الإجهاض: إعدام للأجنة.. ومصادرة للحق في الحياة!!
هوية بريس – نور الدين درواش
مرة أخرى يعود للواجهة الحوار حول تقنين الإجهاض، بين تيار ينطلق في تحديد أفكاره ومواقفه من الشريعة الإسلامية وتعظيمها؛ وبين تيار علماني معارض لهذا التوجه.
وعلى الرغم من أن الخط العالمي يسير في اتجاه مراجعة موقفه من قضية (تقنين الإجهاض)، خاصة بعد ما ألغت المحكمة الأمريكية العليا قرار الحق في قتل الجنين، وقضت بأنه لم يعد هناك “وجود دستوري للمرأة للقيام بعمليات الإجهاض”؛ فإن دعاة الإجهاض المغاربة وكعادتهم يعيشون خارج هذا السياق ويغردون خارج السرب ويسبحون ضد التيار، وهذا ما ترجمته الجرأة غير المسبوقة لحركة مالي (الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية)، والذي تجلى في كتابة عبارة “الإجهاض مقدس” أما مبنى الرابطة المحمدية للعلماء، فيما يظهر أنه تعبير عن السخط العلماني من الموقف العُلَمَائي الثابت إزاء قضية الإجهاض، من منطلق حفظ الحق في الحياة والحكمة والعدل والإنصاف، وقبل ذلك كله من منطلق الشريعة الإسلامية التي يصدر عنها العلماء..
وإذا كان دعاة تقنين الإجهاض وهم أيضا دعاة سمو “القوانين الغربية” على الشريعة الإسلامية، يتبجحون في كل مناسبة بالدفاع عن الحق في الحياة، كما تلقوه عن مرجعيتهم المتمثلة فيما يعرف بــ(الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)، فإنهم بالمقابل يسقطون عند أول اختبار فنجدهم يدافعون بشراسة عما يعتبرونه حقا مشروعا في الإجهاض الذي لا يعدو أن يكون اعتداء على حق نفس بغير ذنب ولا جريرة!!!
وهم أنفسهم من يناهضون عقوبة الإعدام العادل للقتلة والمجرمين بدعوى الدفاع عن الحق في الحياة.
فكيف يستسيغون الدفاع عن حياة مجرم قاتل يسفك الدماء وينتهك الأعراض ويروع الآمنين؛ ثم بالمقابل يعتدون على حق جنين نقي طاهر بريء خلقه الله لم يرتكب ما يستوجب هذه العقوبة الوحشية القاسية البربرية الهمجية!!!
إن الشريعة الإسلامية حتى في حالة الحمل الناجم عن زنى، قد كفلت حق الجنين ولم تأخذه بجريمة الزاني والزانية، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رد الغامدية التي جاءته تائبة، وهي حامل من زنى حتى تلد، ثم بعد الولادة حتى ترضعه وتفطمه، وقد عادت بالصبي ومعه كسرة خبز، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بإنفاذ حكم الله فيها.
علاوة على مخالفته للشريعة واعتدائه على الحق في الحياة؛ فإن للإجهاض ثلاثة أضرار على النسل، وفق بعض الباحثين:
أولها: هلاك عدد غير معلوم من أفراد البشرية قبل أن يخرجوا إلى نور الحياة.
ثانيها: ذهاب عدد غير يسير من الأمهات ضحية الموت أثناء عملية الإجهاض.
ثالثها: حدوث مؤثرات مرضية للمرأة لا يستهان بعددها تؤدي إلى عدم الإنجاب مستقبلا.
وقد نص القانون الجنائي في المادة 449 على أن “من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يضن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحاليل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة”.
إن الحامل للعلمانيين على الدعوة لتقنين إعدام الأجنة، هو التناغم مع إديولوجيتهم القائمة على تحرير العلاقات الجنسية من القيود الدينية والأخلاقية، والتشجيع عليها خارج إطار الزواج/الزنا… وتضخيم الحرية الفردية واستصنامها لدرجة تجدهم يستهينون بحياة الأجنة في سبيل إشباع نزواتهم الجنسية.
وحتى لا يبقى الجنين عائقا أمام من تخشى الحمل من الزنا، فقد جعلوا الإجهاض “مقدسا”! واستماتوا في رفع التجريم عنه لمحو أثر الفاحشة ومسح عارها، والتشجيع على العودة إليها مرة بعد أخرى، وهم يصدرون عن كل هذا من منطلق أن الإنسان محور الكون لا شيء يعلو فوق نزواته وشهواته؛ وهذه نظرة مادية إلحادية لا تعير بالا لإله ولا وحي ولا حلال ولا حرام.