إكسير الأرواح
هوية بريس – زينب أحمد
استيقظت على خدشاته الخفيفة في زحاج نافذة غرفتي.. فقفزت منها بسرعة لُأدركه..
كان الوقت وقت سحر.. انطلقنا نمشي على العشب البارد بالندى..
تحت رهبة الصمت العامّ.. وضوء القمر الخافت ببعض السحب.. لم يكن من مجال للشعور بأية مشاعر في غمرة مطلق الأمان الذي يمنحني هذا الوجود إلى جانبه..
انطلقنا نطوي هذا الصمت إلى مجلسنا قرب ذلك الوادي القريب..
على صوت انسياب المياه بين الصخور.. كان الصمت يفترش لهذه الذكرى أحسن الأثاث في قلبي.. ثم تتدخل تلك الرحمة المتلفعة بثوب الأقدار.. فينطلق صوت صاحبي بترتيل آيات الذكر.. بصوته الجميل وتحقيقه الرفيع..
ماج القلب واضطرب.. كأني بنفسي -بين لهيب النذير و نسائم التبشير- تقول: دثّريني دثريني..
نفحات القول الثقيل.. صوت الحق الذي لا يملك القلب إلا الإقرار بوجوده ملتحفا بكل شريط ADN في كل خلية..
يا إلهي.. لقد تلاشت كل تلك الاعتبارات التي كنت أعدها من اليقينيات.. لتبقى انفرادية اعتبارات وحيدة غارقة في الأزل تعانق السماء في امتدادها واستمدادها..
توقف الزمن فجأة على حقائق.. هل كنتَ تعلم أن الحقائق لا تُطيق الدّوال العددية بالمتغيرات الزمنية ولا المكانية؟
صمدتْ وحدَها تنافح كل عوامل التاريخ وفقط من ذلك الحيز الذي تعيش فيه.. من تلك المُضغة التي تُمدك بإكسير الصلاح..
يا إلهي..
توقف صوته عن الترتيل.. فانتُزعتْ الروح من ذلك المقام الذي يُشبه الخلود.. وانقذفت من جديد في طينها..
تباطأ الزمن.. في خلال سعي القلب للسكن شيئا فشيئا عن الشوق..
ثم بدأت المشاهد تترآى من جديد.. وبوضوح يكاد يكون خفيا..
ومرة أخرى.. وعلى غير المرة الأولى.. سيُنشد صاحبي أغنية كانت تتردد كثيرا على مسامعي.. حتى خِلتني أَهيم بسماعها ويهيج قلبي لكلماتها..
لكن هذا القلب الذي حسبته قبل قليل قد استشعر معنى الحياة.. لم يُبد اهتماما بالنغم.. ثم أصبح الأمر مزعجا..
نظرتُ إليه نظرة متعبٍ: أرجوك توقف.
استمر قليلا ثم توقف..
وجاء ذلك الصمت يخاطبني.. يحاورني.. ينظف صمّامات قلبي..
اقترب الفجر.. فقمنا نخطو من حيث أتينا.. انطلق دمعي.. فتركت له سبيله.. تركتُهُ ليغسل ما بقي.. حتى أنني قلت: أرجوك اغسل ولا تذر..
نظرتُ إليه وأنا أودّعه.. كرِّر على مسامعي تلك الجملة التي كانت تُقال لنا في مدرسة القرآن.. تلك الجملة التي تدحض ألف فتوى
==> حبّان في القلب لا يجتمعان***حبُّ الأغاني وحبُّ القرآن..
ابتسمَ لي: إعمال سلطة “استفت قلبك” في هذا المحل هي من باب الأوْلى..
ثم أردف وهو ينسحب: لا تبحثي عني بين الأناسي..
كدت أقول له.. وهل أفعل بين الكتب.. لكنه كان قد اختفى
ممتع … حبذا لو تسستمر هذه المقالات وتسترسل … فما أحوجنا إلى هذه المعاني الإيمانية
بارك الله فيك ونفع بك.
ومن رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ذاق طعم الايمان وتوج بتاج السعادة.
قال ابن سعدي رحمه الله: سبحان من كلامه هو النور والهدى والشفاء