استبعد محللون عسكريون وأمنيون اندلاع مواجهة قريبة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في غزة، مؤكدين في ذات الوقت أن الأوضاع “الكارثية” التي يشهدها القطاع قد تدفع إلى انفجار داخلي يمكن أن يتطور لمواجهة متدحرجة، وغير محسوبة مع الاحتلال.
ومنذ أيام أعلنت حركة حماس “النفير العام” في قطاع غزة، وقرّرت إخلاء مواقع “كتائب القسام”، الذراع العسكرية للحركة، خشية تصعيد عسكري إسرائيلي محتمل.
وقالت مصادر أمنية في غزة، إن إخلاء المواقع العسكرية والأمنية جاء احترازيا وبالتزامن مع مناورات عسكرية هي الأضخم بدأها الجيش الإسرائيلي، يوم الأحد الماضي، في غلاف مستوطنات قطاع غزة بالاشتراك مع الجيش الأمريكي.
الخبير العسكري والأمني محمود العجرمي قال، إنه عند النظر بموضوعية إلى إمكانية اندلاع مواجهة، فإن المقاومة لا تسعى في هذا الوقت إلى تفجير الوضع، فهي تحتاج إلى مزيد من الوقت للاستعداد جيدا، مشيرا إلى أنه كلما تأجلت المواجهة كلما امتلكت المقاومة “ناصية الموقف”.
وعلى الجانب الآخر قال العجرمي لـ”عربي21″ إنه بالنسبة لدولة لاحتلال أيضا لا أعتقد أنها في وارد المبادرة لأي حرب، خاصة وأنها لم تنته من بناء الجدار مع غزة بعد، وتعتقد أنها تحقق أهدافا كبيرة في حربها مع المقاومة بهدوء، دون أن تنزلق لمواجهة مفتوحة.
وتابع العجرمي قائلا: “الاحتلال لا يسعى إلى مواجهة خاصة مع الحديث الذي يدور عن تسخين ربما يطرأ في أي لحظة مع جبهة سوريا أو لبنان، ومن المعلوم أن الاحتلال لم يقاتل في تاريخه على جبهتين في آن معا، فقد كان يستفرد في كل جبهة على حده وبالتالي يخشى المواجهة حاليا”.
وأضاف الخبير: “الاحتلال لم ينجح بشكل استراتيجي في أي من المواجهات السابقة خلال العقد الماضي، سواء في لبنان أو في غزة، ما يعني أن هناك تآكلا حقيقيا في قوة الردع لديه، تمنعه من مجازفات جديدة”.
لكن العجرمي قال، إن الوضع المأساوي في قطاع غزة بفعل إحكام قبضة الحصار؛ قد يدفع لانفجار من شأنه أن يؤدي لتدحرج كرة اللهب نحو مواجهة غير مرغوب فيها من كافة الأطراف، كالتي جرت عام 2012 والتي لم تكن حينها في حسبان المقاومة والاحتلال على حد سواء.
أما عن أسباب الإخلاءات للمواقع العسكرية والأمنية قال: “هي إجراء احترازي قامت به المقاومة ودأبت على تنفيذه، استفادة من تجاربها السابقة، وخشية أي حماقة قد ينفذها الاحتلال”.
واتفق المحلل الأمني إسلام شهوان مع العجرمي في إمكانية أن يؤدي الوضع “المأساوي” في غزة إلى مواجهة بين المقاومة والاحتلال، باعتبارها خيارا واردا لدى الفلسطينيين في غزة على ضوء تشديد الحصار.
وقال شهوان: “تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة يدفع الناس للموت تماما كما يدفعهم للحياة، فلم يبق إلا الانفجار، وهو بالتأكيد سيكون في وجه الاحتلال لأنه هو المتسبب الرئيس في الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة”.
وربط المحلل الأمني بين الإخلاءات التب قامت بها المقاومة في غزة والمناورات التي ينفذها الاحتلال على الحدود بالاشتراك مع قوات أمريكية، معتبرا أنها احترازية خشية من “غدر” الاحتلال.
ورغم ضابية المشهد في غزة وتخوف المواطنين من اندلاع حرب، إلا أن شهوان لفت إلى أن المقاومة في غزة لا تسعى إلى فرض معادلة الحرب في هذا الوقت بالذات ولن تكون مبادرة لها، كونها ستفاقم الأوضاع سوءا، وستزيد من حدة المعاناة، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الاحتلال بات يتحدث مؤخرا عن خطط للتخفيف من وطأة الحصار في غزة خشية حدوث انفجار في وجهه.