ألمُ نزعهن الحجاب
هوية بريس – جهاد حَجَّاب
سأحكي لكم موقفا ييسر على الكثيرين فهم حديثي الكثير والمتكرر عن الحجاب بحرقة، ومزجي بين خطابين عقلي وعاطفي، بدل تبني خطاب علمي عقلي بحت.
••
من بين أعز وأقرب الصديقات والمقربات من خلعن الحجاب. وأكثر موقفين أثرا بي اثنان. واحد كان أول صدمة من أعز من عرفت. والآخر، ليس الموقف الثاني، لكنه موقف من بين المواقف المتتالية، وكان الأشد على قلبي، موقف مع صديقة كانت حبيبة على قلبي [ولازلت في مكان ما بأعماقي وذكرياتي] لروحها العفوية وصفاء قلبها معي، وشفافيتها في التعامل.
ولأن خصالها كانت طيبة، اتصلت بي مرة وطلبت مني اللقاء في العاصمة بمطعم جميل، ذهبت للمطعم والتقينا هناك، واحتضنتها لأنني لم أرها ولم نتحادث منذ أشهر. وقالت لي أن هذا اللقاء خاص بالنسبة لها. تحمست وودت معرفة السبب، تغدينا وتحادثنا عن أحوال الحياة والمستجدات الجديدة وضحكنا كثيرا فرحا ومرحا، ثم جلسنا على شرفة بالمطعم بعد الغداء نحتسي الشاي، سكتت لمدة ثم قالت لي: سأتخذ قرارا مهما، ولأنك من أعز الناس عندي ومن أكثرهم إعانة لي على تمالك نفسي في مواقف عديدة، ولأنني أحترمك جدا وأقدر كل معتقداتك….”
وهي تتحددث ساورني شعور سيئ، وكأنها ستخبرني عن شيء سيجرحني..
أتمت: أنا رح نحي الحجاب، ومحبيتكش تكوني آخر من يعرف أو تشوفي القرار على السوشال ميديا مثل البقية.. لأنك تعني لي بزاف، أعلمتك أولا.
لحظتها دمعت عيناي، لأنه ترآى لي صور العزيزات ممن خلعنه سابقا، وكأنه جرح يزداد عمقا كل مرة..
وقالت وهي تؤكد لي: ما رحش نتغير، أنا أنا، مثلما عرفتيني ديما.
••
لكنها تغيرت جدا، بعد أشهر حظرتني من كل حساباتها.
••
في تلك اللحظة عانقتها ورجوتها أن تتراجع.
فقالت: والله قرار نهائي.. لا أشكك فيه، لكن لم أجد ذاتي فيه.
حاولت الحوار معها عن السبب الأعمق لهذا الخيار، وطرحت عليها كل سبب ممكن وأن هناك سبيلا للعلاج.. لكنني استسلمت لأنها لم تكن مهتمة بالإنصات.
عموما.. فراقنا كان غريبا، وعامرا بالمشاعر المكبوتة، لأنني لم أستطع أن أصر مرة أخرى عليها لتتراجع.. لأنني مررت بمواقف مشابهة تعرضت فيها لخيبات عظيمة.
••
مهما كانت الواحدة قوية، فتراكم المواقف يكسر الأقوى فينا.
••
وغادرت وأنا آمل أن نبقى على وصال، لأنني تعرضت للحظر من صديقات سابقات، وأدركت لاحقا أن منشوراتي تزعجهن وإن كنت لا أقصدهن. لكن بطريقة ما، يصبح الأمر ثقيلا عليهن، كأنه نداء ضمير يحاولن كبته وهذه المنشورات تحرره، أو هو مسح لكل ما يذكرهن بصورتهن القديمة التي بتن يمقتنها ويحرقنها بأي طريقة.
••
عموما،
أحاول ألا ألتفت.. وأستمر بالكتابة ولو كلفني ذلك خسارة البعض، لأنني في كل مرة أوضح [حرصا على مشاعرهم] أنني أحلل الحالة لا الشخص، وأقصد التوجيه لا الهجوم ولا العتاب، تحليل وتطبيب بغرض الفهم والتشخيص وإيجاد حل وتجديد دعوة.
••
من تخلع الحجاب لن تشعر بهول المصيبة، لكن من يحب لها الجنة والخير هو من يتألم ويتأذى كثيرا.
••
لكني لم أتوقف عن الدعاء يوما لكل صديقاتي.. آملة أن الله سيستجيب بطريقته الأحكم والأعدل.
••