استشهد نجله، وأصيب واعتُقل.. نبذة عن حسام أبو صفية الذي واجه الاحتلال بردائه الأبيض!

29 ديسمبر 2024 20:56

هوية بريس – متابعات

في خضم المجازر الصهيونية المتواصلة شمال غزة، سطع اسم الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، رمزاً للإنسانية والصمود في مواجهة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع منذ نحو 15 شهراً.



ورغم القصف الهمجي العنيف الذي شهده المستشفى على مدار 3 شهور من توغل جيش الاحتلال الغاشم بمحافظة شمال القطاع، واصل أبو صفية قيادة فريقه الطبي، لأداء رسالته الإنسانية في واحدة من أكثر الفترات دموية في تاريخ غزة.

وعلى مدار الأشهر الماضية، وقف أبو صفية صوتاً للإنسانية، مناشداً العالم والمجتمع الدولي لإنقاذ المنظومة الصحية التي تنهار تحت وطأة الإبادة، وإمداد مستشفى كمال عدوان بالأدوية والمستلزمات الطبية لإنقاذ الجرحى.

ثمن شخصي باهظ

مع اشتداد الإبادة الجماعية، دفع أبو صفية ثمناً شخصياً باهظاً عندما فقد نجله إبراهيم في اقتحام جيش الاحتلال الغاشم للمستشفى في 26 أكتوبر الماضي.

وعلى الرغم من الحزن الذي اعتصر قلبه، أصرّ على أداء صلاة الجنازة على نجله وسط زملائه في المستشفى، متحاملاً على جراحه النفسية والجسدية، بينما استمرت أصوات القصف والانفجارات من حوله.

وفي 24 نونبر، تعرض الدكتور أبو صفية لإصابة نتيجة قصف استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى.

ورغم حاجته إلى الرعاية الطبية، أصرّ على التنقل بين المصابين، مطمئناً على أوضاعهم وممارساً عمله.

ساحة للألم

لم يتوقف أبو صفية عن مناشدة العالم لإنقاذ مستشفى كمال عدوان من الانهيار والتدمير، في ظل مواصلة جيش الاحتلال الغاشم استهداف محيطه بالقصف والتفجيرات ليلاً ونهاراً.

هذه الهجمات أسفرت عن مقتل عدد من الأطباء والمرضى، بينهم أطفال، داخل المستشفى وعلى أبوابها، مما حولها من ملاذ للشفاء إلى “ساحة للألم”.

وقبل الاقتحام الأخير بأيام في 23 دجنبر 2024، نشر أبو صفية على حسابه في فيسبوك مقطع فيديو التقطه لآلية صهيونية تضع “صندوقاً خشبياً من المتفجرات”، أمام إحدى بوابات المشفى.

وكتب الجيش على الصندوق باللغة الإنجليزية كلمة “خطر”، كما رسم على أحد جوانبه إشارة الخطر (مثلث بداخله علامة تعجب)، وفق ما ظهر في الفيديو.

وأرفق أبو صفية الفيديو بمنشور مقتضب قال فيه: “آليات الاحتلال، الآلية (روبوتات)، تضع صناديق متفجرات على بوابات مستشفى كمال عدوان”.

والجمعة في 27 دجنبر الجاري، بلغت عمليات الاعتداء على المستشفى ذروتها، إذ اقتحم جيش الاحتلال الغاشم مستشفى كمال عدوان مجدداً، ودمّر أجزاء كبيرة منه وأحرق أقساماً.

اعتقال بتهمة “طبيب”

بالنسبة إلى إسرائيل، لا يشفع الرداء الأبيض لتجنيب الطبيب مرارة الاعتقال مثله مثل أي مجرم خطير، والتهمة أنه طبيب، فلا تهمة أخرى تلفّق لمن رفض التخلي عن إنسانيته مع أهل غزة.

والسبت في 28 دجنبر، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، في بيان مقتضب: “قوات الاحتلال تعتقل الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان”.

وفي مشهد مؤلم، خرج أبو صفية بردائه الأبيض، محاطاً بجنود إسرائيليين مدججين بالسلاح، ليجري اعتقاله تحت تهديد السلاح.

وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة مؤثرة تظهر أبو صفية مرتدياً زي الطب، يمشي وسط ركام المستشفى والمنازل، محاطاً بآليات عسكرية، في لحظة تختزل مأساة غزة وصموده في وجه الإبادة لإنقاذ حياة المصابين والمرضى.

طبيب لم تهزّه دولة نووية

تعليقاً على اعتقال أبو صفية، قال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، في بيان: “نودّع العام بصورة رجل ما هزّته دولة نووية، ولا أخافته دبابات فولاذية، يضطر إلى الذهاب نحو مصيره بقدميه الحافيتين، وكل حبة تراب تحتها تقبل ملامسه”.

‏وأضاف واصفاً الصورة التي وثّقت الاعتقال المخزي لجيش إسرائيل بحق طبيب سلاحه أدوات إنقاذ حياة الآخرين: “صورة خذلان ملياري مسلم، صورة هوان 450 مليون عربي، صورة تآمر كوكب كامل على بقعة صغيرة اسمها غزة”.

‏وتابع القدرة ” ننهي عاماً من الحزن، ونفتتح عاماً من القهر، هذا لسان حال طبيب الإنسانية حسام أبو صفية”.

مزاعم بلا دليل

والجمعة 27 دجنبر، أعلن جيش الاحتلال الغاشم، إطلاق عملية عسكرية في منطقة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا.

وقال جيش الاحتلال في بيان: “قوات فريق القتال التابعة للواء 401 تحت قيادة الفرقة 162 وبتوجيه استخباري من هيئة الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن العام (الشاباك)، بدأت العمل خلال الساعات الماضية في منطقة مستشفى كمال عدوان بجباليا”.

وزعم جيش الاحتلال أن “المستشفى يُعتبر بمثابة مركز لحماس في شمال قطاع غزة، والذي عمل منه مسلحون طوال فترة الحرب”، وفق ادعائه.

وتابع زاعماً: “منذ نشاط الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) في المنطقة في أكتوبر 2024، عادت المنطقة تشكل مركز ثقل للمنظمات ومأوى للمسلحين”.

وأقر جيش الاحتلال في بيانه بإخلاء مرضى وموظفي المستشفى والسكان بمحيطه من خلال ما قال إنه “محاور إخلاء محددة”.

لكن جيش الاحتلال الغاشم لم ينجح رغم مزاعمه، في تقديم أي دليل ولو حتى صورة تؤكد ادعاءاته بحق المستشفى الذي جعل منه محط تركيز إعلامي وعالمي، وكأنه مركز تهديد أدواته ما تيسّر من مسكنات عزّ تأمينها بفعل الحصار.

فيما طالبت حركة حماس في بيان، السبت، بـ”إرسال مراقبين أمميين إلى مستشفيات غزة لتفنيد أكاذيب الاحتلال ومزاعمه حول استخدامها لأغراض عسكرية”.

وفي 5 أكتوبر الماضي، اجتاح جيش الاحتلال مجدداً شمال قطاع غزة، ويقول الفلسطينيون “إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية”.

والأحد الماضي، أعلن جيش الاحتلال الغاشم أن قواته وسّعت نطاق عملياتها شمالي قطاع غزة، وانتقلت من بلدة بيت لاهيا إلى منطقة غرب بلدة بيت حانون.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، أسفرت الإبادة الإسرائيلية الجماعية بدعم أمريكي مطلق في غزة عن أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M