حذرت صحيفة إندبندنت البريطانية من أن “الإصلاحات” التي يعكف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على إجرائها في المملكة تحمل في طياتها نُذر “عدم استقرار”، وأن إجراءاته ضد لبنان وقطر لم تؤت ثمارها.
ورغم أن الصحيفة أشارت إلى أن الشباب السعودي يرى في اعتلاء ابن سلمان السريع سدة السلطة مؤشرا على أن الأمور في البلاد تسير نحو التغيير، فإنها اعتبرت أن كل أفراد المجتمع ليسوا على استعداد لتقبل التحول الاجتماعي.
وذكرت الصحيفة في تقرير لمراسلتها من الرياض أن السعودية تمر حاليا بما سمتها “ثورة” لم تشهد لها مثيلا من قبل، وأنها تقف على أعتاب مرحلة “تغيير فعلي”، مشيرة إلى أن ولي العهد عمد إلى تهميش أفراد العائلة المالكة الذين قد يشكلون “كتلة معارضة” ضده.
على أن الإصلاحات المنشودة التي تُنفذ بأسرع مما كان متخيلا قبل سنوات قليلة، لا تمتد لتطال حرية التعبير والتجمعات والتطبيق المفرط لعقوبة الإعدام. كما أنها لم تحدث تغييرا ذا بال في نظام “المُحْرِم” الذي زعمت الصحيفة أنه يجعل النساء “مواطنات من الدرجة الثانية”.
وبإحكام قبضته على السلطة داخليا، فإن ابن سلمان يتطلع إلى تحقيق رؤية المملكة في إبعاد الشرق الأوسط من “الغريم الإقليمي” إيران. ولعل هذا الموقف تجاه إيران هو ما جعل واشنطن في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقف إلى جانب الرياض في اعتبار أن إيران “شر أكيد” ينبغي على العالم التصدي له.
ورغم أن الولايات المتحدة والسعودية لم تكونا يوما بهذا الاصطفاف والتناغم في العلاقة الشخصية والخطاب السياسي -على حد تعبير دانيال بايمان الباحث بمركز سياسات الشرق الأوسط في واشنطن- فإن محمد بن سلمان لم يكتسب لقب “أخطر رجل في العالم” من فراغ، كما تقول الصحيفة البريطانية.
فالرجل -بحسب مصادر دبلوماسية غربية- مشهود له بالتهور. وسياسته في منطقة الشرق الأوسط حتى الآن تراوحت بين مواقف “محرجة” وعواقب “وخيمة”.
ثم إن محاولاته التأثير في الأحداث في كل من لبنان ودولة قطر جاءت في معظمها بنتائج عكسية، وإن تورطه في الحرب باليمن بلغ من الجمود بمكان حتى بدأ يُشار إليها على أنها فيتنام السعودية.
ونقلت إندبندنت عن الناشط والباحث اليمني فارع المسلمي القول إنه “لا يمكنك أن تبيع بكل وقاحة أسلحة لتأجيج جذوة الحرب اليمنية. ولا يهم كثيرا ما يفعله السعوديون لتجميل صورتهم، فاليمن لا يزال صورة قبيحة هم مسؤولون جزئيا عنها”.
ومضت صحيفة إندبندنت إلى وصف إستراتيجية ابن سلمان في الداخل السعودي بالجريئة، لكنها “كشأن مغامراته الخارجية غير مضمونة النجاح”.
وأوضحت أن المواطن السعودي العادي يعاني من تقليص الدعم عن الوقود والبطالة المرتفعة، وكلاهما عاملان أفضيا إلى انتفاضات وحروب في أماكن أخرى من المنطقة.
وتمضي الصحيفة في القول إن السعودية تقف الآن على أعتاب مرحلة “تغيير فعلي”، بيد أنه تغيير ينذر بعدم استقرار. وختمت تقريرها “فلننتظر لنرى ما إذا كان ولي العهد الجديد قادرا على السيطرة على الكم الهائل من القوى التي أطلق لها العنان داخليا وخارجيا”. إندبندنت