رغم أننا في شهر كريم من شهور الله المعظمة، والتي لها في قلوب المؤمنين محبة خاصة وتقديرا خالصا، لكن وبما أننا في زمن تتغير فيه القيم حثيثا وبشكل رهيب، فقد تولى عن رمضان ذلك التقدير والتقديس من لدن كثير من المسلمين، أما زمرة بني علمان؛ غلمان الغرب وسدنته في بلدان المسلمين فجرأتهم على هذا الشهر فاتت المتوقع.
فهذا الشهر تعظيمه كان في زمن مضى يفوق الخيال، كما فاق الخيال تدنيسه من لدن بعض الجهلة وما أكثرهم، ولم تبق إلا بقية ممن سلمها الله من انسلاخ الهوية وانتكاس الفطرة. لذلك لم تعد تغن بعض المظاهر، ولا تسر بعد الوقائع مما يقع في رمضان، وغالب أيام رمضان ولياليه لا تخرج عن وضع ما قبل رمضان، ولا بعده من انحرافات وسلوكات يندى لها الجبين. وكأننا لسنا فيه شهر له خصوصيته الروحية والدينية، وعليه فإنما نعيشه ونعايشه من مظاهر الخنا والانحلال والمجاهرة بالمعاصي وهلم جرا… في هذا الشهر دليل على فساد الباطن وسوء الطوية وانعدام التقوى التي تحمل أهلها على تعظيم ما عظم الله، مصداقا لقوله تعالى: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب“.
هذا الاستهتار ليس حكرا على هذا الشهر الفضيل وهذه الفرصة الغالية والزمن المبارك، بل إن بيوت الله لم تسلم في رمضان ولا في غير رمضان، فلها حظها من تدنيس قليلي المروءة وعديمي الحياء، فجنباتها توحي بأن الناس فاقدوا الشعور بقدسية المكان، أو أنهم ليسوا بجوار بيت من بيوت الله، أحوال قد لا يعبأ بها البعض، ولكن لها دلالات خطيرة يدركها من يدركها ممن شاء الله من خلقه، وعلامة خطرها هي تطورها كما وكيفا مع الزمن، والقادم يعلمه الله.
وهنا لا بد من أن نوجه اللوم ونحمل المسؤولية للساهرين على الشأن الديني للمغاربة، والذين يبدون حرصا على خصوصيتهم ومقدساتهم الروحية والدينية. وأنهم أولى من يتصدى لمثل هذا الاستهتار بحرمات الله الزمانية والمكانية، كما أنها رسالة موجهة إلى عموم المغاربة المسلمين، نقول لهم اتقوا الله في حرمات الله، ربوا أنفسكم وأهليكم على تعظيم شعائر الله وتقدير حرماته، فإن الواحد منكم لو تجرأ أحد وتطاول على بيته أو ممتلكاته ما قبل ذلك ولا رضي به، ولله المثل الأعلى فإن التجرؤ على حرمات الله لا تكون عاقبته إلا خسرانا وهلاكا. فلنتق الله جميعا قبل أن يحل بنا سخط الله، وما ربنا بظلام للعبيد.