ابنة المعتقل الإسلامي “رشيد العروسي” المصابة بالسرطان تناشد الملك للإفراج عن أبيها
هوية بريس – متابعات
قالت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين أنها توصلت برسالة مفتوحة من ابنة المعتقل الإسلامي رشيد العروسي الغريبي تناشد فيها الملك للإفراج عن أبيها.
وفيا يلي نص الرسالة:
وتستمر المعاناة
في يوم12/05/2020 ذهبت لأخضع للعلاج الكيماوي وكما تعودت في كل حصة وبعد عودتي إلى البيت هاتفت أمي فلمحت على وجهها أن ثمت أمر ما لكنها أصرت على كتم الأمر عني و عن إخواني و اختارت أن تتحمل مرارة الخبر لوحدها ورغم إلحاحي عليها إلا أنها كانت تقنعني أن كل شيء على ما يرام. مر اليوم الذي خضعت فيه للعلاج دون أن أتلقى أي مكالمة من أبي الذي اعتدت على مكالمته بعد كل حصة ليطمئن على أحوالي و كيف كان يومي و يسمعني بعض كلمات الحب و الحنان حتى أتنفس الصعداء من مرارة المرض لكن انتظرت ذلك اليوم دون جدوى. في الغد سألت أمي هل من خبر عنه و هل اتصل بكم لكن الجواب كان “لا” ظللت على تلك الحال يوما بعد آخر أترقب هاتفي لأتلقى اتصالا من أبي وأخذ الأمر يشغل تفكيري لأنها ليست من عادته عدم الاتصل بي و لو لبضع ثواني.
صبيحة 14/05/2020 كان إلحاحي شديدا على أمي لتخبرني ما الأمر لأنها بدت لي ليست بخير لتخبرني بعد تنهيدة طويلة أن ذلك الأسبوع مر عليها بشق الأنفس لدرجة أنها وصفت لي الأمر قائلة “كان رأسي يا ابنتي في هذا الأسبوع شبيها برأس الخروف بعد شويه يكون رأسه يحترق و فمه يضحك”كان هذا الوصف كخنجر طعن قلبي لم اتحمل سماعه. ثم أتمت قائلة ” لقد تم نقل أبيك من سجن عكاشة بالدار البيضاء إلى سجن تولال 2 بمكناس و في هذه الفترة التي كتمت الأمر عنكم كنت أحاول مراسلة العديد من الجهات لإيجاد حل للأمر دون أن يعرف أحد منكم لكن لا مجيب ولا خبر عن أبيكم إلى حدود الساعة “.
بعد سماعي لهذا الخبر الذي هز قلبي عادت بي ذاكرتي إلى المعاناة التي عشناها خلال 17 سنة الماضية والتي لازلنا نعيشها إلى حدود اليوم فأنا أتساءل أليس من حقنا أن ننعم و لو بالقليل من العيش الرغيد الذي يتمتع به غيرنا؟ ألسنا أهلا لأن نجتمع مع أبينا و نأخذ قسطا من الدفء و العطف و الحنان و الاهتمام؟ هل يريدوننا أن نفنى ونرحل من هذه الدنيا واحدا تلو الآخر حتى يكونوا على ما يرام ؟
كل هذه السنين التي مرت و قلبنا يشتعل أملا بأنه لا محالة سيأتي اليوم الذي نرى أبي وهو يغادر أسوار السجن وهو كالأسد المغوار منتصرا مرفوع الرأس لبراءته من كل ما نسب إليه.
كل هذه السنين لم تمر على أفراد عائلتي مرور الكرام فكل فرد منا نال حقه من اليتم و الآلام بدءا من أمي التي تحملت عبء المسؤولية لوحدها في تربيتنا فقد كان لها دور الأم في إشباعنا بالحب و الحنان و العطف و الاهتمام ودور الأب في التربية و كل ما هو من مسؤولية الرجل فيما يتعلق بالمستلزمات الخارجية، فتحملت مسؤولية الدورين لم يمر عليها هباء منثورا دون أن يترك آثارا سلبية على نفسيتها و جسدها إلا أنها وإلى حدود الساعة لازالت أكثر فرد فينا يتحلى بالصبر وكلما لجأنا إليها نجدها كالجبل الشامخ الذي لا يتزحزح.
بعدها يأتي دور إخوتي الثلاثة و الذي كان كل واحد منهم ضحية لهذا الظلم، أخي الأكبر و الأكثر فينا تعلقا بأبي وصل به الحال الآن إلى أن أصبح معزولا كليا عن العالم الخارجي بل و حتى عنا نتيجة للصراع النفسي الذي يمر به و يقاومه وحيدا و الذي كان له تأثيرا على مساره الدراسي، و على حياته الشخصية ورغم أنه شاب ناضج في مقتبل عمره إلا أن وقت تحدثه مع أبي في الهاتف تعود إليه روح الطفولة ليصير كالولد الصغير الذي يتلهف شوقا إلى محادثة أبيه و مشاركته أبسط أمور حياته ويومه .
أخي الأصغر مني هو الآخر يعاني من اضطرابات نفسية و الأكثر منها جسدية، فهو الآن يعاني من فقر الدم و عند سماع أي خبر عن أبي يعزل نفسه في غرفته و يظل بلا مأكل و لا مشرب بل و أكثر من ذلك يشتد به الحال لدرجة أنه يتقيأ الدم فنضطر إلى الذهاب به إلى المستشفى اطمئنانا على صحته ليخبرنا الطبيب أن كل ذلك نتيجة الأعصاب التي تؤثر على كبده، هو الآن لازال يتابع مساره الدراسي لكن هذه الظروف أثرت عليه كثيرا فأصبح شغله الشاغل هو قضية أبي .
أما أصغرنا سنا وهو الآن طفل ذو 7 سنوات فلا أعرف صراحة كيف أصف حال هذا البريء الذي لم يعرف إلى حدود الآن معنى وجود الأب في البيت و كلما سألناه عن مكان أبي يجيبنا قائلا ” إنه في منزله في مدينة كذا…حسب موقع السجن” و عاما بعد آخر تبدأ معه معاناة تلبية فضوله في الإجابة على أسئلته الفطرية منها معرفة سبب غياب أبي ؟ و لماذا لا نراه إلا مرة في الشهر أو شهرين حسب الظروف ؟لماذا هو في مدينة أخرى؟متى سيعود أبي؟فما ذنب هذا البريء الذي فتح عينيه على الدنيا ليجد نفسه يتيم الأب و محروما من عطفه و دفئه، أتذكر في يوم من الأيام كنت أمازحه قائلة ” سيأتي أبي ليقطن معي في الدار البيضاء” فأجابني “لا” وبعد إلحاحي عليه أنه سيكون بقربي في الدار البيضاء بدأ بالصراخ و البكاء و يقول لأمي “أخبريها أنه سيأتي ليكون معنا هنا ببيتنا”، أسعد يوم بالنسبة لهذا الطفل البريء هو اليوم الذي نجهز فيه أنفسنا لزيارة أبي فتكون فرحته حينها أكثر من فرحة الأطفال بهدايا العيد.
أما أنا فلا داعي لأن أتحدث عن نفسي فخير دليل على المعاناة التي أمر بها ما أصبت به من مرض السرطان و الذي من أكبر أسبابه ” الأعصاب و الضغط النفسي ” رغم ذلك لا تهمني نفسي أكثر من تحسري و تألمي عندما أرى فرد من أفراد عائلتي يئن و يتألم في صمت.
ففي هذا الشهر الفضيل و في هذه الأيام المباركة تلقينا خبر الزج بوالدنا في عزلة انفرادية بسجن تولال2 بمكناس بعد أن كان لدينا القليل من الأمل في أن يتم الإفراج عنه بالعفو الملكي الذي صدر مؤخرا بسبب جائحة كورونا و الذي اعتمد على بعض المعايير التي كنا من خلالها نرى أن أبي سيكون ضمن من يشملهم العفو لو أنهم أخذوها حقا بعين الاعتبار، المعايير التي ذكروها منها مدة الاعتقال ،حسن السيرة و السلوك و الانضباط طيلة المدة السجنية إلى غير ذلك.
ومما تجدر بي الإشارة إليه أن أبي حصل على العديد من الشواهد داخل المؤسسة السجنية:
– سنة 2013 حصل على إجازة في “القانون العام عربي”
– حاصل على دبلوم ماستر تدبير الشأن العام المحلي سنة 2017 بعنوان”الهوية و الجهوية بالمغرب” بميزة مستحسن مع توصية بالطبع و النشر ككتاب.
– الآن طالب باحث في سلك الدكتورة بعد اجتيازه للمباراة يوم 16 دجنبر 2019 وتم قبوله فيها.
فهذه الدراسات خير دليل على تفتحه الفكري و توسعه المعرفي.
بعد أن حاولت أمي مرارا و تكرارا مراسلة الجهات الوصية من أجل إيجاد حل لملف أبي لم يبقى لدينا سوى هذه الطريقة لإيصال صوتنا فأنا أناشد و أطالب ملك البلاد بتمتيع والدي بالإفراج عن طريق مسطرة العفو.
و السلام.
ابنة المعتقل الإسلامي رشيد العروسي الغريبي.اهـ.