إيران بين الحقيقة والدعاية.. قراءة في مفاهيم القوة والتحولات الدولية

هوية بريس – علي حنين
في مقالة فكرية مثيرة، فنّد المفكر المغربي إدريس الكنبوري ما يروج له الإعلام الغربي والمستعرب من “معطيات زائفة” حول القدرات العسكرية الإيرانية، مشيرًا إلى أن هذا الخطاب يهدف إلى التقليل من شأن إيران وتصوير إسرائيل كقوة لا تُقهر.
🧠 نفسية الهزيمة وأوهام القوة المطلقة
يرى الكنبوري أن “الغوغاء العرب” في وسائل التواصل الاجتماعي ينساقون خلف خطاب إعلامي يعيد إنتاج عقلية الهزيمة، قائلًا: “هذه الأفكار ناتجة عن نفسية الهزيمة التي أنتجت عقلية مريضة في التعامل مع الواقع“، حيث يُختزل مفهوم القوة في الغرب وإسرائيل فقط، بينما تُسلب الأطراف الأخرى من أي قدرة على التأثير.
📚 القوة تغيرت.. والغرب لم يفهم بعد
في سياق تفكيكه لمفهوم القوة، استشهد الكنبوري بكتاب “عجز القوة” للباحث الفرنسي برتراند بادي، الذي خلص إلى أن العالم لم يعد يُقاس بمقاييس تقليدية، بل أصبحت القوة تنتقل تدريجيًا إلى الدول الصغيرة والجماعات غير النظامية.
واستدل الكنبوري بتجارب الجماعات المسلحة في إفريقيا، التي تمكنت من طرد فرنسا من عدة دول، رغم ضعفها التقليدي، مشددًا على أن “التحالفات الإفريقية الأوروبية فشلت في القضاء عليها رغم كل الجهود“.
📌 إيران.. من حرب الخليج إلى اللاعب العالمي
ويؤكد الكنبوري أن إيران لا يمكن اختزالها في كونها قوة إقليمية، بل هي قوة عالمية تواجه تحديات مع أمريكا وأوروبا، وليس فقط مع إسرائيل.
واستعاد في هذا الصدد تجربة الحرب الإيرانية العراقية، قائلًا: “إيران خرجت أكثر قوة من الحرب وأعادت بناء نفسها”.
وأشار إلى أن تفكك الاتحاد السوفياتي منح إيران فرصة فريدة لامتصاص الخبرات العسكرية من الأقاليم المنفصلة، خاصة تلك التي تتقاسم الخلفية الفارسية، ما مكنها من تطوير بنيتها الدفاعية في صمت على مدى نصف قرن.
🛰️ مقاومة متعددة الأذرع… ومعادلة جديدة في الشرق الأوسط
لفت الكنبوري إلى أن إيران تدير مجالًا حيويًا في المنطقة من خلال دعم جماعات مسلحة تواجه إسرائيل، مؤكدًا: “لم تشهد المنطقة بلدا غير إيران لديه الجرأة الكافية للعب مختلف الأدوار”.
واعتبر أن مواجهة إيران لإسرائيل وأمريكا بشكل مباشر هو “دليل على قدراتها العسكرية النوعية”، خاصة في ظل الحصار الدولي المفروض عليها.
🔥 المقاومة والفارق الإيراني
وعن المقاومة الفلسطينية والحوثيين، كتب الكنبوري: “لو كانت المقاومة الفلسطينية تملك نصف القدرات العسكرية لإيران لكانت النتائج مختلفة”، مشيرًا إلى أن الصمود الحالي في غزة واليمن يُظهر مدى تعدد أدوات القوة الحديثة.
وأضاف: “المقاومة خاضت أطول حرب في التاريخ الحديث، وكبدت إسرائيل خسائر كبيرة”، وهو ما لم يكن ممكنًا دون تحولات عميقة في موازين القوة الإقليمية.
🏇 سباق غير متكافئ.. ولكن النصر ليس للراكب دائمًا
واختتم الكنبوري تحليله باستعارة بليغة قال فيها:
“العالم يصدر أحكاما خاطئة على سباق خيول يشارك فيه فرسان يركبون أحصنة مدربة جيدة التغذية مع رجال يركضون على أقدامهم، مهما قطع هؤلاء من مسافة على أقدامهم وسبقهم الراكبون فهم المنتصرون لا الراكبون”.
🧭 ختاما
في مقالته، يكشف إدريس الكنبوري عن إعادة تعريف القوة في العصر الحديث، ويوجه نقدًا لاذعًا لخطاب إعلامي موجه لا يرى سوى التفوق الإسرائيلي والغربي، مؤكدًا أن التوازنات الدولية الجديدة تصنعها دول وجماعات “تقاتل بيد واحدة” بسبب الحصار والمنع والتحالف الدولي.



