احسان الفقيه: إيوان كسرى يهتز، وأسطورة الولي الفقيه تكاد تتهاوى، والأخطبوط الفارسي ربما تشهد الأيام المقبلة بتْر أذرُعِه
هوية بريس – احسان الفقيه
إيوان كسرى يهتز، وأسطورة الولي الفقيه تكاد تتهاوى، والأخطبوط الفارسي ربما تشهد الأيام المقبلة بتْر أذرُعِه، وفي ذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
مظاهرات حاشدة تضرب العمق الإيراني، أربكت حسابات الملالي، كانت نتاجا حتميا لإسقاط الشعب من حسابات الزعماء، الذين تسلطت عليهم الأطماع التوسعية، وسخّروا ثروات البلاد من أجل الإفساد في الأرض، ورفد الأذرع الطائفية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتصدير الثورة الخمينية في بقاع الأرض.
إذا ما كتب لهذه الانتفاضات أن تأخذ الشكل النهائي لثورة مكتملة الأركان، فإن ذلك سيعني إحباط المشروع القومي الفارسي الصفوي الذي تتبناه القيادة الدينية والسياسية في إيران، وسيترتب عليه تغيير الأوضاع في المنطقة، حيث ستفقد الأذرع الإيرانية في البلدان العربية مصدر دعمها ومرجعيتها المركزية.
تبدأ الثورات عموما بانتفاضة عشوائية غير مُخطط لها، ومن أماكن محدودة تزداد رقعة انتشارها مع الوقت، وبعيدة عن المطالب الفئوية التي تخصّ شريحة بعينها، قريب من ذلك يحدث في إيران في الوقت الراهن، حيث أن الاحتجاجات اندلعت بصورة عفوية، كانت في البداية مقتصرة على الجانب الاقتصادي، والمطالب المعيشية البحتة، سرعان ما تبلورت حول إسقاط النظام الذي بدد طموحات الشعب في مغامراته المتهورة خارج الحدود، باعتباره تفسيرا لسوء الأحوال الاقتصادية.
كما أن الاحتجاجات التي بدأت في مشهد ثاني أكبر المدن الإيرانية، امتدت إلى مدن أخرى رئيسية كطهران وقم وكرمنشاه وأصفهان وشيراز وغيرها، وأصبحت الهتافات تندد بالقيادة الدينية والسياسية معا، وتدين التدخل في شؤون الدول الأخرى.
سيناريو قمع ثورات الربيع العربي يتكرر في إيران، فالحكومة سعَت لتشويه صورة الاحتجاجات من خلال ربطها بجهات خارجية، واتجهت لتعطيل مواقع التواصل لمنع انتشار المظاهرات، وحشدت أنصارها لمواجهة الجماهير الغاضبة، وانتهجت أجهزتها الأمنية أسلوب القتل والاعتقال، حتى أنه في غضون هذه الأيام القليلة سقط عشرون قتيلا إلى وقت كتابة هذه السطور.
تحول هذه الاحتجاجات إلى ثورة مكتملة الأركان والعناصر، مرهون ببقاء الغليان في الشارع الإيراني وتواجد الثائرين في الميادين، وبظهور قوى سياسية توجه مسار الاحتجاجات، وفي هذه الحال ستصل المظاهرات إلى حالة كرة الثلج، ولن يوقفها إبداء أي إصلاحات اقتصادية يلجأ إليها النظام لتخفيف غضب الشعب، خاصة بعد سقوط عشرات القتلى، وحتما سيلجأ النظام إلى توجيه أنصاره لمظاهرات مضادة مساندة له، بما يضعنا أمام صورة تشبه ما كان عليه الوضع في مصر إبان ثورة يناير.