أكاديمي بريطاني: الإمارات تستغل الصوفية لإيجاد قاعدة أيديولوجية ودينية لسياستها العدوانية بالمنطقة
هوية بريس – وكالات
يقول د. أندرياس كريغ المحاضر في الدراسات الأمنية بكلية كينغز بلندن إن الإمارات لا تختلف عن القوى الأخرى التي تستخدم الدين لخدمة سياساتها لكنها تتبنى نسخة أخرى من الإسلام السياسي.
وأوضح كريغ الزميل بمعهد دراسات الشرق الأوسط -في مقال له بموقع ميدل إيست آي البريطاني- أن ما يسود في الغرب حاليا من أن الإمارات تتبنى العلمانية في سياستها الخارجية لا يستقيم مع الواقع.
وأضاف أن الرواية التي تستند إليها أبو ظبي حول “التسامح، التعايش الديني” زائفة وتخدم الترويج لشكل آخر من الإسلام يتصف بالهدوء السياسي وهو الصوفية.
قوة الدين والأيديولوجيا
واستمر يقول إن الإمارات تعلم تماما قوة الدين والأيديولوجيا لحشد المجتمع المدني أو منع حشده بالعالم العربي، ولذلك اختارت الصوفية قاعدة أيديولوجية ودينية لتتلاءم مع موقفها في السياسة الخارجية بالمنطقة.
وقال إن الرواية الإماراتية صُممت عن قصد لاجتذاب الجمهور الغربي، خاصة الأميركي عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 وصعود الإسلاميين خلال الربيع العربي وظهور تنظيم الدولة الإسلامية، لكن “عداءها” للإسلام في الحقل السياسي لديه وجه آخر أكثر شرا وهو عدم تسييس المجتمع المدني وفي نفس الوقت احتكار القوة الاجتماعية السياسية والسلطة من قبل الدولة.
وأشار إلى أن خوف الإمارات من الإسلاميين يرتبط بخوف أعمق من “القوة الناعمة الجاذبة” للإسلام السياسي المعارض للأنظمة الاستبدادية الموجودة بالمنطقة، وأن قلق النخبة الإماراتية من الإسلام السياسي ينبع من الاعتقاد بأن الاعتقادات الإسلامية عندما تتضمن أهدافا سياسية لا يمكن السيطرة عليها من قبل الدولة أو النظام، وبالتالي ستخلق دينامية تهدد الوضع القائم مثلما كانت ثورات الربيع العربي.
القوة الأولى المعادية للتغيير
ومضى الكاتب إلى القول إنه وعندما بدأ الوضع القائم يتداعى عام 2011 سارعت الإمارات إلى حشد قدراتها المالية والعسكرية لتشكيل المستقبل الاجتماعي السياسي للمنطقة من ليبيا ومصر واليمن إلى السودان لتصبح القوة الأولى المعادية للتغيير والثورات والتي تدعم الأنظمة المعادية للمجتمع المدني، وتقف مع حكم العسكريين وتتحصن ضد جاذبية الإسلام السياسي.
لذلك كانت الإمارات بحاجة إلى رواية بديلة للإسلام تغطي على الممارسات الاستبدادية، وتصورها كعمليات لمكافحة الإرهاب ولصالح “التسامح” العلماني.
واختار حكام الإمارات الصوفية وهي “الفرع” الأهدأ سياسيا في الإسلام والأقوى تبنيا لفضائله الأكثر جوهرية، وهو ما يروق للغرب.
واستخدمت تلك الدولة الصوفية بمهارة لتمثيل “الإسلام الحقيقي” الذي يوفر علاجا واضحا للعناصر “المتطرفة” من السلفية، مع توفير أساس تبسيطي لمناهضة “التطرف” يستند بالكامل إلى “الدين” وبالتالي إهمال الأدلة الدنيوية الاجتماعية والسياسية التي تدفع إلى “التطرف”.
نسخة هادئة
ولذلك قامت أبو ظبي برعاية مراكز “دينية” في ليبيا ومصر والإمارات، لنشر نسخة “هادئة” من الإسلام، لكن وبعد النظر الفاحص نجد أن هذه النسخة هي الأخرى سياسية بنفس القدر من الفعالية مثل الأشكال الأخرى للإسلام السياسي.
بعد ذلك، أخذ المحاضر يستعرض أمثلة التسييس لما تزعم الإمارات وحلفاؤها بأنه بعيد عن السياسة، وبدأ بمؤتمر غروزني 2016 عن الإسلام السني الذي موّلته الإمارات ومصر وتم التنسيق له مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف والذي انتهى إلى رفض “النشاط السياسي”. وقال الكاتب إن هذه الرسالة التي بثها المؤتمر في جوهرها رسالة سياسية.
والمثال التالي -يقول الكاتب- منبر تعزيز السلام في المجتمعات الإسلامية بقيادة العالم الشيخ عبد الله بن بيه الذي دعا إلى الفصل بين المسجد والدولة. فهو ذو رسالة سياسية أكيدة وهي عدم تسييس المجتمع المدني وجعل طاعة ولي الأمر من فضائل الإسلام.
شبكة تبريرات
وعندما استخدم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبدون تمييز، العنف للهجوم على الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة، وعندما هجم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعنف على معارضيه، أو عندما فتح المجلس الانتقالي بجنوب اليمن معسكرات التعذيب، وفّرت الإمارات شبكة للتبرير الأيديولوجي والديني.
وأضاف الكاتب أن الإمارات أصبحت فاعلة في إعطاء الشرعية لحفتر والسيسي -ولنظامها هي- باستخدام التسامح في الإسلام “للتعايش الديني” وفي نفس الوقت شرعنة عدم التسامح ضد المعارضين للوضع الاجتماعي السياسي القائم.
وختم بقوله إن استخدام أبو ظبي للدين خلق استقطابا ثنائيا زائفا في الإسلام بين الصوفية والأشكال الأخرى للإسلام السياسي، أحدهما في قبضة النظام والآخر يسيطر عليه معارضوه.
المصدر: قناة الجزيرة-ميدل إيست آي.