أيها المغاربة! ما رأيكم فيمن يسبون الله ورسوله؟
هوية بريس – د. محمد وراضي
أبمنطق الدين الحق تريدون أن نتحدث؟ أم بمنطق العقول المتنورة الصافية؟ أم بمنطق التاريخ كشاهد منذ بعثة رسول الله حتى قيام حزب “الجرار” الذي يتزعم قيادته الآن: إلياس العماري وأعوانه ومن ضمنهم “عبد الكريم لقمش”؟ أم بمنطق الواقع الذي يلح فيه الحلف المؤلف من حكامنا العرب والغربيين والصهيونيين، مدعمين بالأحزاب العلمانية لغاية تشويه الدين بأساليب غاية في الخبث وغاية في البلادة؟ أم بمنطق من يلجأون إلى الاستغاثة بالجهات التي تمثل الخصم والحكم في الآن ذاته! خاصة وأن المستجير بعمرو عند نكبته -كما قال الشاعر- كالمستجير من الرمضاء بالنار!
لم يترك أبو لهب -ومعه حزبه وحاشيته- كل قبيح! وكل مشين! وكل مذموم! إلا واجه به دعوة ابن أخيه الموفقة وهي بعد في المهد؟ يصفه بالكذاب؟ وبالساحر؟ وبالمجنون؟ وبالشاعر؟ وبنكران الجميل؟ فكان أن أفرغ كل ما في جعبته للحيلولة دونه وتبليغ رسالة رب العالمين إلى البشرية جمعاء. وهي رسالة لا تحمل بن طياتها غير ما يؤدي حين تطبيقها إلى ما يسعدها. فكان أن حكم الله على العم الكافر المعارض بأسوأ مصير وهو حي! وما حكم به عليه، برهان قاطع على صدق قضيتين: قضية كون القرآن خطابا من الله إلى الناس كافة. وكون محمد بن عبد الله مختاره لتبليغه ولبيانه على المستوى النظري وعلى مستوى الممارسة التطبيقية.
قال تعالى: “تبت يدا أبي لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارا ذات لهب. وامرأته حمالة الحطب. في جيدها حبل من مسد“.
وهكذا أصبح حكم الله قاطعا لا رجعة فيه؟ وقطعيته هي التي ألجمت قلب ولسان المحكوم عليه هو وامرأته بذات الحكم؟ فكان أن ظل على إنكار ما جاءت به الرسالة الإلهية الخاتمة. إذ لو تاب -وهو ما لم يكن ليحصل- لتحقق تكذيب حكم الله عز وجل! وتحقق معه كون محمد بن أخيه من الكاذبين!!!
فكان أن مضت الدعوة إلى الدين الجديد تطوي المسافات، وترسخ محتوياتها في القلوب، من خلال اتساع رقعة العالم الذي أرسى فيه الإسلام دعائمه، بفضل الله أولا، ثم بفضل رسوله ثانيا، ثم بفضل السابقين إلى الإيمان به إيمانا صادقا خالصا ثالثا، كمجاهدين وكمناضلين مصطفين وراء المختار الذي لم يلتحق بالرفيق الأعلى إلا ودولة الإسلام قائمة على قناعات من أوصافها أنها أبدية مطلقة لا نسبية!!!
ومصير أبي لهب الذي لم يستطع، لا هو ولا غيره إلغاءه، هو نفس مصير من تقمصوا شخصيته على مدى الدهر! حيث إنهم يحاولون إقامة السدود التضليلية أمام المد الإسلامي الذي يقاوم قادته كل الطغاة الساعين إلى إحلال الفكر الجاهلي الظلامي محل الفكر التنويري النوراني على مستوى التدين والأخلاق والسياسة والاجتماع! خاصة وأن الإباحية هي عنوان العلمانية الداكنة ذات الجذور التاريخية في أوربا منذ آلاف السنين؟
فما وقع على متن جريدة “العماري” قائد حزب “الجرار”، وقع مع بدايات الاستقلال في مختلف الدول المغاربية. فالرئيس التونسي: حبيب بورقيبة، أدرك في السخرية من الدين المدى؟ ومستشار الملك الراحل أحمد بنسودة، بالغ في الاستهزاء به في مقال له بجريدة “الرأي العام” لسان حزب الشورى والاستقلال؟ فقد ادعى أن الدروس الدينية لا تعلم التلاميذ غير حكم من قتل “القملة” في الحج؟ وحكم “الحقة” و”الجدعة” في الزكاة؟ وعلى نهج هذين العلمانيين المتنطعين، سار كاتب ياسين الشيوعي الجزائري. فقد وصف المؤذنين في جريدة “الجزائر الحالية” عدد 77 ليوم 9 أبريل 1967م. وصفهم بـ”كلاب الدوار”؟ دون أن يتعرض للمساءلة من أية جهة مسؤولة في بلده الثورية – الاشتراكية؟؟؟ وتجرأ علماني عندنا في مقال له، حملته مجلة “الزمان المغربي” على رسول الله فوصفه بالمخبول المصاب بالصرع؟ كان ذلك في مطلع الثمانينيات من القرن الذي ولى. دون أن تقوم أية وزارة من وزاراتنا بمساءلته واستنكار فعلته الشنعاء! لا وزارة الداخلية؟ ولا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؟
وحذا حذو كل هؤلاء أحداث متجرئون على السخرية من الدين! حين يدعون بأن العرب الفاتحين، حالوا دون الأمازيغ ومجاراة الغرب الأوربي في تقدمه العلمي والصناعي (= أحمد عصيد ومن معه)؟ بينما نحن نرى كأمازيغيين مثله أن العرب الفاتحين قدموا خدمات جلى لدول الغرب الإسلامي. فقد حرروا شعوبها أولا من الشرك الذي كانت غارقة فيه من أخمص الأقدام إلى قمة الهامات؟ ثم حرروها من الاستعمار الأوربي ممثلا في الرومان الهمجيين الطغاة المعتدين؟ ثم وحدوها تحت ظل راية الإسلام بعد جهد جهيد؟ ثم مهدوا لها الطريق كي تقيم دولا يحكمها أبناؤها الذين نافسوا الأوربيين إلى حد أن هؤلاء قد استفادوا من المسلمين كافة، ومن المغاربة خاصة. حيث إنهم تمكنوا بفضل ما استفادوه من تخطي عصر الظلمات إلى عصر الأنوار أو النهضة كما يسمونه؟؟؟
ولا نستغرب -والتاريخ عبرة لمن يعتبر- كيف أن كافة العصور منذ البعثة النبوية، عرفت أعدادا هائلة من “أبي لهب” ومن ضمنهم من ادعوا النبوة في أكثر من بلد! “ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون“. يعني الجاحدين المنكرين الرافضين للنور الذي يمثله ديننا الحنيف! فقد أخذت لتأكيد محتوى الآية المتقدمة دائرة الإسلام في الاتساع. فإن غادرها عشرات من “أبي لهب” المعاصرين، فإن مئات تلو مئات من الراغبين في الاحتماء بها من جاهلية علمانية يدخلونها آمنين مطمئنين! يقابلها الظلاميون الذين يجعلون الشعوب المسلمة ضحايا جهلهم وصلفهم في هذه اللحظات التي أحرر فيها هذه المقالة؟ حيث يندفع آلاف المواطنين هروبا من مجازر يرتكبها العلمانيون العرب في تحالف معلن مع المجرمين الغربيين، الذين جعلوا من الدول العربية مجالين مفتوحين: مجال لبيع الأسلحة! ومجال لتجريبها بكامل رضى الحكام المستبدين! يحدث هذا في تكامل تام مع فرق “أبي لهب” المتبجحة هنا وهناك بكونها راعية الحداثة والعصرنة والتقدمية؟ والحال أن الزعيم الأمازيغي الراحل محمد بن عبد الكريم الخطابي يقول: “المغرب بالإسلام كان وبالإسلام سيبقى”! مع الإشارة الفورية إلى أن قائد حزب “الجرار” الحالي أمازيغي الهوية”؟ لكن بينه وبين الزعيم الريفي التاريخي مسافات وبحور؟؟؟
وما نريد الإخبار عنه -ونحن ماضون في فضح أعداد من “أبي لهب” المعاصرين، هو تأكيد المقولة السائرة “من جهل شيئا عاداه”؟ فالرجل الذي يقود حزب “الجرار” من التائبين الذين نالهم نصيب من قول الحسن الثاني -غفر الله لنا وله- “إن الوطن غفور رحيم”؟ والوطن في قسم الولاء والطاعة يحتل المرتبة الثانية بعد الله، وقبل الملك! فإن كان الله غفورا رحيما للتوابين، فهل يتوقع كل من يتقمص شخصية “أبي لهب” غفران الله الذي حكم عليه بالخلود في جهنم وبئس المصير؟ فإن سب الرسول معناه سب الله عز وجل في آن واحد؟؟؟ ومصير من سبهما معروف! والأمر هنا لا يتعلق بـ”لقمش” وحده، لأنه مجدر واحد من ملايين المعتدين على الله إلى حد أنهم اتهموه بالظلم؟ أو ليس هو الذي أجاز الزواج بأكثر من واحدة؟ أو ليس هو الذي قال بالحرف في كتابه المبين: “للذكر مثل حظ الأنثيين”؟
إن قائد حزب “الجرار” إذن تاب والتزم بإعادة مسرحية “جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية” إلى الوجود؟ يعني أنه ألزم نفسه بأداء دورين: دور الساخر من الدين! ودور القيام بما قام به أحمد رضا كديرة قبله! نقصد تأسيس أحزاب في دقائق معدودات لتحصل في ظروف وجيزة على نتائج سياسية باهرة! قد تكون أغلبية برلمانية! وقد لا تصل إلى حد الأغلبية، حسب التخطيط المخزني السياسي الممنهج؟؟؟
وهذه الظاهرة الرجعية التي شمر قائد حزب “الجرار” عن ساعديه لتنفيذها في حلة جديدة، تكريس في الواقع المغربي للفكر الظلامي الديني من جهة؟ وللفكر الظلامي السلطوي والسياسي والحزبي من جهة ثانية؟ والحلة الجديدة هنا لتنفيذ الظاهرة الرجعية، تتجسد في مواجهة المد الإسلامي السياسي المتنامي. بينما تجسدت مطلع الستينيات من القرن الماضي في مواجهة حزبين علمانيين قويين: حزب الاستقلال، وجزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية؟
وصاحبنا قائد حزب “الجرار” العائد من منفاه بعد حين من غضب النظام عليه! تاب من يساريته ومن ممانعاته! وكأنه ندم لكونه لم يفطن قبل توبته لأهمية النهج الناجع في اللعبة السياسية إلا بعد أن تقدمت به السن! وعانى مما عانى منه كل المنفيين والفارين من جحيم الاعتقالات والتعذيب القاسي! أما وقد أصبح عارفا بكيفية تناول أكتاف الخرفان! فقد حاول بتكامل مع المخزن الذي عفا عنه، دفع الإسلاميين إلى الهاوية خارج السلطة على الأقل؟ مع علمه بأن ما يحصل من تزوير وغش وتدليس في اللعبة السياسية لم ينقطع بعد! حتى يدعي أي طرف من أطرافها بأن الحياد والنزاهة في الانتخابات ممكنان!!! مع أن واقعها منذ عام 1962م لا يزال يتكرر وإن أحاط به بعض التضييق! فقد كنت عام 1962م نائبا في مكتب التصويت عن المرشح من طرف الاتحاديين كنائب برلماني: المهدي العلوي الفائز بسلا. وهو العام نفسه الذي تم فيه تجييش المصوتين خارج المدن وداخلها وعلى أطرافها، لإنجاح مسعى حزب أحمد رضا كديرة “جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية”! كما كنت في صيف ساخن مطلع الثمانينيات، بإحدى قرى الجنوب المغربي أثناء الاستفتاء على الاتحاد العربي الإفريقي بين المغرب وليبيا!!! ولم يكن من الفقيه المشرف على التصويت إلى جانب شيخ القبيلة، إلا أن يخاطب المصوتين بقوله: “هل تريدون ما يريده صاحب الجلالة؟ أم إنكم تريدون غير ذلك)؟ فارتفع الصوت بقول الجميع: “عاش الملك”! فأخذ ما توفر لديه من الأوراق البيضاء، فأدخلها في الصندوق، وأمر الناس بالعودة إلى ديارهم اتقاء لحرارة الشمس اللافحة!
وأنا الآن على بينة من كون الانتخابات البرلمانية ليوم 7 أكتوبر 2016م، لم تكن في الجملة نزيهة بعيدا عن التدخلات التي تؤدي إلى تزوير بعض النتائج! فالقائد الفلاني في المنطقة الفلانية، كان يوجه الناس إلى التصويت لفائدة مرشح حزب “الجرار”؟ ومثله فعل رجال من الشرطة هنا وهناك كما انتهى إلى علمنا من طرف من استنكروا مثلنا كل اعتداء على اختيارات المواطنين الأحرار؟؟؟
ouradimohamed.wordpress.com