إنشاء جزائر فرنسية على الصحراء المغربية (1906م)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم
إعادة تنظيم حدود الجنوب الجزائري
ملخص:
يتحدث الموضوع على إعادة تنظيم الأراضي الصحراوية المقتطعة من المغرب، جنوب وهران، وتقسيمها لدوائر ومراكز مستقلة إداريا وتنظيميا، عن وهران، وتوجيه توسعها نحو مالي والتشاد، بدل التوجه غربا لبلاد المخزن في تافيلالت، وذلك لتفادي الاحتكاك بمقاومة المخزن والقبائل، للمشاريع الاستعمارية على ضفاف الساورة.
والملاحظ أن “بشار” لم تكن ضمن الأراضي المحتلة.
كلمات دالة:
غرداية، لقليعة، الواحات، تيدكلت، كلومب، الطوارق، الساورة، تاجيت، عين الصفراء، امشريعا، كورارة، اتوات.
لقد أدى توسيع سيطرتنا على الصحراء الجزائرية في السنوات الأخيرة، إلى دفع الحكومة لتعديل التنظيم الذي حدده المرسوم الصادر في 12 دجنبر1905 للأقاليم الجنوبية.
يذكر أن المادة الثانية 2 من هذا المرسوم نصت على أنه بشكل استثنائي، يكون القائد العسكري للواحات مسؤولا أمام القائد الإقليمي لعين الصفراء؛ في المسائل العسكرية والسياسية، وفي كل المسائل المتعلقة بأمن الجزائر، وبوليس الحدود.
لقد وجد قائد الواحات نفسه، مكلفا بمهمة مزدوجة؛ من ناحية، كان عليه ضمان مراقبة الطوارق في الجنوب، بالإضافة إلى الارتباط بإفريقيا الغربية الفرنسية.
ومن ناحية أخرى، ستسهم في تأمين الحدود الجزائرية باتجاه الغرب، من خلال حماية ناحية اتوات، والدفاع عنها ضد كل عدوان.
مسألة الطوارق لم تكن تتمتع بالأهمية التي اكتسبتها منذ ذلك الحين، موضع انشغالاتنا خاصة الغرب، لقد كان البرابر على أهبة الاستعداد للدخول في الحملة، فأبقوا مراكزنا في حالة تأهب دائم، من بني ونيف إلى اتوات، لذلك بدا من الأفضل ربط الواحات بعين الصفراء، بشكل وثيق، وبالتالي ضمان وحدة إدارتنا عمليات بوليسنا في اتجاه الغرب.
واليوم، الوضع مختلف تماما، دور كومندار الواحات في مواجهة الطوارق أكثر دقة واتساعا، فقد أصبح مكلفا بالحفاظ على اليقظة الدائمة لهؤلاء السكان، لذلك سار عليه واجب القيام بدور البوليس في كتلة الهكار، وبنفس الإجراء، فيما يتعلق بتطوير علاقاته مع إفريقيا الغربية، أكثر فأكثر كل يوم.
إن أغلب قواته المتحركة، متمركزة بشكل دائم، في بلاد الهكار، ولم يعد بإمكانها أن تدعم بشكل فعال، وفي الوقت المناسب، عمل قيادة إقليم عين الصفراء ضد البرابرة والمغامرين الآخرين، الذين يغزون المنطقة من غرب الساورة، وفي ظل هذه الظروف، نشأت الحاجة إلى إنشاء أجهزة مختلفة، من أجل وظيفة مزدوجة داخليا، مخصصة بكومندار ناحية الواحات.
وقد بررت اعتبارات أخرى، اعتماد هذا الإجراء في جنوب شرق الجزائر، إذ لم تكن تحركاتنا مضبوطة بشكل منتظم على الإطلاق؛ في الواقع كان الجنوب الغربي حتى الآن، يستحوذ على اهتمامنا بشكل حصري تقريبا …بحيث كان تدخلنا يتم من خلال تدخل قوات غير نظامية في الأساس، والتي كانت تسعى فقط، لتنفيذ أعمال انتقامية، ضد أعمال اللصوصية، التي تتعرض لها قبائلنا.
كان الكومندار العسكري لتوكٌّوت، هو المسؤول عن التصرف على هذه الحدود، ولكن لممارسة نشاطها خارج الحاجز، الذي يكاد يكون من المستحيل عبوره، وهو العرق الكبير، لم يكن أمامها سوى طريق كاسي-طويل، وهو خط مائي، لا توجد أي إمكانية لتحسينه، لأن الآبار التي تشكلها منفصلة عن بعضها بمسافات كبيرة، (اثنان منها على وجه الخصوص متباعدتان بمسافة 70 كلم) وخريطة طبقة المياه الجوفية لا توجد إلا في نقاط معينة، على عمق 73 مترا، وحتى 83 مترا.

هذا الطريق ليس عمليا صالحا للاستخدام، وإذا كانت النتائج الجيدة التي حققها القبطان توتشارد، رئيس مكتب الشؤون المحلية في توكارت، والذي لم يُنس استكشافه في عامي 1904 و1905 بتاسيلي في أدجير وجانيت، بفضل حيويته ونشاطه، ولكن مهما حدث، فطريق كاسي-طويل ستبقى دائما محفوفة بالمخاطر.
ومن الجدير بالذكر أيضا أنه في كل مرة كانت فيها مفرزة في السنوات الأخيرة في تيماسينين (فورت فلاتيرز) أو في المنطقة المحيطة بها، في وركلة التي كانت ترسلها إلى توكَّرْت عبر وركلة، على بعد أكثر من 100كلم جنوب توكرت، وأيضا لأن وركلة هي أصل الطريق المباشر إلى تيماسنين، وهو الطريق الذي قيل عنه، إنه الطريق الوحيد المستخدم، الذي سلكته بعثة فلاترز الأولى، وبعثة فوريان-لامي على التوالي، وذلك بسبب طبيعة الأرض الأقل سهولة من طريق كاسي-اطويل، إلا أنه يتميز بكثرة نقاط الماء فيه.
على أي حال سيكون الأمر أسهل للترتيب، ومن خلال إعادة فتحه، فإننا سوف نستأنف تقليدا قديما.
وأخيرا هل هناك حاجة إلى تسليط الضوء على الميزة التي قد تتحقق من خلال وضع تحركنا السياسي في يد واحدة فيما يتعلق بالطوارق، سواء في الهكار أو أدجر؟
الأولون خاضعون بالفعل؛ يكتسبون المزيد من الثقة كل يوم.
وبفضل مساعدتهم، يمكننا أن نأمل في استكمال مسيرة أدجر، للخضوع بدورها، ولكن في تيماسنين على وجه الخصوص، سوف يجد عملنا على هذه الأخيرة دعمه الطبيعي، لأن هذه المنطقة تتحكم في الوصول إلى تاسيلس، أدجر، وكذلك وركلة، نقطة انطلاق التواصل، مصدر تشغيل الشركات الصحراوية والكوم المتميزين المكونين من الشعابنة، الذي يجب الاعتماد عليهم في احتلال بلاد الطوارق.
استلهام الحكومة لهذه الاعتبارات المختلفة، دفعها لإصدار مرسومين في 10 أبريل 1907 يتعلق بتعديلات ما يلي:
1- الضم النهائي لأراضي عين الصفراء كلا من كورارة واتوات العليا والتي ستعتمد من الآن فصاعدا على كولومب.
2- تنظيم إقليم خاص بالعمال الأجراء فقط، يحتفظ باسم إقليم الواحات، ويشمل وركلة مع تيماسنين والغولية، وتيدكلت، واتوات السفلى، أي الجزء الجنوبي من اتوات، الذي لا تربطه علاقات بالغرب، بل له علاقات مع الطوارق والسودان.
3- وأخيرا منح الاستقلال الإداري لإقليم الواحات.
من الآن فصاعدا، فإن كومندار الواحات تخلص من الهدف الغربي الذي كان يركز في السابق تحركاته عليه، ليتحول للجنوب حيث سيكون قادرا على تكريس كل جهوده للتطور الطبيعي لهيمنتنا على الطوارق، أما بالنسبة لأراضي توكورت فلم يعد يشغله سوى علاقة طرابلس تجاه غدامس، ولذا فإنه سيكون من الآن فصاعدا مكلفا بمهمة تتناسب مع القوات والموارد المتاحة له.
هذا نص المرسوم الصادر بتاريخ 10 أبريل1907 بشأن هذا التنظيم:
المادة 1- المواد 3 و4 و5 و 7 من المرسوم الصادر في 12 دجنبر 1905 الذي يحدد الدوائر والملحقات التي تدخل في تكوين كل من معابر الجنوب يتم تعديلها على النحو التالي:
الفصل الثالث: أراضي عين الصفراء التي يوجد رئيسها في عين الصفراء تتكون من:
دائرة جيريفيل، دائرة امشيريعا، ملحق عين الصفراء ملحق بني ونيف، دائرة كولومب التي تضم لها الواحات: بني عباس، اتوات، ومركز كورارة.
الفصل الرابع:
أراضي الواحات الصحراوية التي يوجد رئيسها في عين الصفراء وتتكون من:
ملحقة تدكلت، ملحقة وركلة، مركز لقليعة.
الفصل الخامس:
أراضي غرداية التي يوجد رئيسها في لغواظ وتشمل؛ دائرة الجلفة، ملحقة الأغواط، دائرة غرداية.
الفصل السابع: تم الحفاظ على المواقع العسكرية والإدارية في تاجيت، وتايسن، التابعتين لكولومب.
تم إنشاء مركز عسكري وإداري في فورت فللاتيير (تيماسنين أراضي الواحات الصحراوية).
الفصل الثامن: وزير الحربية والداخلية، مسؤولان كل فيما يخصه، عن تنفيذ هذا المرسوم.
المرسوم الثاني الموقع في 10 أبريل، هو أيضا مكتوب على النحو التالي :
المادة 2 من المرسوم الصادر في 12 دجنبر 1905 يعين القادة العسكريين للأقاليم الجنوبية، على النحو التالي: بشكل استثنائي ومؤقت، يقدم القائد العسكري للواحات تقاريره إلى قائد إقليم عين الصفراء، في الأمور العسكرية، والسياسية، وفي كل ما يتعلق بضبط أمن الجزائر، وبوليس الحدود.
الفصل الثاني: وزير الحرب والداخلية مكلفان كل في اختصاصه، بتنفيذ المرسوم المنشور في الجريدة الرسمية للحاكم العام بالجزائر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
La reorganisation des terretoires du sud de l,algerie
في: “نشرة إفريقيا الفرنسية” (ص:171-173/1906).



