أية أجوبة لأية أسئلة
هوية بريس – ابراهيم أقنسوس
عند العلماء والمفكرين والمثقفين عموما، السؤال هو باب العلم، ومفتاح المعرفة، وزناد الفهم والإدراك، لذلك اعتبر السؤال أهم من الجواب أحيانا كثيرة ، لأنه يتضمن الجزء الأكبر منه، وأحيانا يتضمن كل الجواب، بلا تعيين ولا تفصيل؛ ويبقى الأهم دائما، هو ما بعد السؤال والجواب، وهذا بالضبط هو ما يحدد الفرق، بين سؤال وسؤال، وجواب وجواب.
مناسبة هذا الكلام هو ما نتابعه أحيانا، من أسئلة وأجوبة، ضمن ما يسمى بالجلسات البرلمانية، حيث يعمد بعض النواب الحاضرين، إلى قراءة أسئلتهم، ليقوم بعض الوزراء، بالإجابة عنها، أو بما يسمى كذلك، في وقت لا يبدي فيه جل المواطنات والمواطنين، أية أهمية لهذا الذي يسمى أسئلة وأجوبة، لأنهم ببساطة، لا يرون لها من قيمة تهم حياتهم وقضاياهم الأساس، ما يعني أن أهم سؤال حقيقي، يجب طرحه قبل كل تلك الأسئلة، هو لماذا هذا العزوف، الذي تحول عند الكثيرين من المواطنين إلى ما يشبه اليأس، الممزوج بالسخرية أحيانا كثيرة ؟؟، والسبب الواضح والصريح، أن هؤلاء المواطنين والمواطنات، لا يلمسون ولا يجدون علاقة حقيقية، بين ما يعيشونه ويكابدونه بالساعات والأيام، وبين ما يشغل هؤلاء الناس داخل هذه القبة؛ فالمواطنون تعبوا من لغة المزايدات والشخصانيات التي تشغل الكثير من الساسة والبرلمانيين، وتعبوا من خطابات تتخذ من قبة البرلمان مكانا لتصفية الحسابات، والتعبير عن الأنانيات الضيقة، وأصبحوا أكثر من أي وقت مضى، يبحثون عن حلول محددة، لمشاكل محددة، وفي أقرب الآجال، وبلا بهرجة، ولا بلاغات عنترية، ومعضلاتهم الأساس واضحة، ( الغلاء، الشغل، السكن، النهوض بالخدمات العمومية وتأهيلها، ويأتي على رأسها: المدرسة العمومية، المصحات والمستشفيات العمومية، المرافق الإدارية )، وينتظر المواطنون والمواطنات أن ينعكس إصلاح هذه الخدمات، على حيواتهم وعوائدهم اليومية، التي ترهن وجودهم؛ قفة السوق، فاتورة الماء والكهرباء، أثمنة الأدوية، أثمنة البنزين واللحوم والدجاج.
هذه وغيرها هي التغييرات التي ينتظر المواطن أن تصله وتنهض به، وتنتشله من معاناته، وإلا فكل ما يقوم به ساكنو قبة البرلمان، لا يعدو أن يكون احتفالا أسبوعيا، بتوزيع الكلام، وإثارة السجال حول أشياء، أقل ما توصف به، أنها لا تعني عموم المواطنات والمواطنين، ولا تهمهم في شيء، وحين يجد الجد، وتصبح قضايا المواطنين الرئيسة في خطر، يتدخل ملك البلاد، على عجل، ولنا أن نفكر في الإجتماع الأخير، حول أزمة الماء ببلادنا كمثال، ليبقى السؤال مطروحا؛ ماذا تعني هذه الأسئلة والأجوبة، إذا كانت لا تحل معضلات المواطنين ولا تخدم قضاياهم ؟، وماذا يعني طرح الأسئلة حول قضايا معينة، ورفع الأصوات مطالبة بمعالجتها، من طرف من كانوا بالأمس مسؤولين مباشرين عن إيجادها واستفحالها ؟؟، ثم غادروا، كما غادر غيرهم، بلا محاسبة ولا مساءلة حقيقية، ليعودوا بعدها في الانتخابات الموالية، لطرح الأسئلة حول ما تركوه وتسببوا في اقترافه، ما يؤكد أنه، حين تغيب الديمقراطية بمقتضياتها القانونية والواقعية، وحين تتحول المحاسبة إلى حملات وبلاغات وحسابات، نصبح أمام مشاهد سريالية، ولست أدري ماذا يتبقى بعدها، من معنى، لهذه الأسئلة والأجوبة.