الكنبوري: المغرب يربح في الكرة ويخسر في السياسة والثقافة

22 أكتوبر 2025 20:07
الكنبوري: المغرب يربح في الكرة ويخسر في السياسة والثقافة

هوية بريس – متابعات

في مقال جديد للكاتب والمفكر المغربي الدكتور إدريس الكنبوري، تناول فيه بالنقد العميق المفارقة بين عراقة التاريخ المغربي وضعف الحاضر السياسي والثقافي، قال إن “تاريخ المغرب يمتد لأزيد من اثني عشر قرنًا، لكن سير الأمور يوحي وكأن البلد بدأ قبل يومين فقط”.


وأوضح الكنبوري أن هذا التناقض بين عراقة الدولة المغربية وواقعها المتعثر اليوم “يطرح أسئلة مؤلمة حول غياب المشروع الثقافي الوطني، وتراجع النخبة الفكرية لصالح النخبة السياسية قصيرة النفس، التي تتعامل مع الوطن كما لو أنه مشروع مؤقت”.

🔹 بلد عمره 12 قرنًا يتصرف كأنه وُلد أمس

كتب الكنبوري قائلاً:

“نسمع المسؤولين في جميع القطاعات يتحدثون وكأن المغرب قرر أن يبدأ بعد أسبوع. وزير التعليم يقول إنه سيرفع من مستوى التعليم، ووزير الصحة يقول إنه سيبني المستشفيات، ووزير الفلاحة يعد بتطوير الزراعة، وكأن المغرب وُلد بالأمس ويستعد لبناء نفسه”.

وأضاف المفكر المغربي:

“أمريكا نفسها لا يتجاوز تاريخها خمسة قرون، لكنها اليوم تتصدر العالم، بينما نحن أصحاب اثني عشر قرنًا من التاريخ نتصرف كما لو أننا مشروع قيد التأسيس”.

ويرى الكنبوري أن هذا السلوك يعكس انفصال السياسة عن الثقافة، وتحويل التاريخ الوطني إلى مجرد شعار للاستهلاك، بدل أن يكون مصدرًا لبناء مشروع حضاري متجدد.

🔹 بين النخبة الكروية والنخبة الفكرية

في مقطع لافت من مقاله، طرح الكنبوري مقارنة رمزية بين نجاح المغرب في مجال كرة القدم وفشله في بناء نخب فكرية وثقافية، متسائلًا:

“لماذا نجح المغرب في تأهيل نخبة كروية حقيقية وفشل في تأهيل نخبة ثقافية حقيقية؟ لماذا ينتصر في كرة القدم وينهزم في السياسة والثقافة؟”.

ويُرجع الكاتب السبب إلى عامل الزمن والذهنية النفعية السريعة التي تطبع العمل السياسي في المغرب، قائلاً:

“في كرة القدم تدوم المباراة 90 دقيقة فقط وتظهر النتيجة فورًا، أما المباريات السياسية والثقافية فقد تمتد لعشرين سنة وتحتاج إلى النفس الطويل، لكن النخبة السياسية والثقافية المغربية لا تملك هذا النفس الطويل وتستعجل الفوز على حساب المغرب نفسه”.

🔹 حين يخسر المغرب تاريخه كل عام

ويتابع الكنبوري في تحليل بليغ لأزمة السياسة والثقافة في المغرب:

“في الدول المتخلفة يتساءل الناس أين السياسيون، وفي الدول المتحضرة يتساءلون أين المثقفون، لأن المثقف أطول عمرًا من السياسي. السياسي يشتغل في أفق جولة أو جولتين انتخابيتين ثم يغادر، بينما المثقف يشتغل طوال حياته.. لكن السياسي هو الذي يربح والمغرب هو الذي يخسر”.

ويرى الكاتب أن المغرب يخسر تاريخه عامًا بعد عام حين يسمح للسياسيين أن يقرروا نيابة عن العقل الثقافي للأمة، قائلاً:

“إننا نضيّع اثني عشر قرنًا من التاريخ، ونبدأ كل مرة من جديد في البحث عن أنفسنا”.

🔹 بين الثقافة والسياسة.. سؤال المشروع الوطني

يربط الكنبوري بين أزمة السياسة وأزمة الثقافة في المغرب من خلال ما يسميه غياب المشروع الثقافي الوطني القادر على ترجمة عراقة التاريخ إلى رؤية فكرية معاصرة.

ويحذر من أن استمرار هذا الفراغ يجعل البلد رهينة لمن يسميهم “السياسيين الساقطين من السقف”، الذين لا يملكون رؤية تاريخية لبناء المستقبل، مضيفًا أن “المغرب في حاجة إلى مشروع ثقافي كما لديه مشروع كروي”.


في هذا المقال، يعيد إدريس الكنبوري تذكير النخبة المغربية بأن التاريخ لا يصنع الحاضر تلقائيًا، وأن الأمم العريقة لا تُقاس بعدد قرونها بل بما تُنتجه من فكرٍ ورؤيةٍ ومؤسسات.

فبين “التاريخ العميق” و“الخطاب السطحي”، وبين “الانتصار الرياضي” و“الهزيمة الحضارية”، يقف المغرب أمام مفترق طرق يحتاج إلى مصالحة بين الزمن الثقافي الطويل والزمن السياسي القصير.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة