إلى السيد الرئيس سعيد: فلسطين .. الشعب ..الديمقراطية ..والحذر
هوية بريس- أحمد ويحمان
*كلمات*
إلى التونسيين .. جميع التونسيين .
( 1) إلى السيد الرئيس سعيد
*فلسطين .. الشعب ..الديمقراطية ..والحذر*
بقلم د. أحمد ويحمان
“كلمات” هذه الأيا هي إلى أشقائنا التونسيين .. جميع التونسيين بدون استثناء . لقد افردنا كلمات الأمس للسيد الرئيس قيس سعيد لنجيب عن سؤال لماذا لا يمكن إلا أن نحبه وندعمه و لماذا هو واجب على أحرار الأمة وكل أحرار العالم الوقوف إلى جانبه مع انطلاق حملة البروبغندا الصهيونية ضده لتشويه سمعته وشيطنته، لاسيما مع تزامن هذه الحملة مع حدثين ملفتين للانتباه؛ تناقل إعلام الكيان لقلق مسؤوليه من الإجراءات الإستثنائية التي اتخذها الرئيس وآثارها المحتملة على التطبيع بالمنطقة، وخصوصا بالمغرب الأقصى من جهة، وزيارة وزير الخارجية المغربي ( وهو من أهم أدوات التطبيع والاختراق الصهيوني) للرئيس من جهة أخرى .
لكل ذلك خصصنا مقال الأمس لنضع بعض النقط على الحروف في ما يجب إزاء السيد رئيس الجمهورية التونسية في هذه الظرفية وفي خضم البروبغندا الصهيونية ضده . وقد كان مفروضا أن نتوجه في كلمات اليوم لباقي الأطراف المعنية بمصير القطر التونسي الشقيق، غير أن غبشا، على ما يبدو، ما يزال عالقا فيما قلناه البارحة فاقتضى الأمر البقاء مع السيد الرئيس، اليوم كذلك، للتدقيق والإضاءة على بعض النقط .
أما النقط فهي المضمنة في العنوان .. و أما الومضات فنعرضها، تفاعليا، بضمير المخاطب، وهي من قبيل “وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ” .. ولنبدأ ب :
1) *فلسطين*
لقد كنت دقيقا، سيادة الرئيس، خلال حملتك الانتخابية عندما تحدثت عن كفاح الشعب الفلسطيني واستحقاقه الأول في هذه الظرفية بالنسبة لغير دول الطوق؛ *مقاومة التطبيع* .. وكنت أدق عندما سجلت تحفظك من المفهوم نفسه وأبدعت عندما حددت المعنى الحقيقي للتطبيع بقولك عنه : *التطبيع خيانة عظمى ..*
إن كل المتتبعين والمهتمين للشأن التونسي لا يحتاجون لبذل مجهود فكري لاستنتاج أن هذه العبارة “السحرية”، وصدقك ووضوحك في نطقها، هي التي فتحت لك قلوب التونسيات والتونسيين على مصراعيها لتدخل وتتربع فيها، وهو ما فعل فعله في إخراجهم من بيوتهم يوم الاقتراع، وكلهم حماس، ولم يعودوا إليها مطمينين إلا بعدما تأكدوا أنهم فتحوا لك باب القصر الجمهوري ..
فلسطين حق .. والحق هو إسم من اسماء الله الحسنى .. هذا ما ادركته ..ففزت . وهو ما أغفله منافسوك فسقطوا في أعين التوانسة .. واسقطوهم، لما شاهدوا تلكؤهم في أمر تجريم التطبيع .
السيد الرئيس، لقد قلتها كلمة واحدة فاحرص على أن تبقى عند كلمتك .. و *” الراجل هو الكلمة “* كما يقول المغاربيون ..
لتتذكر، إذن، وليحضر معك، على الدوام، أنك مدين لفلسطين الحق ولمناهضة التطبيع بمنصبك الذي أنت أحق به من المنافسين المتلكئين .
*2) الشعب*
لا يمكن أن نختلف حول أن الشعب ومصلحة الشعب هي التي تفسر وتبرر أي عمل يتم القيام به من موقع المسؤولية العمومية الأولى، شرعيا وأخلاقيا وسياسيا، حتى حينما يضطر رئيس دولة، كما هو الحال في تونس، أن يلجأ إلى إجراءات استثنائية .
إن علينا ان نتذكر، وأنت السيد الرئيس بحكم تكوينك وتخصصك، افضل من يذكر ويتذكر أن *الشعب هو صاحب السيادة ومصدر كل السلطات*، وبالتالي، فلا يمكن لأي مؤسسة، حتى لو كانت مؤسسة الجيش أو مؤسسة الرئاسة أن تستحوذ على كل السلطات، إلا استثناء وفي حال *الخطر الداهم* كما يتم التصيص على هذا الاحتراز في كل الدساتير وهو ما ينص عليه الفصل 80 من الدستور التونسي الذي بنيتم عليه قراراتكم الاسنثنايية الحالية .
ومعنى هذا فإنكم ، وانتم تقرون بهذا وتعرفونه افضل منا، مدين للشعب الذي فوضكم السيادة وفوصكم فائض السلط، *استثنائيا* ، لتصحيح المسار عندما يشكو من انزلاق ما وتجاوز خطر ما إذا داهم البلاد فجأة .. ومعنى كل هذا هو أن الشعب، وهو يتفهم لجؤكم لما رخص لكم من صلاحيات استثنائية، فإنه ينتظر منكم، وعلى أحر من الجمر، اللحظة التي تعودوا به إلى المؤسسات؛ أي إلى مغادرة الحالة الاستثنائية والعودة للحالة الطبيعية؛ دولة المؤسسات والسلط المنفصلة عن بعضها وسيادة القانون المدني .. هذه المكتسبات التي قدم من اجلها الدم وكل التضحيات الجسام ..
*3) الديمقراطية*
من الأمور التي لاشك أنك مؤمن بأنك مدين لها بمنصب المسؤولية العمومية الأولى على رأس هرم الدولة؛ *الديمقراطية* . فلولاها ما كان يمكن لأحد من التونسيين، من موقع شعبي صافي كما هي حالتك، أن يصل إليها، ولكان زين العابدين بن علي قد ” خلد”، طول حياته، فيها قبل أن يتسلمها، ديكتاتوريا، منه من على نهجه وشاكلته بمجرد أن ينتهي *عزرائيل* من مهمته الخاطفة فيه .
قصدنا هنا – كما أسلفنا – هو مجرد تذكير بأنه ما كان يمكن أن تصل هناك، بغير الانتخابات الحرة النزيهة المؤطرة بحرية التعبير والحق في التنظيم والحق في التجمهر وتنظيم الحملة الانتخابية والاستفادة من الإعلام العمومي … الخ .. وكل هذا هو ما يسمى – كما تعلم أكثر من غيرك السيد الرئيس – الديمقراطية .
ومعنى هذا الكلام في هذه النقطة، ودائما في نطاق مجرد التذكير، هو أنه بالديمقراطية وصلت وبها تبقى وتنجز وتبدع .. ويخلد ذكرك في الصالحين .. ومعناه الآخر، لا قدر الله، هو أنه بغير الديمقراطية ينهار وينتهي كل شيء وتعود البلاد إلى المربع الأول، بل إلى أسوأ من ذلك لأنه وقتها بقدر كبر الامل تكبر الخيبة ويتصاعف الإحباط ويتعمق اليأس .. لا قدر الله ! ومن هنا النقطة الرابعة بضرورة؛
*4) الحذر*
الحذر أكثر ما يلزم الحذر . أما من من ؟ فمن كل ما من شأنه أن يحول دون إعادة وضع قطار تونس على السكة من جديد .. إن ما تعيشه تونس اليوم هو من قبيل العثرات العادية في مسيرة الشعوب نحو الانعتاق ونحو الحرية . ومن يستحضر تجارب الأمم والهزات والتصدعات على درب التحرير وتجسيد إرادة الشعوب في الحرية والكرامة ، يدرك مدى “طبيعية” التجاذبات والمناوشات التي كانت تونس مسرحا لها هذه الأيام .
يبقى فقط أن يقتنع الجميع بأن تتراكب كل المحطات و التجارب، بما لها وما عليها، وتنتظم في سيرورة تراكمية لا يلغي فيها اللاحق السابق لتكريس البدايات الصفرية التي تضيع معها كل الانجازات وتتبدد معها كل المكتسبات .
ومما يجب توخي الحذر منه أجندات الأعداء المتربصين بتونس، وبالأمة كلها من خلال إجهاض النموذج التونسي وإثبات الأطروحة الصهيونية الإستعمارية الزاعمة أن العرب لا ولا يمكن أن يكونوا أهلا للديمقراطية .. لنحذر المركب والحلف الرجعي العميل المرتبط بالاستعمار والصهاينة ومشاريعهم الخبيثة .. ولنحذر، بنفس المستوى، من أنفسنا ومن أي نزوع يمكن أن يراودنا فنغتر ، ونتوهم للحظة، أننا يمكن أن نضطلع بالاستحقاق لوحدنا !
و من هنا خاتمتنا بالتاكيد على لازمة ثابتة ستصاحبنا اليوم وكل يوم في متابعة الشأن التونسي الذي هو، على نحو ما، شأن الأمة كلها .
*آخر الكلام*
.. وآخر كلامنا هنا لازمة سنعيد نقلها في كل كلماتنا، من باب التوكيد، إلى كل الأطراف المعنية بالصراع وبمصير الشعب التونسي الشقيق . واللازمة هنا هي التأكيد على حقيقة أنه *لا يمكن لأي جهة لوحدها الاضطلاع بمهام المرحلة المطروحة على تونس اليوم* .. بل إن رهانات هذه المهام واستحقاقاتها تحتاج إلى جهد الجميع . ومكان الجميع يجب أن يبقى محفوظا ولا يستثنى أحد من هذا الجهد الوطني الجامع إلا من أبى ..