إسماعيل هنية شهيد الأمة الذي يزعجُ الفايسبوك حيا وميتا
هوية بريس – محسن رمضاني
لا عجبَ عند المتتبع للسياسةِ التي تنهجها إدارة فايسبوك من المواقف التي يتخذها ضد المدافعين والمتعاطفين مع المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني الغشيم وما يرتكبه من مجازرَ تشيبُ لها الولدان وتفزع منها النفوس السوية الأبيَّة. ولكنَّ العجبَ كل العجب من التضييق الذي يمارسه الفايسبوك على كلِّ متعاطفٍ مع خبر استشهاد المقاوم الفذ إسماعيل هنية، إذ راحَ يصادرُ أغلبَ المنشوراتِ التي تبرزُ مناقبَ الرجلِ وتكشفُ عن قيمته وتعرِّفُ الأجيالَ به وبدوره القياديِّ البارزِ في مناهضة الاحتلال ومفاسده.
إنَّ المصادرةَ التي يمارسها تطبيق “الفايسبوك” اليومَ ليسَ لها سابق، إذ أضحى يعد كلَّ دعمٍ لفلسطينَ دعما لجهات متطرفةٍ بحسبِ تعبيره، فكيف يستقيمُ ذلك؟! ألم تعد وسائلُ التواصل الاجتماعي مجالا لاحترام التعددية والاختلاف؟ فلماذا التضييقُ على منشوراتٍ لا يتجاوزُ مضمونها الترحم على الشهيد إسماعيل هنية الذي أمسى بين يوم وليلة موضوع جلِّ وسائل التواصل الاجتماعي وقنواتِ الإعلامِ المحلية والدولية، والظاهر أنَّ إدارةَ الفايسبوك تؤكد يوما بعد يومٍ أنَّ سياستها سياسةٌ مُؤدلجةٌ لدعم الكيان المحتل وتأييد من يؤيده ومعارضة من يعارضه، ولكن يأبى الشهيد إلا أن يكونَ حيا ترفرفُ رسالته حول العالمِ، رافعة راية الحرية والاستقلال.
ليست قضية هنية قضية شخص أو جماعة، ولا قضية دولة أيضا، إنها قضية الأمة، ذلك أنَّ المقاومةَ الفلسطينيَّةَ -كتب الله لها النصر والعزة- إنما تحملُ على عاتقها همَّ تحريرِ الأمة، ومن الوهم والمغالطةِ الفادحة أن تُصوَّرَ على أنها مقاومةٌ محليَّةٌ ذاتُ بعدٍ جغرافيٍّ ضيق، والحقيقةُ أنَّها طوفانٌ لتحريرِ الأمةِ كلها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها من وابل التبعية والانحطاط والاستبداد الذي ينخرُ الأمةَ الإسلاميَّةَ منذ قرونٍ من الزمن.
إنَّ إسماعيل هنية الذي يودعنا اليوم قد تشرَّفَ بالشهادةِ التي حلمَ بها في سبيل تحرير الأرضِ المقدسة، وبذل في ذلك دماءه وأهله وكلَّ ما يملك مقاوما ومنافحا ضد الاحتلال الصهيوني الغشيم، الذي أصبحَ مصدرا للشر في أبشعِ صوره وحالاته، إذ لا يُجاوزهُ شرٌّ مطلقا، ويصح حينها ما أطلقه عليه فيلسوف الأمة طـه عبد الرحمن حين قال: “كان الناس يتصورون “الشر المطلق” مفهوما بعيدا، ولا يعتقدون تحققه، فإذا بهم اليوم يرونه رأي العين واقعا حيا؛ فقد شاهدوا “الصلاة” في بيوت الله تُقصف، و“البراءة” في الطفولة تُزهق، و“العافية” من المستشفيات تُطرَد، و“اللجوء” إلى المآوِي يُرهَب، وقس على ذلك ما شابَهه؛ رأوا بأمّ أعينهم احتضار كل قيم الخير التي خُلق الإنسان من أجلها…” فهو إذا الشر المطلقُ الذي يقتل كل قيم الخير التي خلق الإنسانُ من أجلها، ولا شك أنَّ المتصدي لهذا الشرِّ المطلقِ إنسانٌ مرابطٌ على ثغورِ الخيرية في الأرض، ولعلنا نحسبُ الشهيد إسماعيل هنية كذلك، ولا نزكي على الله أحدا، فعلى الأمة المزيد من الصمود ضد الشر المطلق، والمرابطة على ثغور الخير المطلق.