الأرض: كروية أم مسطحة؟! الدين أم العلم؟!
هوية بريس – عبد الله الشتوي
هذه هي الثنائية الساذجة التي يريد البعض فرضها..
المزعج في الأمر هو حجم الجهلوت الإلحادي في التعليقات كلما تعلق الأمر بالدين، الحجة هي السب والشتم والاستهزاء، لا شريعة ولا علم ولا أخلاق طبعا…
ونحتاج مع هذا السجال إلى العودة لشرح أبجديات الشريعة والفيزياء معا!
1)- بديهيات شرعية؟ المفسرون يقولون أن الأرض مسطحة..
أولا: لم تكن الشريعة يوما مصدرا متخصصا في علوم الطبيعية لنكلف أنفسنا بالبحث فيها عن نظريات العلوم التجريبية!
ثانيا: لم يكن الصحابة يجلسون في المساجد لتعليم الناس علوم الطبيعة فما الفائدة من تكلف البحث عن نصوصهم ،ومن ينسب لهم القوم بأن الأرض مسطحة (بالمفهوم الاشكالي) فهو الملزم بالدليل أولا. ثم بعدها يُناقش أخذا أو ردا …
ثالثا: لا وجود لأي تعارض قطعي بين قطعيات النقل وقطعيات العقل في كل ما نقل إلينا من كتاب أوسنة! وكل الاشكالات في هذا المجال تتعلق بقطعية أحدهما…
ثانيا: لا إشكال أصلا في رد كلام المفسر أو التابعي أو الصحابي فيما يتعلق بالعلوم المادية إذا أثبتنا خلافه. فالفقهاء منذ قرون وهم يردون كلام الصحابي والتابعي بكل أريحية في الامور الشرعية فكيف بالعلوم التجريبية!
رابعا: نقل كلام المفسرين وغيرهم في تفسير نحو قوله تعالى: (وإلى الارض كيف سطحت)، (والله جعل لكم الأرض بساطا) ونحوها من الآيات تدليس ظاهر وسوء فهم بيّن، لأن سياق الآيات في امتنان الله على عباده من تسخير الأرض للحياة، وجميع العقلاء في العالم يعرفون أن الأرض مسطحة مستوية، بل حتى القوانين الفيزيائية تعتبر الأرض مسطحة (كما سأشرح في المغالطات الفيزيائية)، وهذا لا يتنافى إطلاقا مع كروية الشكل العام للأرض عند الحديث عن أبعاد كبيرة..
خامسا: لا اعتبار للإسرائيليات ولا يثبت بها شيء إلا ما وافق القرآن والسنة، وغير ذلك ينقل للاستئناس فقط.
سادسا: نقل ابن تيمية وابن حزم وغيرهم الاجماع على كروية الأرض واتهام هؤلاء وغيرهم بالكذب تقوّل بغير علم، فلا مجال لاتهام فقهاء المسلمين بالقول بأن الأرض مسطحة!
2)- بديهيات فيزيائية: الأرض كروية ومسطحة عند الفيزيائيين أيضا
– اتهام المسلمين بتلفيق الأقوال وتأويل الأدلة وأنهم يقولون بأن الأرض مسطحة بالنسبة للانسان لكنها في شكلها العام كروية ليتهربوا من إحراج الاكتشافات العلمية … جهل بالفيزياء أولا ثم جهل بالشريعة!
لأن هذا الكلام هو تماما ما تقوله الفيزياء.. وسأشرح الأمر بطريقة ”الخشيبات”
كلنا نعرف الجاذبية.. وهي القوة التي تطبقها الأجسام (الكتل) على بعضها..
والجاذبية الأرضية هي قوة تطبقها الأرض على ما يحيط بها من الأجسام..
لهذه القوة خاصيتان متناقضاتان ظاهريا تماما كما تقولون بتناقض الفقهاء… لكن لكل واحدة منهما مجال لاستعمالها
الأولى: هي قوة محافظية force conservative (تعني أن الأرض مسطحة)
الثانية: هي قوة مركزية force centrale (أي أن الأرض كروية)
عندما يقول الفيزيائيون أن قوة الجاذبية محافظية فهذا معناه رياضيا أن خطوط تأثيرها على جسم معين تبقى متوازية مهما تحرك الجسم.. وهذا لا يمكن أن يكون صحيحا إلا إذا اعتبرنا الأرض مسطحة، فإن لم تكن مسطحة فيستحيل التوازي حينها.. والعلاقات والمعادلات الفيزيائية التي يدرسها الطلاب في المدارس والجامعات في كل أنحاء العالم تسلِّم بهذا الأمر: خطوط التأثير تبقى متوازية ولا يمكن أن تتقاطع!
ويترتب عن هذا مثلا أن تغير طاقة جسم يخضع للجاذبية فقط لا تتعلق بمساره وإنما تتعلق بفرق الارتفاع فقط!
وعندما يقول الفيزيائيون أن قوة الجاذبية قوة جذب مركزية فهذا يقتضي رياضيا أن خطوط تأثيرها تتقاطع في نقطة واحدة وهذا يناقض قطعا ما سبق.. وهاتان خاصيتان لا يمكن ان تجتمعا بحال من الأحول، فحتى الأطفال في المدرسة يعرفون ان مستقيمين مختلفين لا يمكن ان يكونا متوازيين ومتقاطعين في نفس الوقت!
إذن أين الإشكال؟ هل يستطيع أحد هؤلاء أن يتهم الفيزيائيين بأنهم متناقضون؟
أم أن رعاع الملاحدة لم ينتبهوا للأمر أصلا؟
كل ما في الأمر أن الفيزيائيين يعتبرون الأرض مسطحة بالنسبة للأبعاد الصغيرة، فإذا كان العمل على أبعاد كبيرة اعتبر الشكل الكروي العام للأرض.. وهذا تماما ما يحاول أن يشرحه لك الفقهاء!
ومثل هذا أن يعتبر الفيزيائي جزء متناهي الصغر (dx) من دائرة مستقيميا ليستطيع إنجاز حساباته! فهل هذا تناقض؟ هل يمكن لجزء من دائرة أن يكون مستقيما!
وقل مثل هذا في دوران الشمس حول الأرض.. فهي بالفعل تدور بالنسبة لكل مرجع مرتبط بالأرض.. وكثير من المجالات العلمية تعتمد الحركة الظاهرية للشمس حول الأرض لتيسير الحسابات الرياضية!