أطفال الشوارع.. ضحايا نزوة عابرة ومصدر تهديد للسلم الاجتماعي

24 أغسطس 2025 11:13

أطفال الشوارع.. ضحايا نزوة عابرة ومصدر تهديد للسلم الاجتماعي

هوية بريس – متابعات

يُعد أطفال الشوارع من أبرز المظاهر الاجتماعية المقلقة التي تتفاقم بشكل متسارع في المدن المغربية. وتزداد خطورة هذه الظاهرة حين ندرك أن نسبة كبيرة من هؤلاء الأطفال هم في الأصل أطفال متخلى عنهم، وُلدوا نتيجة علاقات جنسية خارج إطار الزواج، ليُرمى بهم في الشوارع منذ السنوات الأولى من حياتهم. وبين نزوة عابرة وسلوك غير مسؤول، يدفع المجتمع الثمن باهظا على المستويات الأمنية والقضائية والاجتماعية والصحية.

غالبا ما يجد الأطفال المتخلى عنهم أنفسهم في مؤسسات الرعاية أو يُتركون نهبا للشارع. ومع غياب التكوين، والتربية، والحماية الأسرية، يتحولون سريعا إلى ضحايا للانحراف أو الجريمة. تشير تقارير منظمات المجتمع المدني إلى أن نسبة مهمة من أطفال الشوارع يتورطون لاحقا في قضايا الإدمان على المواد المخدرة، خاصة “السليسيون”، وكذا في السرقة والسطو وجرائم العنف، بما فيها الاعتداءات الجنسية والقتل في بعض الحالات. الشارع لا يُربي، بل يُشوّه، ويزرع الحقد في نفوس أطفال لم يختاروا مصيرهم.

تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد أطفال الشوارع في المغرب يتجاوز 20 ألف طفل، معظمهم في المدن الكبرى كالدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة. هذا الرقم مرشح للارتفاع بفعل استمرار التراخي في مواجهة ظاهرة الأمهات من زنا، والتخلي عن دور الأسرة، وفشل السياسات العمومية في الوقاية والحماية والتأهيل.

في المقابل، تظهر آثار الظاهرة في ارتفاع القضايا المرتبطة بالأحداث في المحاكم، وتزايد الإنفاق العمومي على الرعاية الصحية والاجتماعية لهؤلاء الأطفال، فضلا عن التكاليف الأمنية المرتبطة بتعاملهم مع القانون.

المؤسف أن كل هذا ينطلق من سلوك فردي غير مسؤول، علاقة عابرة، نزوة غير محسوبة، تؤدي إلى حمل غير مرغوب فيه، فإلى طفل يُنبذ من لحظة ميلاده، ليصبح “قنبلة اجتماعية” موقوتة. في غياب تأطير ديني وقيمي يحمي العلاقة بين الجنسين ويضعها في إطار الزواج الشرعي، يواصل المجتمع إنتاج المزيد من “الأيتام الأحياء”، الذين يعيشون بلا انتماء، بلا سند، بلا توجيه.

الحل لا يكمن فقط في احتواء النتائج، بل في منع الأسباب وتقوية المنظومة الأخلاقية، وإحياء دور الأسرة، وتجريم الترويج للحرية الجنسية، وتعزيز التربية الدينية التي تردع وتحمي. فكل طفل يُولد خارج الحماية الأسرية هو مشروع مأساة قادمة، وكل شارع يضم طفلا تائًا هو خطر على نفسه وعلى المجتمع بأكمله.

إنها مسؤولية جماعية: تتطلب يقظة إعلامية، وإصلاحا قانونيا، وحزما دينيا، وتماسكا أسريا. لأن حماية الطفولة ليست خيارا، بل واجب حضاري وأخلاقي يحفظ استقرار الوطن وسلامة أجياله المقبلة.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة