اعمارة: الترسانة القانونية المنظمة للملك العمومي متجاوزة وتستلزم التحيين والملاءمة
هوية بريس – و م ع
أكد وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، عبد القادر اعمارة، اليوم الاثنين بالرباط، أن الترسانة القانونية المنظمة للملك العمومي أصبحت متجاوزة وتستلزم التحيين والتحديث والملاءمة.
وأوضح اعمارة في كلمة خلال اليوم الدراسي الذي تنظمه الوزارة تحت شعار “الملك العمومي للدولة بين تحديث الأنظمة القانونية ومواكبة متطلبات التنمية”، أن الممارسة أظهرت أن النصوص الحالية لا تتضمن حلولا لكافة الاشكاليات القانونية والواقعية التي أصبح يطرحها تدبير الملك العمومي، خاصة فيما يتعلق بمساطر التحديد والاحتلال المؤقت وحماية ومراقبة الملك العمومي، وهو ما يترتب عنه صعوبات في تدبير الملك العمومي وفق قواعد الحكامة الجيدة وفي تحصينه وتثمينه.
وأشار الوزير خلال اللقاء، الذي ينظم بمناسبة مرور مائة سنة على صدور ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، إلى أن القوانين الحالية المنظمة للملك العمومي غير متلائمة مع باقي القوانين ذات الصلة مثل قانون التعمير وقانون الساحل، مضيفا في هذا السياق ان تنوع أصناف الملك العمومي وتعدد الجهات الإدارية الموكول لها صلاحيات تدبير شؤونه يطرح إشكالية التنسيق والالتقائية المطلوبين.
واعتبر السيد اعمارة ان الظروف التي أملت إصدار الظهير المنظم للملك العمومي تغيرت جذريا وأضحى من الضروري صياغة قانون جديد ياخد بعين الاعتبار الاشكاليات والرهانات الجديدة ، مضيفا انه سيتم خلال هذا اليوم الدراسي تقديم الخطوط العريضة لمشروع قانون يروم تحيين وتغيير هذا الظهير وفق تصور جديد يستجيب لمسارات التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.
وأبرز ان الوزارة تحرص من خلال هذا المشروع على الاستجابة لمتطلبات التحولات الاقتصادية والاجتماعية عبر اقتراح حزمة من المقتضيات التي ستمكن من تكريس مساهمة هذا الرصيد الوطني في تنمية موارد الدولة وتنشيط الدورة الاقتصادية.
وفي معرض تطرقه لبعض الاشكاليات التي تعترض تدبير الملك العمومي، سجل الوزير ان مسطرة الاحتلال المؤقت للملك العمومي تطرح اشكاليات قانونية وواقعية تهم على الخصوص تدبير رخص الاحتلال المؤقت التي لاتخضع لأية مقاييس موضوعية سواء فيما يتعلق بملاءمة الترخيص أو بمدته أو النشاط المرخص به، مبرزا ان رخص الاحتلال المؤقت الممنوحة لإقامة محلات الاصطياف تشكل الجزء الأكبر من مجمل رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري مما أدى ألى احتلال العديد من الأملاك العمومية وتحويلها إلى إقامات سكنية.
ويشمل الرصيد العقاري العمومي، حسب الوزير، واجهتين بحريتين بطول 3500 كلم و 57 الف و334 كلم من الشبكة الطرقية و1800 كلم من الطرق السيارة و2109 كلم من خطوط السكك الحديدية التي تعززت بخط السكة الحديدية ذي السرعة الفائقة فضلا عن 40 ميناء وحوالي 40 مطارا و269 سدا.
من جهته، قال المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، السيد عبد العظيم الحافي، إن للملك العمومي الغابوي خاصيته حيث انه غير قابل للتفويت بموجب قانون تم إصدراه في بداية القرن الماضي ، إلا في استثناءات ثلاث هي الاحتلال المؤقت والمعاوضة او المقايضة والخصم من النظام الغابوي في إطار بعض التجهيزات التي تكتسي صبغة المصلحة العمومية.
واوضح ان جل بنود هذا القانون تم تحيينها، حيث انه يستجيب بصفة عامة لمتطلبات التنمية المستدامة التي تقتضي التوفيق بين الحفاظ على النظم البيئية وخلق الثروات والمشاريع التنموية والبنى التحتية، مضيفا أن الملك الغابوي يكتسي اهمية اجتماعية نظرا لارتباطه الوثيق بالساكنة القروية حيث ان أكثر من 8 ملايين من سكان المغرب لهم صلة مباشرة او غير مباشرة بالغابات خاصة في إطار حقوق الانتفاع التي نص عليها القانون.
أما السيد ادريس الضحاك، الأمين العام السابق للحكومة ، فقد أكد أنه طالما أن الدولة تحتاج إلى تنمية مستدامة فإن الملك العمومي لا يمكن أن يبقى حاجزا أمام تحقيق هذا الهدف ، مبرزا أن بعض الدول، وفي سبيل تحقيق التنمية المستدامة، تستعمل أحيانا بعض الوسائل التي “تخترق مبدأ عمومية الأملاك”.
واوضح في هذا الصدد، أن كثيرا من دول العالم تمنح امتيازات، تصل إلى التمتع ب75 في المئة من مخزونات الأملاك العمومية من البترول ولفترة طويلة مضيفا أن تلك الامتيازات المحددة في الزمن الممنوحة لشركة معينة، قد لا تكون كافية للاستثمار في موضوع استغلال الثروات الموجودة في قاع البحار على سبيل المثال ومن ثم فإن تلك المدة المحددة تكون عائقا أمام التنمية في عالم اصبح يتميز بالكونية.
وأضاف ان الدول التي تطمح إلى التقدم تسعى من خلال الملك العمومي إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الخصوص حيث تستثمر الملك العمومي لخلق فرص الشغل في تلك المناطق أو في إطار التضامن (تنقل الماء من منطقة إلى أخرى)، مؤكدا على ضرورة الحرص على استعمال الملك العمومي لمصلحة التنمية المستدامة دون أن يمس ذلك بحق الفرد في استعمال ثروات الملك العمومي.
ويتضمن برنامج هذا اليوم الدراسي، الذي يعرف مشاركة عدد من المتدخلين والفاعلين المعنيين بالملك العمومي، مداخلات وجلسات تتناول الاكراهات والاختلالات التي يشهدها تدبير الملك العمومي من خلال تشريح مواضيع ك” الملك العمومي للدولة: الحالة الراهنة والآفاق المستقبلية” و”الموجبات العامة لتحيين وتعديل التشريعات” و”دور الاجتهاد القضائي في ضمان الأمن العقاري”.