أفلام الكرتون وتأثيراتها العقائدية على الأطفال
هوية بريس – أسماء الجريفي
شباب أي أمة، ليس كتلة بشرية من نِسبٍ متفاوتة بين الذكور والإناث، وإنما هو عزم الأمة، وقلبها النّابض وأملها الباسم في غد واعد، من أجل تحقيق نهضتها المنشودة، إن هذا الموضوع جدير للاهتمام والتّحليل لكونه يخص تلك الطبقة الصغيرة، حيث يضع أمام أعيننا تصورا كاملا للقضية بكل جوانبها العقائدية والأخلاقية والنّفسية وفي مناقشة هذا الموضوع أفلام الكرتون وغزوها الفكري والعقائدي على الأطفال، فنطرح إشكالية: ما حكم مشاهدة أفلام الكرتون وأثرها على العقيدة الإسلامية؟ ما هو السن المناسب لمشاهدة الأطفال التلفاز؟ ما أثرها النّفسي عليهم؟ وماهي السّبل والوسائل التي تمكن من اجتناب سلبياتها.
يعتبر الإسلام عقيدة وشريعة تعبدية وسلوكا يضبط حياة الإنسان، فالعقيدة الإسلامية لها أثر كبير في حياة الفرد والجماعة، إذا كانت راسخة في القلب فإنها تمده بالرّاحة والطّمأنينة والاستقرار في جميع المستويات، فما إن تدخل عليها العوامل المؤثرة الضارة حتى تتغير. برامج الرسوم المتحركة تعتبر أحد أبرز هذه العوامل، فبدورها قد تشكل خطراً كبيراً على عقيدة الأطفال المسلمين ويتجلى هذا الخطر في كون الكثير منها لا يعير العقيدة الإسلامية أي وزن، لأن منبعها قد يكون غربيًا أو مسيحيًا، وكثير منها هدفه إزاحة العقيدة الإسلامية الصحيحة، وكذا إدخال الشك في مبادئ الإسلام وغرس المعتقدات المنحرفة في المقابل. كعقيدة التّثليث، وعبادة الأصنام، أو ما يمكن أن تتأثر به فطرة الطفل حين يرى شخصيته المفضلة تقبل الصّليب وتشعر براحة وأمان إزاء ذلك.
من بين الأضرار كذلك على عقيدة الطفل ما يمكن أن يتوهمه بأن الكون تدبر شؤونه كائنات خيالية وليس الله عز وجل. فهذه البرامج تعمل على ترسيخ الإيمان بالسحرة والمشعوذين، وتصديق ما يدعون وأن لهم القدرة على تغيير مسار القدر، وبمشاهدة الطفل ذلك فيتأثر ويعتقد أن ذاك هو الحق فتنعكس المشاهدة على سلوكه فتجده يقبل حجرا أو ينحني ساجدا له، أو يتوسل إلى الشمس من أجل تحقيق رغبة ما والأمثلة كثيرة يطول المقام لحصرها، كونها ترسخ فيه معتقدات بعيدة عن الدّين الحنيف، فيحصل بذلك اضطراب العقيدة في النّفوس.
ومن أثرها النّفسي أيضًا، نجد أن العنف المرئي عبر التّلفزيون يزيد من استجابة العدوانية للطفل بنسبة 10٪ كيف ما كان الوسط الاجتماعي والتعليمي، فقد أتبتت الدّراسات أن برامج الأطفال تتضمن مشاهد العنف أكثر من برامج الكبار، وأنها تحتوي على 80 مشهد عنف في السّاعة. في دراسة قام بها د.جوردن غرايفمن في المعهد القومي الأمريكي للصحة أوضح أن بعض مشاهد العنف التي يراها شخص حتى وصوله 18 سنة من العمر هي 20000 مشهد عنف و40000 مشهد جريمة قتل وهذا مما يساعد على برمجة العقل على الجريمة والعنف.
الأضرار الصّحية، هناك أضرار كثيرة خاصة إن كان طفل رضيعًا، وذلك نظرًا لاستكمال الدّماغ والمخ نموهما في هذه الفترة. وفي هذا الصدد أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بعدم السّماح للأطفال دون الثانية من العمر بمشاهدة التّلفزيون بما لا يزيد عن ساعتين يوميا، لكن في أخر اجتماع لها في 2016 سمحت بمشاهدة الطفل التّلفاز أو الشاشات بعد تمام عام ونصف وصولا إلى عمر الخامسة شرط ألا يتعدى ساعة واحدة يوميا ويفضل أن تنقسم على مرتين نصف ساعة في كل مرة، ثم زادتها إلى ساعتين من عمر السّادسة إلى العاشرة. وجد ديمتري في دراسته، أن الأطفال الذين شاهدوا التّلفزيون كالأطفال الرضع كانوا أقل قدرة على التّعرف على الحروف والأرقام عند ذهابهم إلى المدرسة. كذلك زعزعة الأمن ونشر الخوف. الإضرار بحاسة البصر يتبن في وجود أطفال يعانون من جفاف قرنية العين، ويعانون من صداع والهالات سوداء. وكذلك ما يحدث من أضرار بأجساد الأطفال الذين يقلدون كل من السّوبرمان والرجل الحديدي وغيرهما، وكذا الكبار الذين يقلدون الملاكمين والمصارعين. كل هذه فبعض تأثيرات سلبية على صحة الأطفال ناتج عن مشاهدتهم للتلفزيون.
من بين البدائل التي يمكننا أن نقدمها للأطفال:
ـ الجلوس مع الطفل أثناء مشاهدته للكرتون، وكذا مناقشة ما يأتي فيه وتعليمه الصحيح من الخطأ، مع تنبيه للأخطاء العقدية التي تصدر في تلك الرسوم بشكل يناسب عقليته.
ـ تخصيص مكتبة للصغار تحتوي على أشرطة خاصة تناسب سنهم .
ـ الحرص على مجالستهم، وقضاء بعض الأوقات معهم.
ـ فلترة برامج الرسوم المتحركة ومتابعتها قبل طرحها للمشاهد الصغير .
ـ محاولة الذهاب بهم لحلقات تحفيظ القران والحدائق وزيارة الأقارب مع ضمان عدم مشاهدتهم للرسوم هناك.
وفي ختام موضوعنا هذا تأثير مشاهدة أفلام الكرتون على عقيدة الأطفال والذي يعتبر من أهم الموضوعات التي تواجه هذه النّاشئة الصغيرة، فأتمنى أن أكون قد شملت في مقالي جميع العناصر والأفكار وهذا الجهد قليل فهو قليل على البحث العلمي ولكن يكفيني شرف المحاولة، فإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وإن وفقت فمن الله عز وجل.
مقال جميل شكرا لمن كتبته.