أردوغان رئيساً لمصر!
هوية بريس – محمود القاعود
تخيّلت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، وقد أصبح رئيساً لمصر !
استقل الرئيس المصري أردوغان سيارته من القاهرة وقرر أن يذهب إلي الإسكندرية .. الطريق الرئيس هو ( مصر – إسكندرية ) الزراعي .. عند المؤسسة – منطقة في مدخل القاهرة – تغوص سيارة أردوغان في الزحام المروري الخانق ، ويُشاهد الميكروباصات المهترئة وتنبعث رائحة دخان السجائر المقززة من كل حدب وصوب من أفواه المارة والسائقين .
عند قليوب تتوقف سيارة الرئيس نتيجة الفوضي المرورية وكثرة الحوادث ، ثم يتوقف مرة أخري عند قرية عرب الرمل التابعة لمركز قويسنا لمدة ساعتين نتيجة مرور عربة كارو يجرها حمار تعبر الطريق السريع فتووقف جميع السيارات .
في الأثناء يُشاهد أردوغان جبال القمامة المنتشرة علي جانبي الطريق .. يتحرك الطريق حتى يصل إلي طنطا .. مئات المطبات خاضتها السيارة ما تسبب في إصابة الرئيس بصداع شديد .. يصل إلي دمنهور فيقول لحارسه الشخصي أنه يعتبر ما يحدث مجرد حلم سخيف .. تفجعه مشاهد الباعة وقطع الطرق والفوضي .. ومحلات الجزارة والأكشاك الخشبية ، والطرق المتهالكة ، وكثرة الحفر .. تتوالي المدن .. أبو حمص .. كفر الدوار .. الإسكندرية ..
يصل أردوغان إلي الإسكندرية .. يلتف حوله آلاف الجماهير .. شبابا وشيبا .. يمر بالمقاهي .. يتابع أعمدة الكهرباء التي تنبعث من قلبها مجموعة من الأسلاك .. الطرق المتعرجة .. المباني العشوائية .. طوال جولته يتلقي أوراقا وشكاوي من الجماهير .. بصعوبة بالغة يدخل إلي أحد المطاعم .. تروّعه مشاهد الطهاة الذين لا يرتدون قفازات ولا يهتمون بنظافة الطعام .. لاحظ أحدهم يدخن أثناء إعداد السلطات ! اكتفي أردوغان بشرب كوب من اللبن الرايب ( العيران ) ثم انصرف .
دخل إحدي المصالح الحكومية .. الموظفون لا يتفاعلون مع الجمهور .. يعبثون بهواتفهم المحمولة ولا يجلسون بأماكنهم .. يبحثون عن الرشوة .. يقومون بعملية إذلال ممنهجة للناس
قاربت الشمس علي المغيب .. قال أردوغان لبعض مرافقيه أنه لم يُلاحظ أى فرد يقرأ كتابا أو جريدة بأى مكان .. المقاهي تعج بمن يُدخنون الشيشة .. الأسواق منتشرة بالناس الذين يشترون البضائع الصينية والفيتنامية .. علامات الشقاء واضحة في وجوه الناس ..
بالمساء التقي أردوغان ببعض طلاب الجامعات .. استغرب من طريقة تفكيرهم .. وأنهم لا يمتلكون الحد الأدني من الثقافة .. فقط كرة القدم والسفر والبحث عن وظيفة هي ما يشغلهم .. منفصلون عن الواقع تماما ..
علم أردوغان من مساعديه أن ميزانية الدولة بأسرها تذهب بنسبة 90 % إلي الجيش والشرطة والقضاة وبناء السجون واستيراد أسلحة لا جدوي منها وإقامة حفلات استعراضية ومشروعات وهمية وبناء مدن جديدة للطبقة المخملية التي تُشكل 2 % من الشعب المصري ..
سأل أردوغان عن المستشفيات .. عن الجامعات .. عن الصناعة المحلية .. عن التصدير .. عن العملة المصرية .. لم يكد يُصدق وهو يسمع أن مائة مليون مصري يعيشون في 4 % فقط من مساحة مصر .. بينما باقي مساحة البلاد عبارة عن صحاري ومناطق مهجورة لم يُفكر أى حاكم من قبله في استصلاحها وإعمارها ..
أراد أردوغان أن يعود إلي القاهرة في القطار .. شعر بصدمة شديدة .. هاله قُبح القطار .. رائحة البول تزكم الأنوف .. كأنما القطار علبة صفيح بشعة المنظر .. طلب الهليكوبتر لتنقله إلي القاهرة .. أمر الطيار أن يحلق علي ارتفاع منخفض .. ظل يُتابع مصر من الجو .. ويسأل ما هذا المكان وما هذه المنطقة ..
بعد ليلة تاريخية .. في صباح اليوم التالي كان أردوغان في شبرا .. حيث يعيش أكثر من خمسة ملايين مصري .. لاحظ أن حذاءه قد امتلأ بالغبار .. لا توجد شوارع مرصوفة .. عمارات عالية متقابلة بينها أزقة ضيقة للغاية .. مئات التكاتك تجري برعونة وعشوائية وتشغل أغانٍ قبيحة صاخبة .. ميكروباصات متهالكة .. أكوام زبالة بكل مكان .. محلات .. باعة جائلون .. زحام شديد .. تحرش جنسي .. مشاجرات .. أفراح صاخبة .. !
حاول أردوغان أن يبحث عن مكتبات فلم يجد .. توجه إلي القصر الجمهوري والصدمة تلف كيانه .. استدعي التلفزيون الرسمي ليبث خطابا مختصرا للشعب :
إخواني ..
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ *** فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
لا يُمكن تغيير هذا الوضع إذا لم تُغيّروا من أنفسكم .. إذا لم تثورا علي أنفسكم ..
أنتم الذين بيدكم تقرير مصيركم ..
عقب انتهاء الخطاب القصير .. توجه أردوغان إلي العاصمة التركية أنقرة .. طوال الرحلة .. يحكي ما شاهده .. ثم يبكي .