احذروا هذا النوع من الكفر بالله

05 ديسمبر 2025 15:41

هوية بريس – د.رشيد بن كيران

احذروا هذا النوع من الكفر بالله.. كره ما أنزل الله

(وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَتَعۡسا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ 8 ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلَهُمۡ 9﴾ [محمد].

كره ما أنزل الله ليس مجرد ترك للامتثال أو وقوع في معصية، بل هو موقف قلبي خطير تجاه الوحي نفسه؛ فالمعصية قد تقع من المسلم مع بقاء تعظيم والوحي والإقرار به، بل قد يقترفها مع الاعتراف بالخطأ وحرص النفس على التوبة. أما كراهية ما أنزل الله فهي موقف مناقض للإيمان؛ لأنها تتوجه إلى المشرِّع قبل التشريع، وإلى الله المنزّل قبل التنزيل أو ما أنزل، فتكون إحباطا للعمل ومخرجة لصاحبها من دائرة الإسلام إذا استقرت في قلبه. وهذا ما صرحت به الآية الكريمة أعلاه.

ولذلك فرق العلماء بين ترك شريعة ما وبين كرهها: فمثلا ترك الصلاة مع الاعتراف بفرضيتها تقصير ومعصية على قول جماهير الفقهاء، لكن بغض الصلاة نفسها إنما هو بغض لمن فرضها، وهو حال لا يجتمع مع الإيمان بالله وتوحيده، فلا يكره الصلاة إلا منافق أو كافر.

وكذلك شرب الخمر قد يكون ضعفا أو غلبة شهوة، ولا يوجب كفرا ما دام صاحبه مقرا بتحريمها، بينما كره تحريم شرب الخمر هو استنكاف عن حكم الله، واستثقال لسلطانه، ورفض لألوهيته، وكراهية لهيمنة وحيه، وهو ما عبرت عنه الآية بوصفه موجبا لإحباط الأعمال.

وكذلك عدم قبول المرأة أن يتزوج زوجها بامرأة أخرى، ما يعرف بتعدد الزوجات، قد يكون غيرة جبلية فيستبعد ولا يوجب كفرا ما دام المرأة مقرة بمشروعيته، لكن من أبغضت تشريعه فهذا شيء آخر يفضي إلى كره ما أنزل الله، ثم إحباط العمل؛ {وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَتَعۡسا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ}.

فالميزان إذن ليس في الفعل وحده، بل في الموقف القلبي من الوحي أو مما أنزل الله:

هل يسلِّم العبد لله؟ هل يرضى بحكمه؟ هل يعظم شريعته ولو قصّر في التطبيق…

هذا الفارق هو الذي يميز بين عاص مقر ومعاند كافر، وبين من تغلبه شهوته ونفسه ومن استنكف قلبه عن ربه..

ومن هنا كان الكره لما أنزل الله أعظم خطرا من المعصية العملية؛ لأنه يضرب أصل الإيمان من جذوره، ويحوِّل الانحراف من ضعف بشري إلى رفض عقدي.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
14°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة