أخبار من هنا وهناك؛ أحداث أرقام وإحصائيات، ووقائع وجرائم وفضائع تفوق براعة الوصف وتتجاوز أفق الخيال، أبطالها شباب وشابات في مقتبل العمر، أبناء المدرسة وطلاب جامعات ورواد معاهد، ومشردون أطفال شوارع؛ آباء وأزواج، موظفون وعاطلون… قتل؛ لا وبشاعة في القتل، اغتصاب وسرقة، شبكات للدعارة من القاصرات، انتحار لفتيان وفتيات، مدمنو سجائر ومخدرات، عقوق في أبشع صوره… ماذا يقع وماذا يحصل في بلد الأوراش المفتوحة للتنمية البشرية؟؟؟
كوارث بشرية لأجيال ستكون هي أعمدة المستقبل، تعلن استسلام المربين وانهزام الجهات المعنية بالتوجيه والتربية، انهزام الوالدين، انهزام المدرسة، انهزام المساجد، انهزام المجتمع… فشل ذريع، إما لسوء التدبير أو انعدام الإحساس بالمسؤولية، أو لأن فاقد الشيء لا يعطيه أو لأن الضمير غائب…
خواء روحي وفراغ قيمي وجفاف أخلاقي وتدهور في الفكر والسلوك والممارسة.
فليهنئ الإعلام الهدام الفاجر المنحل، المدمر وليعلن انتصاره على كل الجبهات، وليشرب الأنخاب على أنغام الدمار منتشيا بنتائج باهرة أفقدت المجتمع قيمه، وخربت فضائله، وجعلته تائها في دروب الخنا والميوعة والدياثة والإجرام.
افرح أيها الإعلام فلقد هزمت الجميع إلا من رحم الله، لأن وراءك نخبة صادقة مؤمنة بقضيتها اشتغلت عليها بصدق وأمانة وضحت بالغالي والنفيس، واسترخصت كل ثمين، واستسهلت كل صعب، تلك القضية التي تقوم على نشر الفساد في كل الربوع، في المدن والقرى، في الجبال والسهول، في البر والبحر، في أجزاء الجسد حتى لا يترك مفصلا إلا دخله تماما كداء الكلب، فساد في العقيدة والأخلاق والعلاقات؛ فساد في العلاقة بين البشر وخالقهم، وفساد بين البشر بعضهم ببعض. وفساد بين البشر وباقي خلق الله من الحيوان أو الجماد.
فهنيئا أيها الإعلام وهنيئا لكتيبتك المناضلة، هنيئا لكل فنانيك ومغنيك وصحفييك ومنشطيك وفكاهييك وسياسييك ومحلليك وخبرائك ومختصيك وعلمانييك وحداثييك وتقدمييك… دمرتم كل شيء فارقصوا على الأنقاض، واكتبوا الأشعار مخلدة ذكرى الانتصار.
واحفظوا ترسانة أسلحتكم الفتاكة لتعرضوها في المتاحف والمعارض لتبقى ذكرى للأجيال، من أفلام ومسلسلات وبرامج وسهرات ومهرجانات وافتراءات وتهم معلبة ودجل منمق…
ربما وصل الفساد إلى القمة.. ربما هي بداية الاندحار.. خصوصا وقد كشروا على أنيابهم من خلال إعلامهم الذي لم يعد يخف عداءه للدين والعقيدة والقيم، ربما شعورا بنخوة الانتصار؛ ونزوة التحكم. فالإسلام لم يعد صالحا لكل زمان ومكان، والقرآن والسنة يحرضان على الإرهاب. وجئنا لمحاربة الإسلاميين…
جرأة وشجاعة لها منطلقاتها ومآلاتها. وليست من فراغ..
انتهى المقال فجاءت الركبان؛ ركبان الإعلام بخبر ذبح بائع المجوهرات بطنجة… وتبرئة بطلي الفيلم الفضيحة “الزين لفيك” من تهمة الترويج للدعارة. لقد غلطنا فالناس يكرسون للتسامح والإسلام المعتدل…عذرا أيها الإسلام.
لئن انتصر الفساد وأهله؛ فإن للباطل جولة وللحق صولة.