أرقام صادمة.. بووانو يفضح فشل الحكومة في تنزيل ورش ملكي كبير

قال الدكتور عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، إن ورش تعميم التغطية الصحية وتوسيع الحماية الاجتماعية يعيش اختلالات عميقة على مستوى التمويل والحكامة والبنيات والخدمات الصحية، متهمًا الحكومة بـ”الفشل في تنزيل التزاماتها” وفق التوجيهات الملكية والدستور، ومحذرًا من انهيار وشيك لهذا الورش الاستراتيجي في ظل تفاقم المؤشرات السلبية.

🔸المستشفيات العمومية: طاقة استيعابية متدنية وخدمات متدهورة

في عرضه خلال الندوة الصحفية التي نظمتها الأمانة العامة للحزب يوم الجمعة 3 يوليوز 2025، كشف بووانو أن معدل شغل الأسرة (TOM) في المستشفيات العمومية عرف تراجعًا بنسبة 17% ما بين 2019 و2023، وهو ما انعكس على ضعف النشاط الاستشفائي، وتدهور جودة الخدمات.

كما سجل العرض تراجعًا في معدل الإقبال على المستشفى العمومي (TROT) خلال سنتي 2021 و2022 إلى أقل من 50٪، وارتفاع الفجوة الزمنية لولوج المستشفيات إلى أكثر من 3 أيام في بعض الجهات، مما يُضعف فعالية العلاج ويطيل معاناة المرضى.

وسجلت جهة كلميم واد نون أعلى مدة استشفاء بمتوسط 4.5 أيام، بينما لم تتجاوز المدة في جهة العيون الساقية الحمراء 1.7 يوم فقط، وهو تفاوت يعكس ضعف العدالة المجالية في العرض الصحي.

🔸أزمة موارد بشرية حادة: طبيب لكل 7.9 آلاف نسمة

وحذر بووانو من نقص خطير في الموارد البشرية، حيث لا يتوفر المغرب إلا على:

• 1.8 مهني صحي لكل 1000 نسمة (أقل من المعيار الدولي 4.45/1000 حسب منظمة الصحة العالمية)

• 969 نسمة لكل ممرض أو تقني صحي، مقابل المعدل العالمي 300-500 نسمة لكل ممرض

• طبيب واحد لكل 7.900 نسمة، أي أقل من الحد الأدنى المطلوب (1/10000 نسمة)

وأكد أن بلوغ الحد الأدنى يقتضي توظيف طبيبين إضافيين و10 ممرضين لكل 10.000 نسمة، محذرًا من أن الأطر الحالية “تعمل فوق طاقتها الاستيعابية”، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات الصحية العمومية.

🔸ميزانية الصحة دون الطموحات.. و60% من التكاليف تتحملها الأسر

وفي الجانب المالي، أورد بووانو أن ميزانية الصحة لا تتجاوز 7.5% من الميزانية العامة و2% من الناتج الداخلي الخام، وهي أرقام ضعيفة مقارنة مع المعدل الذي توصي به منظمة الصحة العالمية (10%).

ووفق المندوبية السامية للتخطيط، فإن 60٪ من النفقات الصحية تمولها الأسر المغربية مباشرة، وهو ما يعمّق معاناة المواطنين، خصوصًا غير المشمولين بالتغطية الصحية.

كما أبرز أن الحكومة لم تحصّل الاشتراكات المطلوبة لضمان توازن نظام التأمين الإجباري، مما قد يؤدي إلى إفلاس وشيك للنظام، خاصة مع ضعف الانخراط وارتفاع النفقات الدوائية التي تشكل 32.4٪ من نفقات الصحة العمومية، في ظل أسعار أدوية تفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف نظيراتها في دول مجاورة.

🔸اختلالات الحكامة وفضائح الصفقات العمومية

بووانو كشف أيضًا عن تجاوزات خطيرة في تدبير الصفقات العمومية، منها:

• إلغاء صفقات تتعلق بالحراسة والنظافة في عدد من المديريات الجهوية والمندوبيات الإقليمية بشكل غير قانوني، ما يضرب مبدأ استمرارية المرفق العام

• تمرير صفقات كبرى بطريقة تفاوضية دون احترام المساطر القانونية، خصوصًا خلال فترة الطوارئ الصحية

• شبهات فساد مالي وإداري في صفقات بناء وتجهيز مستشفيات كبرى، منها المستشفى الجامعي بأكادير (2.5 مليار درهم)، ومستشفى تطوان-الحسيمة-طنجة (2.33 مليار درهم)، بالإضافة إلى صفقة المختبر الخاص بمستشفى ابن سينا بالرباط بقيمة 6 مليارات درهم

🔸الحماية الاجتماعية في مهب الريح..

في محور الحماية الاجتماعية، أكد بووانو أن 8.5 مليون مغربي لا يزالون محرومين من التغطية الصحية، وأن نسبة من لا يستفيدون من التأمين الصحي الأساسي تصل إلى 15% من مجموع السكان، أي 9.2 ملايين مغربي، في حين أن نسبة المستفيدين من التغطية التكميلية لا تتعدى 8% فقط.

ورغم الإعلان عن برامج مثل تعويض فقدان الشغل و”دخل الكرامة”، إلا أن الحكومة “لم تفِ بوعودها”، خصوصًا في ما يتعلق بالرفع التدريجي للأجور، حيث ما زالت أجرة الأستاذ المتدرب أقل من 2500 درهم شهريًا، بدل بلوغها 7500 درهم كما وعدت به الحكومة.

🔸الاستدامة المالية على المحك

أكد بووانو أن ضمان استدامة الورش يتطلب تعبئة سنوية تبلغ 51 مليار درهم، موزعة على ثلاث سنوات:

• 3 مليارات درهم سنة 2024

• 8 مليارات درهم سنة 2025

• 12 مليار درهم سنة 2026

وهو ما يطرح تحديات كبرى في ظل “ضعف تحصيل الاشتراكات، وتراجع المساهمة التضامنية، وصعوبة إصلاح صندوق المقاصة”، مما يهدد الورش في عمقه البنيوي والمالي.

🔚 ختاما

يكشف عرض الدكتور عبد الله بووانو عن صورة قاتمة لواقع المنظومة الصحية وورش الحماية الاجتماعية بالمغرب، مؤكدًا أن الأرقام والوقائع تُثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الحكومة أخلفت وعودها، وأهدرت فرصة تاريخية للإصلاح. وبينما تزداد التحديات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تملك الحكومة الإرادة والكفاءة لإنقاذ هذا الورش الوطني من الانهيار؟