شبهة خطيرة تُفجّر صفقة بالملايين في قطاع الصحة

أعلنت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، اليوم الجمعة، إلغاء طلب العروض رقم 07/2025 المتعلق بإنجاز دراسة حول “خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة”، وذلك بعد ثبوت وجود شبهة تضارب مصالح مرتبطة بالمكتب الفائز بالصفقة، بسبب علاقة استشارية وتجارية تجمعه بمجموعة «أكديطال» العاملة في القطاع نفسه.

جاء القرار عقب اعتماد الهيئة رأي اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية وخلاصات البحث الداخلي، حيث شددت الهيئة على حرصها على ضمان أعلى درجات الشفافية والنزاهة في تدبير صفقاتها، معتبرة أن هذا الإجراء يندرج في إطار صون مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة وضمان استقلالية الدراسات المتعلقة بالقطاعات الاستراتيجية، وفي مقدمتها قطاع الصحة.

خلل مسطري في نموذج التصريح بالشرف

وأوضحت الهيئة أن اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية أثارت إشكالاً قانونيًا في نموذج التصريح بالشرف الخاص بتضارب المصالح، معتبرة أنه تضمن تعديلًا غير مطابق لمقتضيات النظام الخاص بصفقات الهيئة.
وعلى هذا الأساس، تقرر إلغاء الصفقة من الناحية المسطرية، دون البتّ في وجود تضارب مصالح فعلي أو محتمل، مع تأكيد اللجنة سلامة الإجراءات التي اتخذتها لجنة طلب العروض في مراحل التقييم والانتقاء.

إصلاحات مرتقبة وتوضيح لمفهوم تضارب المصالح

وكشفت الهيئة أن اللجنة تعتزم مراجعة نظام الصفقات بما يوضح مفهوم تضارب المصالح وملاءمة نماذج التصاريح المعتمدة مع التشريعات الوطنية والمعايير الدولية.

كما ستعد رأيًا مفصلًا حول تصورها لتضارب المصالح، بالاستناد إلى الفصل 36 من الدستور والمعايير الدولية التي تميّز بين التضارب الفعلي والمحتمل والظاهري.

ودعت اللجنة إلى تدخل تشريعي عاجل لإقرار إطار قانوني دقيق يُنظّم تضارب المصالح وآليات تدبيره في المؤسسات العمومية.

جدل إعلامي سبق القرار

وجاء هذا التطور بعد أسابيع من الجدل، عقب تحقيق صحفي نشره موقع كاب أنفو كشف أن المكتب الفائز، Forvis Mazars، يرتبط بتعاون استشاري وتجاري مع مجموعة أكديطال، ما أثار مخاوف بشأن استقلالية الدراسة التي كانت قيمتها تناهز 2.4 مليون درهم وتمتد لسبعة أشهر، وتشمل المستشفيات العمومية والقطاع الخاص وسوق الأدوية.

إطلاق جديد للمشروع بمعايير أكثر صرامة

وأكدت الهيئة أن إنجاز دراسة “خريطة مخاطر الفساد في قطاع الصحة” سيُعاد إطلاقه عبر مسطرة جديدة تراعي أعلى معايير النزاهة والحياد، بما يضمن خلوها من أي تضارب مصالح، وذلك تعزيزًا للثقة العمومية في المؤسسات المكلفة بمحاربة الفساد ومراقبة تدبير المال العام.