أين النساء المشتغلات في حقل العلم والدعوة من قضية المساواة في الإرث؟
ذ. نبيل جزنائي – هوية بريس
إذا تتبعنا ما كتب وما قيل في هذا الموضوع منذ بداية طرح هذه القضية، من جهة من يعارض هذا التغيير في بلادنا، فإننا لا نجد إلا إصدارات الرجال من أهل العلم والدعوة، وأما النساء فكتاباتهن وكلماتهن في الفضاء الإعلامي غائبة عن هذه القضية.
وشخصيا بعد بحث طويل لم أظفر إلا بمقال واحد دبجته امرأة مغربية، وهي الدكتورة وفاء توفيق، المنتمية إلى جماعة العدل والإحسان، وعنوانه “دراسة تأصيلية تحليلية لمطلب المساواة في الإرث بين الرجال والنساء”، وهو منشور على موقع الجماعة الخاص بالنساء، والمقال ممتاز ومفيد.
ولا يعني غياب النساء أنهن مع مطلب تغيير نظام الإرث، ولا أنهن غير مباليات بهذه القضية، أبدا، فمن خلال ما أسمع وأرى، سواء في الواقع أو على المواقع، فالنساء ضد هذا التغيير والقضية تشغل بالهن، ولكن أصواتهن خافتة لا تكاد تسمع، وردود أفعالهن ضعيفة لا تكاد ترى، ويبدو أنهن مكتفيات بما كتبه ونشره أهل العلم والدعوة في هذا الشأن.
صحيح أن القضية لا تهم النساء فحسب، وإنما هي تهم المسلمين كافة، ذكورهم وإناثهم، ولكن دعاة المساواة يحاولون التسرب من جهة النساء خاصة، ويخفون مساعيهم تحت غطاء الرفع من شأن المرأة وإنصافها ورد الاعتبار لها، لذلك وجب عليهن التفطن لهذه الحيل والوقوف في هذا الثغر، وسحب البساط من تحت أرجل من يتكلم بلسانهن.
ومن مظاهر الوقوف في هذا الثغر أن تصدر عن من يشتغل منهن في العلم والدعوة دراسات علمية رصينة، ومقالات شرعية أصيلة، لبيان بطلان وتهافت هذه الدعوة، وكشف شبهات أصحابها وفضح أهدافهم.
ورب قائل يقول: إن العلماء والدعاة قد أتوا بالردود الشافية والأجوبة الكافية، فما الذي ستضيفه النساء ؟
فأقول: فعلا، العلماء والدعاة لم يقصروا في الرد والإيضاح ولم يألوا جهدا في التبليغ والبيان، ولكننا لسنا متأكدين أن كلماتهم قد بلغت كل الناس أو جلهم، ولا يبعد أن يشوش بعض المغرضين على كلامهم بكونهم رجالا لهم أطماع ليساء الظن بهم فلا يستمع إليهم، فلا بد من الاستمرار في التصدي لهذا المطلب، ونحتاج إلى تضافر كل الجهود وضم بعضها إلى بعض، من الرجال والنساء على حد سواء.
ثم إنني أكاد أجزم أن شرائح عديدة من الناس في مجتمعنا قد تقتنع بمجرد أن ترى أن من جنس الإناث من كتبن وألفن وصنفن وتكلمن في الرد على دعاة المساواة.
ولا يشك من يتابع الحقل الديني والشرعي في وجود نساء فاضلات، ذوات علم وفقه، قادرات على إخراج مثل هذه الإصدارات، ولاسيما في صفوف الدكتورات في الشريعة والأستاذات الجامعيات، والمنابر صارت متاحة عن طريق الشبكة العنكبوتية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فنرجو أن نرى منهن كتابات ومقالات ومحاضرات وندوات في هذه القضية، وهذا بكل تأكيد سيقوي الموقف الشرعي الذي يعارض هذا التغيير.
والله ولي التوفيق.