اتفاق دولي “رائد” بشأن قواعد التجارة الإلكترونية بعد سنوات من المفاوضات.. ما القصة؟
هوية بريس – وكالات
أعلنت بريطانيا الجمعة أن عشرات الدول أنهت سنوات من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق “رائد” بشأن قواعد للتجارة الإلكترونية العالمية.
وتعد حماية المستهلكين عبر الإنترنت ورقمنة الإجراءات الجمركية والاعتراف بالتواقيع الإلكترونية من بين التدابير المنصوص عليها في النص الذي يهدف إلى تعزيز وتسهيل المعاملات الإلكترونية.
وقالت بريطانيا في بيان إن الاتفاق بمجرد توقيعه “سيجعل التجارة أسرع وأرخص وأكثر إنصافا وأمنا”. تنمو التجارة الإلكترونية بشكل أسرع بكثير من نظيرتها التقليدية. وقدرت مجموعة الدول المتقدمة اقتصاديا في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أنه في عام 2020، شكلت التجارة الإلكترونية بالفعل ربع التجارة العالمية، ما يجعل قيمتها أقل بقليل من 5 تريليونات دولار.
وقال وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز في البيان إنه على الرغم من أهميتها المتزايدة، “ليس هناك مجموعة مشتركة من القواعد العالمية”.
وأضاف أن الانتهاء من المفاوضات “يعد خطوة كبيرة إلى الأمام في تصحيح ذلك وضمان شعور الشركات البريطانية بالفائدة”. انطلقت المحادثات عام 2019، وتمثل الدول المتفاوضة 90 في المئة من أعضاء منظمة التجارة العالمية، من بينها دول كبيرة مثل الولايات المتحدة والصين إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
“عمل قيد الإنجاز”
من المقرر تقديم النص النهائي الجمعة خلال اجتماع مغلق في مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت جميع الدول التي شاركت في المفاوضات ستوقع الاتفاق النهائي والمدة التي سيستغرقها التنفيذ.
في هذا الصدد، قالت السفيرة الأميركية ونائبة الممثلة التجارية الأميركية ماريا باجان للصحافيين الخميس “من وجهة نظرنا لا يزال النص قيد الإنجاز”. وأضافت “لدينا مجموعة متنوعة من القضايا التي لا تزال معلقة من وجهة نظرنا”، مشيرة على سبيل المثال إلى الاستثناءات المتعلقة بالخصوصية والأمن.
وقالت أستراليا واليابان وسنغافورة، وهي دول تقود المحادثات، إن الهدف هو تسهيل المعاملات الإلكترونية وتعزيز التجارة الرقمية وتعزيز اقتصاد رقمي مفتوح وموثوق. وقال سفير سنغافورة لدى منظمة التجارة العالمية هونغ سينغ تان في أبريل “ستكون هذه أول مجموعة من القواعد الأساسية للتجارة الإلكترونية على الإطلاق”.
وأضاف “ستساهم في نمو التجارة الإلكترونية في بلداننا من خلال توفير قدر أكبر من القدرة على الثبات القانوني واليقين، في ظل التشظي التنظيمي المتزايد”.
في بيان الجمعة، قال وزير العلوم البريطاني بيتر كايل إن الاتفاقية تهدف إلى “مساعدة الناس على استخدام التكنولوجيا بأمان من خلال حمايتهم من الاحتيال، مع دفع النمو الاقتصادي من خلال رقمنة التجارة بحيث تكون أسرع وأكثر أمانا”.
إجماع ضروري في منظمة التجارة
تتضمن الاتفاقية أيضا قسما يمنح معاملة تفضيلية للدول النامية. وقال البيان البريطاني إن الاتفاق قد يؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة بما يصل إلى 24,2 مليار جنيه استرليني، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي لعام 2023.
وأضاف “حتى التبني الجزئي يمكن أن يمثل دفعا كبيرا للناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة”. بالإضافة إلى تمهيد الطريق لرقمنة المستندات والعمليات الجمركية، يسعى النص أيضا إلى جعل الإعفاء الاختياري الساري منذ أمد للمعاملات الإلكترونية من الرسوم الجمركية أمرا دائما.
وقد تم تطبيق الوقف الاختياري منذ عام 1988، وتم تمديده في كل اجتماع وزاري لمنظمة التجارة العالمية منذ ذلك الحين. ومن المقرر أن ينتهي سريانه في عام 2026. وقال البيان البريطاني “بمجرد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، فإنها ستحظر بشكل دائم الرسوم الجمركية على المحتوى الرقمي”.
الهدف هو دمج الاتفاقية في الإطار القانوني لمنظمة التجارة العالمية، لكن ذلك يتطلب إجماعا من الأعضاء، ومن بينهم الدول التي لم تشارك في المفاوضات. وقد يكون ذلك صعبا في ظل رفض دول مثل الهند وجنوب إفريقيا ما تعتبره انتشارا للاتفاقيات المحدودة الأطراف داخل منظمة التجارة العالمية بدلا من الاتفاقيات المتعددة الأطراف المدعومة من جميع الأعضاء.
ويقول المراقبون إن أحد الحلول قد يكون نقل الاتفاقية إلى هيئة دولية أخرى. ولكن إذا تم ذلك، فلن تتمكن الأطراف من الاعتماد على آلية منظمة التجارة العالمية لحل النزاعات التجارية.