إلغاء الامتحانات الإشهادية وعودة الأمل للحياة المدرسية
هوية بريس – منير الحردول
التعليم والتعلم، لايرتبطان بالنجاح في الامتحانات، أو الانتقال عبر الأسلاك والمستويات، وإنما التعلم الحقيقي هو الوعي، وادراك قيمة الشيء، والقدرة على تكييف السلوك حسب الوضعيات، والمواقف المختلفة، و المتنوعة التي تواجة الإنسان، طيلة حياته الخاصة والعامة، الوظيفية والأسرية.
فإلغاء أو التقليص من هالة الامتحانات الإشهادية، للابتدائي والإعدادي في أفق الوصول للباكالوريا، قد ييسر طرق التدريس، بالانتقال السلسل الهادئ بين المستويات، ويعيد الانضباط، ويلجم بعض أشكال الهدر المدرسي، والنفور النفسي من مصطلح مدرسة!
ومن تم الانخراط في المعرفة الأكاديمية عبر التعليم العالي الميسر وليس المعسر، وهو ما سيساهم بالتأكيد، وبشكل من الأشكال، في التدرج القيمي التربوي، و ترسيخ القيم المدرسية المتنوعة، سلوكيا ووقعيا، وليس إشهاديا وورقيا، بنقط عددية غير معبرة، و قد تكون متناقضة تماما مع الجانب التربوي، المعاملاتي للتلميذ أو الطالب، أمام نفسه أولا، ومع أصدقائه وأسرته، والحياة العامة، التي ينخرط فيها داخل المجتمع الذي ينتمي إليه ثانيا.
ومن تم تحقيق الوصول إلى ادراك أهمية التعلم وقيمة النجاح في المستويات العليا للرقي الاجتماعي، وترجمة ذلك إجرائيا. فمطابقة الأقوال مع الأفعال، نجاح للجميع دون استثناء، وليس كما هو الحال حاليا حيث يغلب الشحن الذي أثبت فشله الدريع.
والكل يشهد على ذلك، والنتائج وطرق ردود الفعل والسلوكات العامة، الصادرة عن خريجي المدارس والجامعات، تشهد على هذه التجاذبات، الصارخة بين المعرفة والأجرأة الفعلية لتلك المعارف، الملقنة داخل مؤسسات التعليم المختلفة.
ولعل الانحرافات، كما حدث مع وزير التعليم، حين تم انتحال صفته في وسائل التواصل الاجتماعي، وأمطر بوابل من التعابير التي أقل ما يقال عنها أنها بديئة لا تربوية، معبرة عن الضعف القيمي، والتربوي للكثير من أبناء المدرسة المغربية. هذا مع تفشي التقليد الأعمى في كل شيء، ومحاولة الوصول قبل الوصول! والرغبة في تحقيق كل شيء بلا شي! وتفشي مظاهر الاتكالية، والخداع والغش، والتطبيع مع الكذب لقضاء الأغراض، والاضرار بالبيئة والاستهزء بالوطن والسب والشتم، وغياب التكافل والوقار، وعدم الاحترام الواجب اتجاه الغير، والأسرة والجار، بل وصل هذا النوع من الانحرافات لدرجات عليا! من خلال سب المؤسسات ورموز الدولة في مواقع التواصل الاجتماعي، دون مراعاة لقواعد الدين أو الأخوة الانسانية، وبدون خجل.
بل تحول ذلك عند البعض إلى بطولة يتباهى بها الشخص، وذلك لكي يحصل على نسب كبيرة من المشاهدة أو الإعجاب التافه بتفاهة صاحبه وأصحابه.
التعثر في نهاية المطاف لا يعني الفشل، فالمعرفة تقاس بالإبداع المهاري، وليس الحفظ والترتيل والتقليد النقلي.
فالمدرسة بالامتحانات الإشهادية تمنع الليونة، وتشجع على اقصاء من يبرعون في مهن أخرى. المدرسة قيمة، تنتج القيم، والقيم المضادة، وقد تكون مؤثرة، وقد تتأثر هي نفسها بعولمة جارفة، وشارع متناقض أو أسر غير مبالية لأبنائها، أو إعلام تتحكم فية أقلام تكن العداء لعقدة اسمها المدرسة! ربما لا زمت أصحابها طيلة حياتهم الدراسية المهنية..
فإلغاء الامتحانات الإشهادية في الابتدائي والإعدادي وتقليص الزمن المدرسي، الممل بكثافة مواده، وضغوطه المستمرة على البنيتين النفسية والجسدية للناشئة، قد يقلص من ظاهرة الهدر المدرسي كذلك!
النتائج عبرة والدليل واضح على مستوى الترجمة الفعلية لقيم المعرفة على سلوك التربية،.
فلا الجهل توقف، ولا الرشوة تقلصت، ولا العنف انحدر ولا الاحترام استقام، ولا الأخوة سادت، فأصبحت قيم المدرسة المغربية في واد، في مقابل المعرفة الملقنة في واد آخر غريب وعجيب!
وإذا، حقا أردنا تكافؤا للفرص بين جميع الجهات في أفق إلغاء الامتحانات المرعبة، والتي قد تحكم على حياة كاملة بوهم اسمه النقطة العددية.
فتكافؤ الفرص في الامتحانات يقتضي في افق التعامل المرحلي مع الأمر الواقع.
وضع آلات للتصوير داخل الفصول الدراسية.
وعدم تحميل هيئة التدريس، عبء مسؤولية الحراسة وضبط الغش، والمواجهة مع الغشاشين، لأن ذلك لا يستقيم لا تربويا ولا وظيفيا!
فإلغاء الامتحانات الإشهادية، سيفك عقدة الانتقال بين الأسلاك، وييسر المسار التعليمي للملايين، ويلجم الهدر المدرسي، ويحقق الحكامة المالية.
ولمن ينتقدني في هذا المقترح علية أن يبرهن على حقيقة! وهي هل هناك تكافؤ الفرص في المواضيع! والحراسة! وشمولية المقررات! .هل هناك عدل عندما يرهن مستقبل التلميذ بنقطة عددية.أي نتيجة وصلنا إليها الان!؟
كما أن تقييم تكلفة الامتحانات الاشهادية، من حيث الجودة، والمال، والأمن، والضغط النفسي للجميع، يسائل توالي التقارير الدورية، والسنوية، الوطنية والعالمية! والتي أصبحت تصنفنا في مراتب متدنية، مخجلة لبلاد عرفت بالعلم والمعرفة منذ القدم!
وفيما يتعلق بالتعليم العالي، فخلق مسارات لغوية اختيارية في جميع التخصصات، يعد عدالة تربوية، وترسيخ لمفهوم تكافؤ الفرص إجرائيا.
إذ، أن ترك الحرية للطالب أمر محمود، وذلك بهدف اختيار اللغة التي يرى امكانية المسايرة بها، في مساره الأكاديمي أمل مفقود لأغلب الطلاب الذين يزاحون جانبا لأسباب متعلقة باللغة أساسا، وهذا ما قد ينهي العبث اللغوي، ويعيد القطار لسكته الصحيحة، فينطلق الجميع ويترك للطالب حرية المكان الذي يريد النزول فيه.
فكفى من سياسة الجزر المعزولة للجامعات، لأن الإجتهاد في ذلك سيحقق قفزة علمية، ويساهم في تحقيق العدالة داخل النظام التعليمي الوطني.
كما سيظهر الذكاء لطلبة العلم، فتتحقق المساواة بين الجميع.
أنظروا الى مراتب جامعاتنا أمام الجامعات العالمية.
وأخيرا، ما أهمية التفوق والمعدلات العالية في الباكالوريا! اذا كانت الكليات ذات الاستقطاب المحدود، غير قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل، الحاصل على معدلات مرتفعة في الباكالوريا!
إذن، لم العجلة في الاصلاح، بدل تقييم الأمور، ووضع النقط على الحروف بشكل صحيح، و في مكانها الصحيح، بدل كثرة استعمال الممحاة، التي قد تساهم في ضياع اللون الأبيض للورقة!
ولعل التشخيص الموضوعي في بعض الأحيان يتغاضى أو يهرب منه الجميع، لكونه يتصف في غالب الأحيان بالألم النفسي لاغير!