الكنبوري ينتقد الجابري وأركون: قراءة انتقائية شوهت روح التراث الإسلامي

هوية بريس – متابعات
وجّه المفكر المغربي إدريس الكنبوري نقدًا لاذعًا لما سماه «التلفيق» في مقاربات بعض نقّاد التراث، معتبرًا أن هذه القراءات أسهمت في تشويه الروح العلمية والأخلاقية التي حرّكت علماء الإسلام، عبر إسقاط صراعات معاصرة على تاريخ لم يُبنَ بمنطق الخصومة السياسية.
انتقاد منهج التفكيك والانتقاء
يرى الكنبوري، في مقال جديد نشره على حسابه على فيسبوك، أن عددًا من القراءات الحداثية تعامل مع التراث كما تُنتزع الأعضاء من الجسد الواحد، إذ جرى تفكيكه وانتقاء عناصر منه بما يخدم أطروحات مسبقة، مع إغفال السياق الروحي والعلمي الذي حكم إنتاجه.
ويؤكد أن هذا المنهج ضخّم «سياسة» العلماء على حساب مقصدهم الأساس: التقرب إلى الله وخدمة العلم.
العلماء والسلطة: نماذج مُغيّبة
يُذكّر الكنبوري بآلاف النماذج لعلماء وفقهاء رفضوا المناصب والولايات، خصوصًا القضاء والقرب من السلاطين، بما ينقض الادعاء القائل إن هاجس السياسة كان مُحرّكًا مركزيًا للعلماء. ويعدّ هذا الإغفال دليلاً على قراءة انتقائية تُهمل الشواهد المخالِفة.
ابن رشد والغزالي: خلاف علمي لا صراع
يضرب الكنبوري مثالًا بجدل ابن رشد وأبو حامد الغزالي، حيث جرى تضخيم «تهافت الفلاسفة» و«تهافت التهافت» بوصفهما صراعًا حادًا، بينما أُهملت حقيقة دالّة: شرح ابن رشد لكتاب «المستصفى في أصول الفقه» للغزالي.
ويعدّ ذلك اعترافًا بعبقرية الغزالي وأستاذيته، ودليلًا على أن الخلاف كان علميًا منهجيًا، لا نزاعًا شخصيًا أو أيديولوجيًا.
الرشدية المعلّبة وإقصاء الفقه
ينتقد الكنبوري ما يسميه «الرشدية المعلّبة» التي ركّزت على ابن رشد الفيلسوف وأقصت ابن رشد الفقيه، متسائلًا عن تجاهل «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» وشرح «المستصفى».
ويربط هذا الإقصاء برغبة في تلبية صورة غربية لابن رشد، لا باستحضار مشروعه العلمي المتكامل.
الجابري والتحقيق محلّ التساؤل
يذهب الكنبوري إلى أن بعض الأسماء، ومنهم محمد عابد الجابري، قدّموا “تحقيقات” لأعمال رشدية رغم سبق تحقيقها من باحثين آخرين، معتبرًا أن الهدف كان تثبيت «بصمة» فكرية “للحصول على شرف الرشدية” أكثر من خدمة التراث.
مقال الدكتور إدريس الكنبوري يؤكد أن إنصاف التراث يقتضي قراءة شاملة غير انتقائية، تستحضر وحدة المشروع العلمي لعلماء الإسلام، وتفرّق بين الخلاف العلمي الرصين والصراع المتخيَّل، محذرًا من إسقاطات أيديولوجية تُفرغ التراث من روحه.



