أطفال الشوارع في المغرب مأساة تتفاقم في صمت

30 نوفمبر 2025 13:19

أطفال الشوارع في المغرب مأساة تتفاقم في صمت

هوية بريس – متابعات

في كل شتاء، تتجدد المأساة نفسها في شوارع المدن المغربية، حيث يواجه مئات الشبان والشابات قسوة الطقس بلا مأوى ولا دفء ولا حماية. ينامون تحت الجسور، في المحطات، قرب الأسواق، أو بجانب الجدران الباردة التي لا تمنحهم سوى وهْم الأمان.

يشتد عليهم البرد، وتتساقط الأمطار فوق ثيابهم الرقيقة، فيتحول الليل إلى معركة بقاء حقيقية يخوضها أطفالٌ وجدوا أنفسهم في الشارع قبل أن يدركوا معنى الطفولة أو الأسرة أو الاستقرار.

كثير منهم ليسوا مجرد متشردين بالمعنى التقليدي، بل هم في الأصل ضحايا. ضحايا علاقات جنسية خارج إطار الزواج لم تنتج سوى أطفالا غير معترف بهم اجتماعيا ولا قانونيا، فتُركوا في مواجهة قسوة الحياة بدون سند.

وهكذا يتحول الخطأ الأول إلى سلسلة أخطاء متراكمة يدفع ثمنها الأبرياء، وتُجسّد عاقبة الزنا التي حذّر منها القرآن الكريم: {إنه كان فاحشةً وساء سبيلا}. والمأساة هنا ليست فقط في مظهرهم البائس، بل في ما يجرّه الشارع عليهم من عنف واستغلال وإدمان وانحراف وخطر مستمر على أجسادهم ونفسياتهم ومستقبلهم.

مسؤولية هذا الوضع لا تقع على طرف واحد، بل تتوزع بين مؤسسات الدولة التي ما تزال سياساتها الترقيعية عاجزة عن محاصرة الظاهرة، ووزارة الأوقاف التي يُنتظر منها دور تأطيري وتوعوي أكبر لمحاربة التفكك الأخلاقي الذي أنتج هذه الحالات، والمجتمع الذي يغمض عينيه عن هؤلاء الأطفال ساعة الحاجة ويفتحها فقط عندما تتحول قصصهم إلى فضائح على مواقع التواصل. كما أن الإعلام بدوره يتحمل قسطا من المسؤولية، إذ كثيرا ما يتعامل مع الملف بمنطق الإثارة لا بمنطق التحقيق الجاد الذي يعرّي الأسباب ويضغط لتغيير الواقع.

إن مأساة أطفال الشوارع ليست قدرا محتوما، بل هي نتيجة تراكمات يمكن وقفها متى وُجدت الإرادة الحقيقية لمعالجتها. وستظل هذه المأساة تتكرر جيلا بعد جيل ما لم تُواجَه بجرأة تُسدّ بها ثغرات القانون، ويُعاد فيها الاعتبار لدور الأسرة والقيم والخلاق الدين في الحياة، وتُقوّى شبكات الحماية والرعاية الاجتماعية، ويُوقظ فيها الضمير الجماعي ليعي مسؤوليته قبل أن يصبح الإصلاح متأخرا.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة