أين أصحاب تجديد الخطاب الديني مما يجري في غزة وفلسطين والمنطقة برمتها؟؟

أين أصحاب تجديد الخطاب الديني مما يجري في غزة وفلسطين والمنطقة برمتها؟؟
هوية بريس – إبراهيم الطالب
إن ما نراه من خطاب ديني طاغ على السياسة الأمريكية الصهيونية، وما يصرح به السفير الأمريكي ووزراء الكيان، هو خطاب ديني غارق في الإرهاب والجريمة، يدفعنا إلى التساؤل:
لماذا لم تشمل تلك الحملة تجديد الخطاب الديني للصهاينة المهيمن اليوم؟
الجواب:
لأن الحملة كانت تستهدف إفراغ الإسلام من حمولة “العنف الشرعي” الذي كان يتحول إلى مقاومة وجهاد ضد الاحتلال الذي كانت تقوم به الدول الكبرى وغيرها من دول الصليب، مثل الاتحاد السوفيتي في بلاد الأفغان وروسيا في الشيشان وصربيا في البوسنة والهرسك، وأمريكا في الصومال والعراق وأفغانستان، والكيان في عزة وفلسطين وجنوب لبنان والجولان.
الهدف من وراء حملة تجديد الخطاب الديني كان واضحا لكل زعيم أو مفكر أو عالم أو داعية مسلم ونزيه، لكن حملة بث الإرهاب والترهيب الممنهجة كانت أقوى، حيث اعتمدت على “عنف الدولة” وإعلام الدعارة الفكرية، الذي كان يحارب أصحاب اللحى من كل التيارات الإسلامية، وينشر الأكاذيب ويضلل الناس، ويقلب الحقائق.
فمن سيحاسب هؤلاء الذين قاموا بأكبر جريمة في حق الأمة الإسلامية وتاريخها العظيم، ففسحوا الطريق لمجرمي الحرب الذين نراهم اليوم يصرحون بشرعية قتل الأطفال والنساء وقصف الدول واحتلال أراضيها؟
يمكننا اليوم أن نخلص إلى حقيقة أن من تزعم حملة تجديد الخطاب الإسلامي في بلداننا كانوا متواطئين منافقين، في حين أنجحها السياسيون الفاسدون والجهال من الدعاة والإسلاميين.
لقد كانت حملة تجديد الخطاب الديني في البلدان الإسلامية موازية للحرب التي أعلنها بوش على الإرهاب، وكان واضحا أن من هندسها وخطط لها هي الاستخبارات الصهيوأمريكية، لذا تم إخضاع خطاب المساجد لأوامر زعماء الحملة والحرب، وكذلك وقع مع المقررات الدراسية وخطاب التيارات الإسلامية، فلما جاءت الفرصة للعدو ها نحن نراه يستغل نتائج الحملة والحرب المذكورتين:
جيل تائه ولد خلال الأحداث نزعناه من بن لادن والجهاد باسم محاربة الإرهاب وأسلمناه لطوطو باسم ثقافة التعايش والانفتاح.
ويذكرني هذا بما أفادني به أحد الأصدقاء وكان يشتغل في سفارة المغرب في إحدى الدول، وكان على رأسها سفيرة، وخلال اجتماع عمل أخبرتهم بأنها ستنزل إلى البلد للمشاركة في الإعداد لمهرجان موسيقي مساهمة منها في محاربة الإرهاب.
وكذلك كان يقول إلياس ومن أتوا به: جئنا لمحاربة أسلمة البلاد.
لم يكن الأمر مقتصرا على بلادنا، بل كان هذا هو المنهج على طول بلاد العرب، وآخرها اليوم السعودية التي تشهد ارتفاعا لوتيرة مشاريع إفراغ الشباب من حمولة المسؤولية الدينية عن الأمة باسم الانفتاح والرجوع للإسلام الذي كان قبل ما سمي بالصحوة، وكأن السعودية قبل السبعينات كانت تستقبل ممثلي هوليود ومغنيي الأوبرا.
لقد مات الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1206هـ أي ما يوافق 1792م، فأصبحت بلاد الحرمين منطبعة بدعوته ومنضبطة بشكل واسع بمقتضيات المذهب الحنبلي والعقيدة السلفية التي سماها الإنحليز بالوهابية، والإنجليز منذ ساعتها لم يهدأوا حتى دخل طوني بلير وبوش العراق، ليتم بعد عشرين سنة تركيع الدعوة “الوهابية” لحملة تجديد الخطاب الديني فتأسست هيئة الترفيه لتحل محل هيئة الحسبة، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحجم المليارات التي تصرف على الترفيه اليوم في بلاد الحرمين مدهش لدول الغرب قبل دول العُرب، خصوصا وأن البلاد تعيش أزمات اقتصادية وتعرف مديونة لا تزال في تصاعد مستمر وهائل.
إن الحملة والحرب قد كان من ضحاياها مئات الآلاف من خيرة علماء وشباب الأمة لا يزالون في السجون، رغم أن الأمريكان قد فككوا غوانتانامو، هذا دون ذكر أضعاف أضعافهم الذين تم قتلهم في المعارك وفي غيرها من خلال الاغتيالات المدروسة.
لتجد الحملة الصهيوأمركية المجال فارغا من كل مقاومة.
فهل استوعب ساستنا الدرس؟؟
إن على الدول الإسلامية إن أرادت ألا يقع لها ما وقع في قطر أن ترجع وبسرعة فائقة إلى القوة التي تحدث عنها الإسلام، والتي تمثل القوة الوحيدة التي ترهب عدو الله وعدو المسلمين وهي الأسلحة عندما تكون بأيدي المؤمنين.
إن عليها أن ترفع رأسها بالخطاب الإسلامي القرآني الذي يحفظ الجاهزية للدفاع عن الدين والبلاد والعباد لدى الأجيال، فتنتصر لذلك الخطاب في المساجد والمعاهد والجامعات، بدل هذا الخطاب الذي يتم من خلاله تهذيب وتشذيب الدين ليتماشى مع مقتضيات العلمانية الدولية التي حكمتنا منذ استقلالاتنا التوافقية، بل وقبلها.
إن الدول الإسلامية اليوم مدعوة لتنقية خطابها من فجور العلمانية الذي يبث في الشباب والرجال روح التخنث والعهر والتسيب، فيجعل همهم قاصرة على بطونهم وما تحتها، ويحشو رؤوسهم بالشبهات حول دينهم وعقيدتهم ومنظومة قيمهم التي بنت للمسلمين حضارة وقوة ظلت عصية على حملات الصليب والتتار وكسرت الروم والفرس، ودانت لها أغلب شعوب الأرض.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.



