أسعد الرجال بزوجاتهم من يغضون البصر ويتجنبون مواطن الشبهات..

18 أغسطس 2025 18:51

هوية بريس – جهاد حَجَّاب

الحقيقة أن أسعد الرجال بزوجاتهم هم الذين أنعم الله عليهم بنعمة غض البصر وتجنب مواطن الشبهات والتعفف عن كثرة مخالطة النساء. فيعيش اكتفاءً عجيبا بزوجته على بساطة جمالها.. بل يرى في بساطة جمالها كمَالها. فهو لا يقارنها بأي عاريات وعارضات.. ولا يطالبها أن تبدل خلقتها لترضي تصورات شوهها الإعلام عن الجمال ومعايير فرضتها المادية المتوحشة.

يظن كثيرون أن هذا الصنف من الرجال الأتقياء غير موجود.. لكنه موجود حقا تماما كما توجد نساء صالحات تقيات عظيمات. إنما هو رزق من الله جل جلاله يؤتيه من يشاء.. فليدع المرء ربه أن يرزقه التقي النقي البصير بقلبه السليم.

في عصر الفتن التي تلاحق المؤمنين.. صحيح أن العري والفواحش تدخل بيوت الناس عبر هواتفهم وأجهزتهم حتى وهم حريصون.. وقد يقع المرء في النظرة الحرام.. لكن إن صدقت توبته طهر الله قلبه ونقاه ومسح عن بصره إثم ما نظر إليه.

والكلام ينطبق على الأنثى كما الذكر [مع الأخذ بعين الاعتبار أن الذكر أشد افتنانا بالأنثى عموما] لكن الأنثى أيضا مطالبة بغض بصرها.. وفي هذا الزمان تتساقط الفتن كفطع الليل فهناك من لا تتورع في النظر للمغنين والممثلين والمشاهير وحتى العامة ممن يشاركون صورهم.. فقد تنبهر بمغني وممثل وتعتبره معيارها في الجمال فإذا ما جاء الزواج لم تجد الاكتفاء من أحد ممن يتقدمون لها وإن كانوا أهل صلاح وتقوى وخلق جميل. وكل هذا من شؤم ذنب إطلاق البصر.

لكن، لو أن الأنثى تغض بصرها سترى رفيق دربها بعين الطهر والنقاء فكأنه يوسفي الجمال ولو كان حسب معايير البشر أبسطهم شكلا وأقلهم جمالا.. لأن بركة الله حلت وظهر لها ذلك الجمال الذي لا يمكن أن يُرى بالبصر بل بالبصيرة.

وكذلك الرجل، فكم من نموذج نعرفهم شخصيا يرى في زوجته درة النساء وأجملهن ولا يحب أن ينظر إلى سواها فهي عنده أعز من أن يؤذيها بشيء يجرحها كنظرة شهوة محرمة لغيرها. وهذه كرامة ربانية يمنحها الله لمن حرص واستقام وأحسَن مخلصا.

أطهر الرجال قلوبا هو الذي ترفع تماما عن مقارنة زوجته وإيذائها. بل يتقبلها ببشريتها ويرى ندوبها الجسدية أو نقائصها جزءًا من رحلتها في الدنيا لم تختر هي أن تُجرح أو تكون بها ناقصة. بل يرى حرصها على أن تكون دوما جميلة في عينه فتلبس ما يسره وتتعطر له بما يطيب له شمه وتتزين له بما يسعده وتحاول أن تعفه ما استطاعت.. فيقدر منها كل ذلك الحرص والبذل ويبذل هو لأجل أن تتعف هي بمثل ما تبذل. فهو مدرك لآية: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}.. ويتأسى بأخلاق النبي ﷺ وصحبه الكرام الذين كانوا يتجملوم لزوجاتهم كما يتجملن لهم.. فتراه مرتبا طيب الرائحة نظيفا إذا جالسها سرها ومنحها الأمان.

وفي حال مرضت زوجته أو أصابها مصاب فلم تقدر على الاعتناء بنفسها كما اعتادت.. حنّ عليها واحتواها وطمأنها أنه يعرف طبعها الجميل وحبها لأن تكون دوما الأجمل في نظره، وأنها حتى وهي متعبة مريضة أو في حالة صعبة لا تقدر على منحه تجربة جمالية كعادتها.. يراها جميلة لأنها روح وقلب وعقل قبل أن تكون مجرد جسد ومظهر.. بل تراه يعينها إذا عجزت عن تمشيط شعرها، أو يحممها إذا أتعبها المرض، أو يعينها بما تحتاج.. وهذا من الإحسان الذي أكرمه الله به. وكذلك تكون هي له نعم السند إن مرض أو تعب فتعينه ليبقى دوما في أبهى حلته.. ليس فقط لناظريها.. بل لأجله هو أولا حتى لا يشعر أنه مُهمَل أو عاجز. وهنا تتجسد آية الرحمة والمودة والسكَن.. بل تتجسد أعظم آيات الله في وصف العلاقة العميقة المقدسة بين الزوجين.. {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}! فسبحان من خلق هذا النوع من الحب وخص به كائنين مختلفين في كثير من التفاصيل لكن جعل من هذا الترابط معبرا لتكامل جميل وشعورٍ هو رزقٌ عظيم كأنما أُنزِل معجلا من جنة النعيم.

اللهم ارزقنا العفاف وسلامة البصر من القتن وخلق غض البصر ونعمة الرضا والقناعة والاكتفاء بالهين اللين الطيب الكريم الحنون سليم القلب واجعلنا لأزواجنا خير محبين.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
9°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة