أ.د سعيد حليم يكتب: رسالة إلى الأساتذة الجدد: احذروا سُرَّاقَ الطاقة!

هوية بريس – الأستاذ الدكتور سعيد حليم
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على من بعثه الله معلما وهاديا للعالمين.
وبعد:
رسالة إلى الأساتذة الجدد: احذروا سراق الطاقة!!!!!
من هم سراق الطاقة؟
سراق الطاقة؛ في السياق الذين نحن فيه: هم بعض الأساتذة القدماء؛ الذين اختاروا الكسل صديقا ووليا. لا يرون أمامهم إلا السواد القاتم، ينتقدون كل كل شيء، ولا يرون الخير في أي جهة. لا يؤدون الواجب إلا على مضض، لا يبذلون أي جهد في وظيفتهم، يتخلصون من الواجب في أقرب محطة، وبأقل كلفة، وأدنى جهد.
سراق الطاقة؛ موجودون في كل مجال. لكن كلامنا سيقتصر على سراق الطاقة الموجودين في السياق التعليمي.
خطر سراق الطاقة؛ متعد وليس لازما؛ لأن مرضهم لا يحتفظون به لأنفسهم، بل يجتهدون في نقله إلى أكبر عدد ممكن من الأساتذ الجدد.
فما إن يلتحق الأساتذة الجدد بمؤسساتهم؛ حتى يبدأ عملهم، ويتطوعون في تقديم النصائح، بدون طلب، وبدون سؤال.
يجتهدون في تقوية حزبهم، وتكثير سواده، بكل الطرق، وبشتى الوسائل.
من نصائح سراق الطاقة:
– اقتصد في الجهد ما أمكن؛ لأنه في حالة مرضك، ستجد نفسك وحيدا، بلا معين، ولا مساعد؛
– مستوى أغلب المتعلمين ضعيف إلى هزيل؛ فلا تتعب نفسك في تعليمهم؛ لأنه مهما بذلت من جهد، النتيجة دائما سلبية؛
– لا تهتم بالنظريات التربوية؛ فإن كل ذلك شعارات جوفاء، لا تغني ولا تسمن من جوع؛
– الذين يقترحون هذه النظريات لا يعرفون الواقع؛
– احترس من المدير، وكن على بال من فلان، وفلان، ولا تثق في أحد؛
– لا تشارك في أي نشاط تنظمه المؤسسة؛ لأن ذلك يكون بلا نتيجة، وبلا فائدة…..
هذه نماذج من السموم التي تنفت من سراق الطاقة، في عروق الأساتذة الجدد.
أتذكر عندما كان الطلبة الأساتذة؛ الذين كنا نشرف على تكوينهم، يذهبون إلى المؤسسات الثانوية للتدريب؛ كان بعض الأساتذة المطبقين، يقولون للأساتذة المتدربين: انسوا ما درستم في مركز التكوين.
كل ما درستم لا يصلح قي الواقع؛ لأن الأساتذة الذين يدرسونكم لا يعرفون الواقع.
لكن عندما تسأل هؤلاء الأساتذة بعد أن درسوا لسنوات كثيرة، ماذا أنجزتم بديلا لما تنتقدونه؟
هل لكم دراسات ميدانية قي مجال تدريسكم؟
هل لكم مقالات منشورة لدراسة الواقع؟
هل لديكم بديل عن الكتاب المدرسي الذي تنتقدونه كثيرا؟
الجواب: لا شيء لدى سراق الطاقة، يمكن أن ينفعوا به الأساتذة الجدد. منهم من كان لا يتوفر حتى على الوثائق الرسمية. منهم من كان لا يتوفر على جذاذات محينة وجديدة. كل شيء عندهم قديم، ومتجاوز، لا يصلح لأي شيء.
احذروا سراق الطاقة؛ فإنهم يتوددون في البداية، ويقدمون أنفسهم باعتبارهم من الناصحين الأمناء. وأن غرصهم تقديم النصح، من غير جزاء، ولا شكور.
احذروا سراق الطاقة؛ لأن مرضهم معد ينتقل عبر الأذن، ومن خلال كثرة السماع، وكثرة الاختلاط. إذا وجدت الأستاذ يكثر من النقد، فاسأله عن البديل! إذا وجدت الأستاذ ينتقد البيداغوحيات الحديثة، فاطلب منه البديل. فإن لم يستطع أن يقدم لك شيئا؛ فاعلم أنه دعي، رأس ماله الكلام، ورصيده النقد الفارغ؛ الذي يتقنه الكسالى من البشر في كل المجالات.
نصيحة للأساتذة الجدد: استحضروا الله في عملكم؛ فإن التعليم عمل عظيم؛ لأنه مرتبط بتربية النشء وتعليمه. ولا يوجد في الكون أعظم من التعلم، والتعليم. إذ بهما قوام المجتمعات، وقيام الحضارات.
احرصوا على الإتقان، والتفاني قي العمل، وابتعدوا عن سراق الطاقة، كما يبتعد الإنسان من حامل مرض خطير، أو فيروس معد.
أجر الأستاذ الكفء المجتهد، أجر كبير عظيم؛ لأن أثر ذلك يبقى مع المتعلمين طيلة حياتهم، وقد ينتقل إلى أبنائهم، و من دونهم…
أعظم أجر بالنسبة للأستاذ الكفء المجتهد؛ هو أن بديذكرك تلاميذك وطلبتك بخير، أو تنال من بعضهم دعوة بظهر الغيب، قد يفتح الله لك بها أبوابا مغلقة، ويغدق عليك بسببها من فضله، ورحمته، ما يحار فيه عقلك.
إذا لم تقم أيها الأستاذ بعملك على أحسن وجه؛ فأنك يوم القيامة ستجد الآلاف من المتعلمين في انتظارك؛ ليقتصوا منك، وليطالبوا بحقهم فيما فرطت في جنبهم. حينذاك لن تنفعك صحبة سراق الطاقة!!!
ابتعدوا عن سراق الطاقة أيها الأساتذة الجدد؛ لأن صحبتهم لا تورث إلا الندامة، والأسف العظيم. صحبة سراق الطاقة ؛ يبوء صاحبها بالخسران المبين، وسوء العاقبة.
من العلامات الواضحة لسراق الطاقة:
– كثرة النقد، والتهرب من الواجب، وكثرة التمارض، والاهتمام بعيوب الآخرين، وعدم الإخلاص في العمل، والحرص على تكثير سواد الكسالى، كثرة نقد ما في الكتاب المدرسي، بدون تقظيم البديل، التهرب من المسؤوليات….
أيها الأساتذة الجدد: اصحبوا الأساتذة الأكفاء المجتهدين. وإذا طلبتهم نصيحة من سبقكم إلى الميدان؛ فأسألوا الصادقين الأمناء؛ الذين يستحضرون الله تعالى في عملهم وقي تأدية واجبهم.
تعوذوا كثيرا من الكسل؛ فإنه بئس الرفيق. تعوذوا كثيرا من صحبة الكسالى الذين يكثرون من النقد، ولا يرون إلى الظلام الدامس.
متذ ثلاثين سنة وأنا أتعوذ من الكسل، والكسالى. اللهم أجرنا من الكسل، والكسالى ما بقينا في هذا الكون. وارزقنا صحبة المجتهدين؛ الذين يتقنون أعمالهم، والذي يوطنون أنفسهم على الإتقان والإحسان في كل الأحوال.
والحمد لله رب العالمين.