إلى صديق محترم سابقا: مناهضة مناهضة التطبيع .. وحمارة بني إسرائيل
هوية بريس- أحمد ويحمان
كان الكلام دائما حول بقرة بني إسرائيل .. في التوراة كما في القرآن، حتى أن رب العزة خصص لها أكبر سورة في كتابه المبين . صحيح أن الأمر يختلف، هنا وهناك، فيما يخص لونها، لكن البهيمة و جنسها لا خلاف عليهما . إن الأمر يتعلق بحيوان من نوع البقر وجنسها أنثى، حمراء قانية في عقيدة اليهود و صفراء، فاقع لونها، في عقيدة وفهم أمة سيدنا محمد، وهي في الحالتين .. لاشية فيها .
هذا بالنسبة لبقرة بني إسرائيل، هنا وهناك، قديما وحديثا .. حتى أيامنا هذه . أما بالنسبة لحمارة بني إسرائيل، فإنها لم ترد، لا في التوراة ولا في القرآن، وإنما ملفها، وكل تفاصيلها وتفاصيل قصتها في سجلات الأمم المتحدة الموثقة والمحفوظة بأرشيفاتها .
ونعرض هنا لملخص الحمارة التي ادعاها “بنو إسرائيل” القرن العشرين كما هي محفوظة بسجلات الأمم المتحدة قبل أن نربط درسها بمناسبة وسبب إيرادها هنا .
اختفت حمارة ذات يوم من أيام سنة 1962 من بلدة كفركلا بلبنان المحادية لفلسطين المحتلة، وكان وقتها لم يتم بعد وضع السياج الفاصل بين البلدات اللبنانية والفلسطينية . دخلت الحمارة للجانب الفلسطيني المحتل وغابت عند الصهاينة حوالي سنة .. وذات يوم عادت لوحدها تجر وراءها عربة محملة بالإجاص، وتوجهت الى منزل صاحبتها بالبلدة الحدودية .
وبعد هنيهة حل بمنزل المواطنة اللبنانية رجال الدرك و المختار ورئيس البلدية محفوفين بقوات الطوارىء التابعة للأمم المتحدة الذين اقتحموا المنزل وطالبوا بتسليم الحمارة ” لأنها كانت حامل من حمار “إسرائيلي”..وبالتالي فالجنين إسرائيلي، حتى وإن كانت الأم لبنانية !
كان موقف أصحاب الحمارة وكل أهل القرية الذين التحقوا لمتابعة الموضوع هو رفض تسليم الحمارة . وحصل شجار ونقاش ساخن هناك، وبعد شد وجذب مع جيش الاحتلال عبر مندوبي الأمم المتحدة .. تمت التسوية في النهاية على ان تعود الحمارة الى الكيان الصهيوني حتى تضع مولودها وتنهي حضانتها للجحش “الاسرائيلي” وبعدها تتم إعادتها لأصحابها في كفر كلا .
بعد اشهر من ذلك، عادت الحمارة، مرة ثانية، الى كفركلا ومعها الجحش الصغير . وما هي إلا ساعات حتى حضرت إلى المنزل من جديد، قوات الدرك والبلدية والمختار والأمم المتحدة للمطالبة بالجحش الذي انتزع من أمه انتزاعا وتم ربطه ونقله على شاحنة عسكرية إلى ما يسمى ” إسرائيل” بعد القيام بكل الترتيبات والتقييدات، بحسب وثائق الامم المتحدة، بمركز المراقبة في الناقورة .
هذه هي باختصار قصة حمارة بني إسرائيل التي ادعوها، ولما لم يفلحوا في إثبات ملكيتها جندوا قوات الطوارئ ومبعوثي الأمم المتحدة و نظموا مفاوضات وأبرموا اتفاقات لانتزاع ابنها الذي اكتنفه اللبس فتمكنوا، لذلك، من الدخول عبره لانتزاعه من أمه . إنها ذات العقلية التي “ساوموا” بها حتى رب العزة، جل جلاله، في شأن البقرة التي ذبحوها “بشق الأنفس” .. ..” وما كادوا يفعلون ! ” . نظام الاحتلال الذي لم يتخل حتى عن جحش، وخرق حتى عقيدته التي تعتمد الأم للنسب من أجل جحش ..
هل يمكن أن يعطي شيئاً للوصول معه إلى تسوية ما ؟!
السؤال إنكاري ولا شك، ولا ننتظر له جواب . وقد سقنا هذه القصة الحقيقية الموثقة في سجلات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان ( لشهر يونيو سنة 1962 ) لنتقدم بها إلى من لاتزال على عينه غشاوة الوهم بإمكانية السلام مع الاحتلال الصهيوني، وعلى رأس هؤلاء صديق محترم سابقاً اختار أن يسقط، في زمن السقوط هذا، سقطة تدحرجت به إلى القاع السحيق .
هذا الذي كان، ذات سنوات العزة، صديقا وأخا في حزب القوات الشعبية و الشبيبة الاتحادية وزميلا بهيأة تحرير جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، اختار أن يخصص افتتاحية كاملة ليرد عنا بخصوص خطة الحركة الصهيونية بإقامة “إسرائيل” بالمغرب منذ سنة 1903؛ أي حتى قبل خطة أوغندا والأرجنتين وقبل فلسطين.
رد الصديق المحترم سابقاً، خلافا لما كان يتميز به أسلوبه من قبل في الحرص على تجنب السجال و إصدار أحكام قيمة والأحكام على النوايا، تعمد التهجم و رمينا بغير قليل من النعوت و السباب .. وكل هذا ما يزال في إطار المقبول، إذ أننا نقر له بحقه في السب والشتم كلما تعلق الأمر بنا، و إذا أصبح مبتليا بهذه البلية التي لا نعرف من أين تمكنت منه بالضبط .
نعم إننا نقر للصديق المحترم سابقا بجميع حقوقه في أن يقول ويكتب عن العبد الفقير إلى رحمة الله ما يشاء .. كل ما يشاء، كما جاء في افتتاحية جريدته؛ غبي .. بليد .. عبثي .. خروف .. مخرف ” أستعسل ” الخرافة والأسطورة … و .. وإلى غير ذلك مما كاله لنا من شتائم وسباب .. فقط نريد أن نعلم أمرا واحدا و نذكره بأمر واحد .. لعل وعسى يستفيق من غفوته، إذا كان الأمر يتعلق بمجرد غفوة كما نتمنى، وإن كان لسابقة، تجاوزناها، أثر علينا تدفعنا للخوف بأن في الأمر إن آخر غير الإغفاء .
أما أمر التذكير فيتعلق بما أسماه ” استعسال” الأسطورة، وهنا أريد أن أذكر الصديق المحترم سابقاً بأنه كان ضمن ” جوقة” الأصدقاء الذين كانوا يسخرون منا و يعتبرون أخبار المعتقلات السرية ومعاناة المختطفين مجهولي المصير،خلال سنوات الرصاص، مجرد ” أساطير الأولين ديال ويحمان ” !!
كانت معتقلات تازمامارت وقلعة مݣونة و أݣدز و تاݣونيت وبوزمو والكوري نوحلوف … وغيرها، وكانت أخبار هذه المعتقلات هي مجرد ” أساطير الأولين ديال ويحمان ” لا يجب اخذها بعين الاعتبار وبالجدية المفترضة .. وعندما أصدرنا، إلى جانب جريدة الاتحاد الاشتراكي، جريدة النشرة التي فتحت صفحاتها، لهذه الملفات و هذه ال” أساطير الأولين”، ولاسيما بعد ما خلقته من نقاش ترددت أصداؤه على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي، لم تعد خرافات مستعسلة، وإنما أصبحت مادة دسمة يتم التهافت عليها .
و حتى نربط هذا العرض الملموس بالواقع الملموس، كي نلمسه أكثر، أريد أن أذكر الصديق المحترم سابقا بواقعة هي التي صنعت “مجده” كما قال رئيس له سابق برئاسة تحرير الجريدة؛ ذلك المجد الذي كون رصيده ورأسماله الرمزي الذي بوأه منصب إدارة هذه الجريدة المحترمة سابقاً هي الأخرى؛
التي كانت في القمة وأصبحت اليوم، تحت إدارته، صوتا مبحوحا و مجرد وريقات مهملة يكاد لايلتفت إليها أحد، بعدما كان الناس يتهافتون لحيازة نسختهم منها في الساعات الأولى من صباح كل يوم مخافة نفاذ المتوفر منها قبل الزوال .
أريد أن أذكره بواقعة مذكرات عميد معتقلي تازمامارت، المرحوم محمد الرايس . فالمؤكد أنه لا يمكن إنكارها لأن الشهود مايزالون أحياء، لا بل إنه هو نفسه كتبها في أول حلقة من حلقات المذكرات التي نشرت منجمة على مدى عدة أسابيع رفعت المبيعات لأقصاها . لقد كتب من يسخر اليوم ممن زعم عنه أنه ” يستعسل” الأسطورة ! بأنه لولا “فلان” ( وذكر كاتب هذه السطور بالإسم)ما كان لهذه المذكرات أن ترى النور .. وفي جريدة الاتحاد الاشتراكي بالذات !!
لابد انه يتذكر .. وإذا نسي، فأذكره، والصديقين أحمد المرزوقي وعبد الله أعݣاو مايزالان على قيد الحياة، بذلك المساء الذي جاء فيه للموعد بالمقهى الملتبس الملاصق للبعثة الفرنسية بالرباط حيث لعبنا كلنا أدوار ” الغميضة” كي نهرب المذكرات من خلال إخفائها بحزمها على ظهره( على اللحم) بمرحاض المقهى المطوقة ب”أصحاب الحال ” المتعقبين وقتها لأي شيء يمكن أن تنبعث منه أية رائحة عن ” أساطير تازمامارت ” ..
هذا عن أمر تذكير الصديق المحترم سابقا ب “تازمامارت ” عندما كانت عنده ” أساطير الأولين ديال ويحمان ” وبعدما لم تعد خرافة، وإنما رهان “تستعسل ” دونها كل المغامرات . أما الأمر الثاني المتعلق بإرادة العلم، فنريد، لو تفضل، أن نعرف لماذا يتجند هذا للرد علينا، وبهذا الأسلوب البذيء، دفاعا عن الصهاينة والمطبعين والمبررين .. لماذا انبرى للدفاع عما أصبح مقترفوه يبحثون فيه عن المخارج من مازقهم المخزي الذي وضعوا فيه انفسهم .. لماذا انبرى هذا الرجل غير الغبي وغير البليد والعلمي والذكي .. لماذا انبرى هذا العالم العلامة الفهيم ليكون محامي اكبر فرية في تاريخنا الراهن : ” التطبيع الوطني” !! ؟
نتمنى أن يكون عقل وضمير صديقنا المحترم سابقاً في إغفاءة وحسب، و ان تكون هناك فرصة لاستفاقته .. ونتمنى ألا نضطر للعودة للموضوع إذا تأكد، وهذا ما لانتمناه، صدقا، أن سابقة الوشاية الكاذبة بالكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع على صدر الصفحة الأولى بجريدته لم تكن سوء تقدير من قبيل الأخطاء التي يتم التغاضي عنها، وإنما اختيار مدروس للسقوط و الاصطفاف إلى جانب إخباريي هسبريس ورؤسائهم في مركز ” فلسطينيي إسرائيل ” بأبوظبي وخدام جيس JISS ورئيسهم الشرعي،مفوض العقيد في جيش الحرب الصهيوني، عيران لرمان و ” محبي إسرائيل في المغرب الكبير ” وزعيمهم سيمون سكيرا ..
نتمنى، صادقين، ألا يكون الأمر انخراطا و ” مݣاجيا” في أجندة مناهضة مناهضي التطبيع .. أما يدعوت أحرنوت و هآرنس ومرجعيتهما .. فتلك قصة أشبعناها نقاش في مقالاتنا السابقة .. وقد نعود لوضع نقط على بعض حروفها مرة أخرى .
*آخر الكلام*
إنها إشارة لعل فيها شيء من فائدة لصديقنا المحترم سابقا، وآخر دعوانا مع صاحب ” البهموت”، الشيخ حسن الرباطي الصحراوي، تلميذ الفقيد الحيحي، صهر الشهيد المهدي بنبركة، في دعائه المأثور:
*اللهم اسق عبادك وبهيمتك ..!*