اعويطا يعلق على مشاركة آيلال في اقتراح تعديلات “مدونة الأسرة”
هوية بريس – جلال اعويطا
كنت أظن أننا أمام نقاش قوي حضاري وعقلاني يضع مصلحة المملكة المغربية والأسرة المغربية على رأس أولوياته، ويُناقش ما يُهددنا جميعاً بالعلم والدراسات والإحصائيات والملتقيات والندوات وبالنخب العلمية الوطنية المؤهلة، ويبني الحلول الفعّالة لمشاكلنا برؤى ثابتة وبمناهج منضبطة، وبالاعتماد على خبراء شرعيين وأنثروبولوجيين وغيرهم من ذوي التخصصات المتصلة بالمجتمع.. لكن أن يتم تصدير مثل هؤلاء للبت في القضايا المصيرية، لا يمكن إلا نسميَه ضُعفا وهزيمةً شنعاء للتيار الذي يريد الإجهاز على ما بقي من الشريعة في مدونة الأحوال الشخصية.
الجميع يعلم أن التعديل جاء في سياقات دولية معينة، وأن علينا الاختيار بين المرجعية الأممية والمرجعية المغربية، وأن هذا الاختيار يُبنى على مجموعة من العوامل.. وأن التقديرات لا تتم جزافا وإنما تبعا لمعطيات أبرزها موقع المغرب داخل دول العالم، ومع ذلك لا يجب التبرير للتعديلات خصوصا مع ما يعرفه العالم اليوم من بداية أفول المرجعية الغربية واندثار أسسها وهو ما جعل كثير من الدول كروسيا وغيرها تُهاجم هذه المنظومة التي تستغلها الدول الغربية لفرض قيَمها الخاصة خدمةً لمصالحها الاقتصادية بدرجة أولى.
لكن أن تأتي بهؤلاء لتمرير التعديلات فهذا عبث بمستقبل الأسر المغربية، وتحقير للقرار الذي تم تقديمه، لأن الرجل ليس له في فن من الفنون أي اختصاص، إنما هو شخص تلقف أفكارا أكل عليها دهر البحث وشرب ولفّقها ونشرها بلُغة سوقية صدم بها ضعيفي المعرفة.
القضايا الكبرى مثل هذه التي نحن بصدد مناقشتها هي قضايا تحتاج إلى علماء الشريعة والاجتماع والفلسفة والسياسة والاقتصاد والطب وغيرهم ممن حملوا أمانة العلم بكل اقتدار.. أما أن يُفتح الباب بهذا الشكل لهؤلاء فهذا ليس إلا ضحكاً على مجتمعٍ كان ومازال رائداً في التمسك بدين الإسلام رائداً في تجديده منذ أول يوم دخله قبل زهاء ثلاثة عشر قرنا.
دامت على المملكة المغربية الشريفة هويتها.. وكل ما ترونه سيُمرر ويمر ويندثر كما اندثر قبل ذلك كل ما تم التخطيط له لفصل هذا المجتمع العظيم عن هويته.. المهم أن يستمر العمل وكل من مكانه على ترسيخ الهوية والتمكين للتمغربيت التي على رأسها الإسلام دين الدولة وأن تستمر الأسرة المغربية العريقة في أداء دورها التاريخي في ربط الأجيال المقبلة بدينها ربطاً لا تستطيع المقررات الدراسية ولا البرامج الإعلامية ولا مثل هذه التعديلات ولا غيرها تفتيته أو المس به.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.