اختناق «آخر ساعة»
هوية بريس – حسن الهيثمي
الجمعة 12 فبراير 2016
مَا اقترفته جَريدة «آخر ساعة»، في حق الفقيد عبد الباري الزمزمي -رحمه الله-، لا يُمكن تصنيفه إلا في خانة «جرائم» نبش القبور، و«التخربيق»، ولا علاقة له بمهنة تسمى الصحافة لا من قريب ولا من بعيد.
قرأت ثم أعدت القراءة، فَرَكْت عيني وأنا أحاول تكذيب هذا السقوط المهني المدوي، الذي يذكرنا بقولة لمصطفى صادق الرافعي في زمن انحدرت فيه الصحافة في مصر إلى الحضيض «إن كَثيرا من كلام الصحف لو مسخه الله شيئا غير الحروف المطبعية ، لطار كله ذبابا على وجوه القراء».
ولا أخفيكم بأنني تساءلت هَل يَنْدرج ذلك في مُواجَهة «الإسلاميين» التي أعلنها مُدير المجموعة «الإعلامية» عقب انتخابه أمينا عاما لحزب يدعي أن من أدبياته تقرير الإنصاف و«المُصالحة»؟
وهكذا وللإنصاف، مُنذ صُدور هذه الجَريدة ومُشْتقاتها، أحَاول قراءتها بمَنهج الشكلانيين الروس، الذي ينتقد «النص» بَعيدا عن منتجه، خاصة أن من بين طاقمها أقلام صحافية صديقة احترمها كثيرا، وما زلت، وسأظل، لأنني أعرفه بانها تقدر كثيرا فقيها وبَرلمانيا سابقا، ابن هذا البلد، مَهْما اختلفت معه فإنها تعترف بمؤهلاته العلمية العالية في العلوم الشرعية..
غير أن الجريمة التي ارتكبتها هذه الجريدة في صفحتها الأولى في حق مُوَاطن مَغربي كان اسمه قيد حياته عبد الباري الزمزمي، غادر هذه الحياة الدنيا، وترك ما فيها.. يحتاج إلى امتلاك الشجاعة والإسراع إلى تقديم اعتذار عاجل لأقارب الفقيد الذين جرت عَادة المغاربة في مثل هذه المناسبة الأليمة أن يرفعوا أكف الضراعة إلى الله تعالى ليرزق أهل الفقيد الصبر والسلوان.. وليس «التشفي» أو «اللمز» واختزال مَسيرة علمية للراحل في فتوى هنا وأخرى هناك، كما حاولت الجريدة تسويقه في صدر صفحتها الأولى.. عكس باقي الصحف والمواقع الإلكترونية المُحترمة التي أوردت الخبر باحترام مُبجل لمُصيبة المَوت.
للأسف الشديد، يتم اقتراف هذا «الخطأ الجسيم»، والحبر الذي تمت به كتابة الخط التحريري للصحيفة المذكورة لم يجف فقد جاء فيه ما يلي : «إن جوهر رسالتنا البناء، والمُساهمة في تحقيق التوافق والتفاهم في مناخ حر، نعمل فيه آمنين نقاوم نزوعات التراجع، نكرس الاعتدال ونُحارب التطرف، ونطفئ مع الناس نيران الفتن»..
يتم اقتراف ذلك، ودموع عائلة الفقيد لم تجف أيضا.
فَهَل بمثل هذه المواد «الصحفية»، يُمْكن البناء، وإطفاء نيران الفتن؟
أتمنى أن تكُون هذه «الإساءة»، تَنْدرج ضمْن دائرة «سقط سهوا».. وليس عن سَبق إصرار وترصد بسبب «اختناق» المجموعة الإعلامية..
من علامات المغرضين أنهم يكبرون الصغير ويصغرون الكبير ويضخمون الزلات ويتغافلون عن المكرمات فهم أشبه بعمال النظافة لا تقع أعينهم إلا على القمامة ولا يسترعي انتباههم إلا عثرات الكرام يلتقطونها ويظفونها لضرب خصومهم وتلميع صورتهم الشوهاء ليوهموا الناس أنهم على حظ من العقلانية والرشد والإعلام الطافح بالإنحلال والداعم للإسفاف لا يحق له أن ينصب نفسه حاميا للأعراض وحارسا للشرف هؤلاء الإعلاميين يتصنعون الاعتدال والعلمية لكن فلتات ألسنتهم تفضحهم وتشي بما تكنه صدورهم من الأحقاد والضغائن على كل من كان له نسب إلى الإسلام فليس لهم مشروع إلا الهدم لهوية الشعب الذي يعيشون بين ظهره والبلاد التي يأكلون من خيرها .
هؤلاء الإعلاميين مجازا لا حقيقة لا يعرفون أدب التعامل مع الأموات، من ذكرهم بخير لأنهم أفضوا إلى ما قدموا ، ومن عدم الشماتة بهم والسخرية والتندر بما كان منهم، إن لم يكن احتراما للميت، فمراعاة لشعور أهله وذويه، ولكن أنى لهؤلاء الإعلاميين هذا الأدب وهم أبعد الناس عن مدرسة النبوة وميراث الصالحين وأقربهم إلى مدرسة الغفلة والعبث والاستهتار.. إن النازلة التي من أجلها يسخر هؤلاء العابثين بفتوى الشيخ المرحوم بإن الله تعالى عبد الباري بن الصديق لو سئل هؤلاء عن الجواب بشأنها فما عساه أن يكون يا ترى؟ وأنا أطرح السؤال على هؤلاء المتعالمين كما طرح على الشيخ وكان جوابه ما هو معروف. واسؤال هو:
أنا امرأة ثيب، ومعناه ليس له زوج إما بوفاة أو طلاق وليست بكرا بطبيعة الحال، ولقد بلغ بي الشبق(الهياج الجنسي) حدا لا يطاق، مما شغب علي فكرى وعكر خاطري وبيت قاب قوسين من ارتكاب فاحشة الزنا، فهل لي من علاج يخفف عني ما أجده ويبعد عني شبح الوقع في معصية الله تعالى من خلال ارتكاب فاحشة الزنا؟ هذا هو الؤال. فما هو الجواب: الجواب لا يخرج عن ثلاث خيارات : الخيار الأول هو أن يوصي المفتي صاحبة السؤال بالصبر والتعفف ويذكر لها ثواب العفة فضائلها وأن يحذرها مفبة الانزلاق والتحلل. والسائلة تعرف هذا الحيار لكنه أفصحت أنها وصلت إلى حالة لم تعد فيها قادرة على الصبر. الخيار الثاني وهو أن يفتيها المفتي بأن لا حرج عليها أن تأتي فاحشة الزنا وهذا الخيار مرفوض اسلاميا لأن الزنا محرم لا يباح مهما كانت الظروف
الخيار الثالث وهو أن يفتيها المفتي برخصة تمثل أهون الشرين واخف الضررين وهو أن تلجأ إلى الاستمناء واستعمال اليد لتحقيق نوع من التسكين الجنسي وبالنسبة للمرأة لها أن تستعمل بعض الأشياء التي تمكنها من ذلك وفي الفتاوى القديمة كان العلماء يذكرون بعض الخضر وبعض الأشياء التي تشبه العضو الذكري واليوم اختر الانسان العضو الذكري المطاطي والذي تستعمله النساء الثيبات في الغرب بكثرة لدوافع شتى منها مخافة الاصابة بداء فقدان المناعة عند الممارسة الجنسية خارج اطار الأسرة. وهذا الخيار يمثل أخف الضررين فهو يقي المرأة فاحشة الزنا ويوفر لها مسكنا جنسيا مؤقتا حتي يغنيها الله من فضله.
أما لو سألت هذه المرأة مفتيا علمانيا فما سيكون جوابه يا ترى؟ سيقول هذا المفتي المفتري على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم: لماذا تحرمين نفسك من المتعة الجنسية، خذي حظك منها، وابحثي لك عن شريك يلبي أشواقك وتحققين معه ذاتك. أي المفتي العلماني سيبيح لهذه المرأة الزنا ،ولا يمانع بل يتمنى أن يكون هو شريكها فيه. إن العلماء أفتوى نفس الفتوى للرجل الشبق الذي لا يجد نكاحا فأفتوه بالعادة السرية حتى لا يقع في محظور الزنا. فهل في هذا ما يعاب. اللهم نعوذ بك من الجهل، البسيط منه والمركب ورحم الله تعالى الشيخ عبد الباري بن الصديق وألحقنا به مسلمين لا مبدلين ولا مغيرين آمين والحمد لله رب العالمين.