أيلال لم يؤلف كتابه
سامي فسيح و بدر الجنيدي
نشرنا منذ يومين أن كتاب نهاية اﻷسطورة غاص بالسرقات العلمية المفضوحة، حيث واجهتنا عند مطالعته قصد الرد عليه، لحظات تسآلنا فيها بصراحة : ماذا يفعل هذا الرجل بنفسه، و لماذا ينتحر علميا؟ لماذا لم يقرأ كتابا مبسطا في كيفية إعداد البحوث؟.
لقد دخل في مغامرة غير محسوبة جعلت بحثه فاكهة مجالس الطلبة،أظن أن حملته الإعلامية التي استغل فيها علاقاته بصفته كصحفي، والدعاية التي روجت للكتاب كانت خطوة رابحة لدار النشر، ثم انقلب السحر بعد ذلك على الساحر،فسرعان ما خضع الكتاب لمبضع العديد من طلبة العلم و اﻷصدقاء الباحثين، وعلى رأسهم اﻷستاذ الدكتور إدريس الكنبوري الذي جرد في مقال له لمحات عن هاته السرقات التي أرغمت “رشيد أيلال” على الاعتراف بصحة دعاوى السرقة العلمية ، ودافع عن نفسه بضرورة مناقشة ما نقل، و هذه لعمري رزية به و بمن اعتبره باحثا متعمقا كتب في فن أعمق،و من طبل و زمر له كذلك.
و في نظرنا لقد رفع الكاتب سقف التحديات،و الإدعاءات حتى تهاوى عليه السقف بما حمل،و لمزيد بيان لنوعية السرقات التي قام بها نشير إلى فعلته الشنعاء التي دشن بها الكتاب بعدما عنون لمبحث ب “منع الرسول الصحابة من تدوين كلامه ” ص 17،انطلق في بدايته بجمل استعراضية يوحي بها للقارئ على أنه باحث متكمن، مطلع محيط بدقائق المباحث التي سيخوض فيها،مشيرا إلى أن عامة الناس تعتقد أن السنة وحي ثم العناية بها مثل القرآن، وأن العكس الذي سيكشفه لنا هو الصحيح… حيث أن النبي عليه السلام منع صحابته من تدوين كلامه،معتبرا أنه يقدم الجديد الذي كان مستورا حتى أتى بمشرطه ليبقر بطن العلوم و يأتي بالحقائق،فبدأ بسرد أدلة المنع من الكتابة دليلا متغافلا عن أدلة الاباحة ، و العجيب أنه ساق أدلة حديثية، ليقع في الدور، أي كيف تمنع كتابة الحديث بالحديث، و نسلم له أن أراد إلزامنا بما نستند إليه،كأنه يقول :”أنتم تعرفون أحاديث النهي و تخالفونها “، و فعلا عنون للفصل القادم بما يشبه هذا.
نستمر معه في عرض اﻷدلة المانعة، فتارة يردك لصحيح مسلم،تارة لتذكرة الحفاظ للذهبي ،تارة لغيرهما،و كأن الرجل عاد بنفسه إلى هاته المصادر و نقل منها، لينهي الفصل بالاستشهاد بقول أبي رية و تعليقه على السابق من الروايات التي ساقها و هنا مقتله،حيث عدنا إلى صحيح مسلم فوجدناه بثر من آخر الحديث الجملة الآتية:”و حدثوا عني و لا حرج،و من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار”، هذا الزيادة لا تخدمه حيث ذكر ما يواقفه في منع الكتابة فقط، و إباحة التحديث التي في الزيادة المبتورة تشوش عليه، حيث اكتفى بقول الرسول (ص):” من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه”، ثم أورد من مراسيل أبي مليكة المذكور في تذكرة الحفاظ، حيث فيه أن أبا بكر يأمر بالاكتفاء بالقرآن فقط،و أغفل تعليق الإمام الذهبي عليه و توجيهه له، حيث ألأصل أن اﻷثر في مقام بيان منهج الصديق في التثبت من الخبر النبوي لا منعه.
مما طرح في أذهاننا سؤالا واضحا مفاده هل يطرق صاحبنا المصادر؟،
فعدنا لأبي رية لنجده أورد تلك الأثار نفسها، وبنفس الترتيب تقريبا، و الغريب أن الردود على أبي رية أتت على كلامه من القواعد مفندة لها و أبرزها رد الامام المعلمي، بل اﻷدهى من ذلك أنه وقع في نفس أخطاء من نقل عنه كاتما لاسمه: من اجتزاء للحديث ،و إيراد للآثار في غير موضعها، و هذا يفتح بابا للسؤال هل يعلم باحثنا أيلال الذي قضى 16 سنة في البحث عن ردود الإمام المعلمي و غيره؟.
مما يجعل استدعاءه لأبي رية في آخر المبحث ليعلق على النصوص بعد أن أخفاه ابتداء، دليلا واضحا على السرقة،و عدم إتقانه لفن التعامل مع الروايات و الاستنباط منها ،أو أنه أراد أن يوهمنا بسعة اطلاعه حتى وافقت قدمه قدم محمود أبو رية في كتابه “أضواء على السنة المحمدية”فأتى بتعليقاته، و صار يدندن هو حول رأيه،فالمسكين أخفاه في اﻷول ثم استدعاه في اﻷخير، وقد أشار الأستاذ سمرين يوسف لهذه الحقيقة أيضا .
هذا نموذج نسوقه فقط ملخصا من كتابنا، لييان أن ما نحن بصدده هو تبيان أن كتاب اﻷسطورة هو ليس من تأليف صاحبه،هذا من جهة، و من أخرى سنشتبك مع من نقل عنهم بأسلوب مبسط نقربه من أذهان غير المتخصص في هذا الفن، حتى لا يعتقد أن مثل هذه البهرجات تمثل العلم، أو منهج البحث الرصين، الذي يصدق في الإحالة على أصحاب اﻷقوال، و عرض المسائل بعيدا عن لغة التعسف و الاستعلاء التي أتقنها كاتبنا، و احتفظنا منها بنماذج سيقف عليها القارئ الكريم مفصلة في كتابنا..
رد في غاية الروعة ..زادكم الله حرسا وتوفيقا