احذروا الإفراط في استخدام سماعات الأذن

21 ديسمبر 2025 01:53

هوية بريس – وكالات

حذرت دراسة حديثة من فقدان سمع متزايد بين المراهقين بسبب الاستخدام المفرط للسماعات والضوضاء اليومية، مؤكدة أن واحدا من كل 8 يعاني تلفا سمعيا.

كشفت أرقام ودراسات حديثة عن خطر صحي متنام يهدد جيلا كاملا من المراهقين والشباب، يتمثل في فقدان السمع التدريجي الناتج عن التعرض المزمن للأصوات المرتفعة، في مقدمتها استخدام سماعات الأذن لفترات طويلة وبمستويات صوت غير آمنة.

خطر يوصف بأنه “موجة صامتة” تتسلل دون أعراض واضحة في بداياتها، لكنها تترك آثارا طويلة الأمد على القدرة السمعية وجودة الحياة.

وعرض برنامج “مع الحكيم” على قناة الجزيرة مباشر، دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من المركز الطبي لجامعة إراسموس في روتردام بهولندا، نُشرت في ديسمبر 2025 في مجلة طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق، واعتُبرت من أكبر الدراسات التي تناولت صحة السمع لدى المراهقين.

تلف سمعي

وشملت الدراسة 3347 مراهقا هولنديا ضمن مشروع بحثي طويل الأمد يعرف باسم “جنيريشن آي”، وأظهرت نتائجها أن واحدا من كل 8 مراهقين دون سن 18 عاما يعاني بالفعل علامات تلف سمعي ناتج عن الضوضاء، فيما يعاني نحو 6% منهم من فقدان سمع حسي عصبي مثبت طبيا.

وأشارت النتائج إلى أن شدة التلف السمعي تزداد بوضوح في سن 13 إلى 18 عاما، وهي المرحلة الأكثر حساسية في النمو العصبي والسمعي، ما ينذر بعواقب طويلة الأمد إذا لم يُتدارك الأمر مبكرا.

ووفق الدراسة، فإن السبب الأول والأكثر تأثيرا يتمثل في التعرض المزمن للأصوات العالية عبر السماعات الذكية، حيث يتراوح متوسط الاستخدام اليومي بين ساعتين إلى 4 ساعات، غالبا بمستويات صوت تتجاوز الحدود الآمنة.

عادات غير آمنة

وأوضح الدكتور زياد مندور، استشاري الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى الفنون الجراحية في قطر، ضيف برنامج “مع الحكيم”، أن استخدام السماعات لفترات طويلة يأتي في مقدمة العادات المؤذية للسمع، لكنه ليس العامل الوحيد، مشيرا إلى أن نمط الحياة الحديث بات مليئا بمصادر الضوضاء اليومية داخل المنازل نفسها، مثل المكنسة الكهربائية، والخلاط، ومجفف الشعر، إضافة إلى الضوضاء المستمرة في الشوارع.

كما حذر من عادات شائعة يستهين بها كثيرون، مثل استخدام أعواد القطن أو أدوات تنظيف الأذن، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى دفع الشمع إلى داخل الأذن، ما يسبب التهابات ومشكلات سمعية لاحقا.

وأضاف أن سوء التغذية، التدخين المفرط، وقلة الحركة والخمول تؤثر بدورها على الدورة الدموية، وبالتالي على تغذية خلايا الأذن الداخلية وقدرتها على العمل والنمو بشكل سليم.

الإفراط في استخدام السماعات

وحول الآلية الطبية للتلف السمعي، أوضح الدكتور مندور أن جميع أنواع السماعات، سواء كانت سلكية أو لاسلكية أو بلوتوث، تحمل الخطورة ذاتها تقريبا من حيث تأثير الصوت المرتفع، مع اختلافات طفيفة تتعلق بالتقنية.

وبيّن أن التعرض الطويل للأصوات العالية يؤدي إلى 3 مشكلات رئيسية:

– مشكلة ميكانيكية: نتيجة الحركة السريعة والمفرطة لطبلة الأذن والعظيمات.

– مشكلة كيميائية: بسبب زيادة عمليات الأكسدة داخل الأذن الداخلية.

– مشكلة حسية عصبية: تصيب الوصلات العصبية والمستقبلات المسؤولة عن السمع.

استخدام آمن

وردا على المخاوف من الدعوة إلى منع السماعات كليا، أكد الدكتور مندور أن استخدام السماعات ليس مرفوضا إذا تم بشكل منظم وآمن، مشددا على قاعدة 60/60، والتي تعني:

– استخدام 60% فقط من الحد الأقصى لقوة الصوت.

– ألا تتجاوز مدة الاستخدام 60 دقيقة متواصلة.

وأضاف أن معظم الهواتف الذكية الحديثة أصبحت تصدر تنبيهات تلقائية عند تجاوز مستوى الصوت الآمن، محذرا من تجاهل هذه الإشعارات.

كما أوضح أن الاستماع بمستوى أقل من 70 ديسيبل تقريبا يعد آمنا نسبيا، بشرط وجود فترات راحة تتيح تهوية الأذن وتقلل خطر الرطوبة والالتهابات الفطرية.

أيهما أخطر: السماعات داخل الأذن أم فوق الرأس؟

وبين الاستشاري أن السماعات التي توضع داخل الأذن مباشرة تمثل خطورة أكبر، لأنها تنقل الصوت دون تشتت، في حين تعد السماعات التي توضع فوق الرأس أقل خطورة نسبيا من حيث شدة التأثير الصوتي.

إلا أنه حذر في المقابل من آثار جانبية محتملة للسماعات فوق الرأس، مثل:

– الصدع الشدي.

– الطنين أو التنميل.

– الصداع النصفي وصعوبة حركة الفك، والتي قد يساء تشخيصها أحيانا كمشكلات عصبية.

متى نعرف أننا تجاوزنا الحد الآمن؟

ومن العلامات التحذيرية المهمة، بحسب الدكتور مندور، أنه إذا كان الشخص الجالس بجوارك يسمع ما يصدر من سماعتك، فهذا يعني أنك تجاوزت 60-70% من مستوى الصوت الآمن.

وأكد الطبيب أن الوقاية تبقى خط الدفاع الأول، لكن في حال حدوث ضرر سمعي، تتوفر عدة خيارات علاجية، تشمل:

– العلاج الدوائي بمكملات تحسن الدورة الدموية وتغذية الأعصاب.

– الحقن الموضعية مثل الكورتيزون في حالات فقدان السمع المفاجئ.

– مكملات مثل حمض الفوليك وفيتامينات “بي” المركبة.

– أدوية حديثة تساعد على إعادة بناء الخلايا العصبية بدرجات متفاوتة.

وأشار إلى أن الهدف الأهم من العلاج ليس فقط استعادة السمع، بل تحسين القدرة على تفسير الكلام، وهي أولى الوظائف التي تتأثر لدى المصابين.

إنذار مبكر

وأوضح الدكتور زياد مندور أن الدراسات الحديثة أظهرت أن أول الترددات التي تتأثر هي ترددات فهم الكلام، وهي مشكلة كانت شائعة لدى كبار السن، لكنها باتت تظهر الآن لدى المراهقين بسبب الاستخدام السيئ للسماعات، إلى جانب التعرض للأصوات العالية في الصالات الرياضية وأماكن الترفيه.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
9°
15°
الإثنين
16°
الثلاثاء
15°
الأربعاء
14°
الخميس

كاريكاتير

حديث الصورة