة، وعقولهم لم تدرك بعد معنى اللواط، والشذوذ الجنسي – ظناً مني -.
عزمت على التوضيح لأن الأمر جد، وإن تركته لغيري فُهم بنحو مختلف، انتهى التوضيح والشرح والبيان بتوفيق من الله، وجهت السؤال إن سبق لهم سماع مثل هذه الأشياء. أجابوا بالإيجاب عرفت أن المشكلة في تقييم وعي المتعلمين تكمن في نفسي، فقد تجاوزوني بكثير – إن لم أجدد معلوماتي معهم – وعرفت أنني لست الوحيد مصدراً للمعرفة في زمان الهاتف والتلفاز والنت.
يبدو أنه تأثر بما سمعه فوجه إلي السؤال قائلاً: أستاذ أريد أن تبيِّن لي كيف أتطهر؟ ظَننته قد بلغ ويُريد معرفة كيفية الطهارة من الجنابة. لكن قبل الجواب سألته عن أي طهارة يتحدث؟ أجاب: الطهارة من الذنوب. صُدمت مرة أخرى وهمستُ لنفسي: وأي ذنوب يكون قد اقترف هذا البريء؟ أنا من يحتاج إلى طهارة لو عَلم.
سألته عن أي ذنوب تتحدث؟ أجاب بتلعثم لا أصلي.. أترك الصلاة.. تتوب وتلتزم بصلاتك.. وهذا ذنب عام في صفوف تلامذتنا إلا من رحم ربك.. أدركت من خلال حاله وحال ماراج في القسم أن الصلاة ليست مقصودة، ولكنها معبر قال و…، وماذا؟ خجل من البوح. ثم قال الذي ( يتفرج في الفساد)، يعني الأفلام الاباحية، أدركت وجه الربط بين سؤاله وما راج في الدرس. نصحته بترك الهاتف في مثل سنِّه نهائياً، وبلزوم الرفقة الصالحة وغيرها من النصائح…
أدركت الخطر المُحدق بأبنائنا وبناتنا كان الله في عونهم فأدركوهم قبل فوات الأوان.