الإدريسي أبو زيد: العدو الإسرائيلي يصاب بالرعب أولاً ثم في الأخير يذعن
هوية بريس- متابعة
قال المفكر المغربي، أبو زيد المقرئ الإدريسي، إن التطبيع كان الخاسر الأكبر من العدوان الإسرائيلي الأخير على الأراضي الفلسطينية، إذ وجدت الأنظمة المطبعة نفسها في حرج بالغ مع شعوبها والمسلمين عامة.
وفي مقابلة مع الأناضول، أضاف الإدريسي أن “العدو الإسرائيلي يصاب بالرعب أولا، ثم يتضرر اقتصاديا وأمنيا ثم في الأخير يذعن، لكنه يقدم إذعانه في صورة قرار سيادي بوقف إطلاق النار من جهة واحدة، وكأنه هو من قرر ذلك”.
ومع حلول الساعة الثانية من فجر اليوم الجمعة، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، حيز التنفيذ، بعد عملية عسكرية بدأت في 10 ماي الجاري، وأطلقت عليها إسرائيل اسم “حارس الأسوار”.
ورأى المفكر المغربي أن “العالم يقف إلى جانب إسرائيل لكن الصواريخ المحدودة التي توجهها المقاومة بحسب إمكانياتها، توجع العدو، بعد ذلك يدخل العدو في مفاوضات، فيذعن” للوساطة.
وزاد: “إسرائيل دائما، هي التي تقتل أكبر عدد من المدنيين، وتهدم أكبر قدر من المباني ومن البنيات التحتية، ثم هي التي تنهزم نفسيا واقتصاديا، وتعجز عن الاقتحام البري (لقطاغ غزة)”.
من أجل الأقصى
واعتبر الإدريسي أن “ما حصل في غزة، إذا عزلناه تقنيا وليس مبدئيا أو تصوريا عما يحصل في الضفة، هو بالضبط ما حصل في الحروب الثلاثة السابقة، أعوام 2008 و2012 و2014، وما حصل في لبنان سنة 2006”.
ومضى قائلا: “إذا ربطنا القضية بالقدس وبالمسجد الأقصى، فهذه المرة لم يكن المشكل بين غزة وإسرائيل، وافتعال أزمة والتهديد بمعاقبة غزة، ولكن هذه المرة الانتفاضة كانت من أجل الأقصى”.
واعتبر أن الهبة الفلسطينية كانت اليوم، “دفاعا عن المرابطين في الأقصى، ونصرة لسكان حي الشيخ جراح العزل”، وهو ما اعتبره “تحول استراتيجي وإيماني وحضاري ونوعي جدا جدا جدا”.
ومنذ 13 أبريل الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء اعتداءات “وحشية” ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها في مدينة القدس المحتلة، خاصة المسجد الأقصى وحي “الشيخ جراح”، في محاولة لإخلاء 12 منزلاً فلسطينيًا وتسليمها لمستوطنين.
وتصاعد التوتر في قطاع غزة بشكل كبير بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة فيه منذ 10 ماي الجاري، تسببت في مجازر ودمار واسع في المباني والبنية التحتية.
الدول المطبعة
ويجزم المفكر المغربي، أن الدول المطبعة مع إسرائيل، “دخلت في حالة من الحرج أمام شعوبها، وأمام المسلمين وأمام الفلسطينيين”، واستدرك: “لكنها تصرفت بثلاث طرق تختلف من دولة إلى أخرى”.
وزاد: “دولة مثل المغرب كأنها أحست بشيء من تأنيب الضمير، فتحركت في اتجاه آخر، وتعاطفت بشكل صادق مع الفلسطينيين، وأعلنت موقفا أكثر راديكالية مما سبق، وأرسلت المساعدات إلى الفلسطينيين”.
وتابع: “دولة مثل مصر، استغلت الفرصة لتنتقم من (رئيس وزراء إسرائيل) بنيامين نتنياهو، وتقطر الشمع عليه، لأنه خذلها في أمرين”.
الأمر الأول بحسب أبو زيد، هو أن أن نتنياهو “بدأ يستبدل دور مصر بدور الإمارات وذلك يزعجها، ثم هو من يلعب مع أبي أحمد في إثيوبيا لتأزيم مصر مائيا (في إشارة إلى أنه يدعم موقف أديس أبابا بخصوص أزمة سد النهضة)”.
أما الصنف الثالث، يضيف أبو زيد، فـ”سكت مثل إبليس، وخالف مثل الشيطان، مثل البحرين والإمارات”، وفق تعبيره.
وخلص إلى أن “ردود أفعال المطبعين الجدد والقدامى مع إسرائيل، وإن اختلفت، ينظمها جميعا خيط واحد، وهو الشعور بالحرج اتجاه الدماء الفوارة والأرواح الصاعدة إلى ربها، والبطولات المشعشعة في ميدان المسجد الأقصى وفي سمائه المبارك”.
وخلال الأشهر الأخيرة وقعت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، لتنضم الدول العربية الأربع إلى كل من الأردن ومصر، اللتين تقيمان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، حيث ترتبطان معها بمعاهدتي سلام منذ 1994 و1979 على الترتيب.
الإمكان والمطلوب
وبخصوص ردود فعل الشعوب العربية والإسلامية، قال أبو زيد: “إذا وضعناها في دائرة الإمكان، فقد كانت رائعة جدا”.
وتابع: “رأينا مسيرات للكثير من الشعوب رغم القيود بسبب الجائحة، واشتعل الشباب بمواقع التواصل الاجتماعي، وانهزم العدو الصهيوني في أكبر معاقله، لأن جميع وسائل التواصل بيد يهود أمريكا الصهاينة”.
وزاد: “أيضا تحركت الأمة لجمع التبرعات، وتعالت أصوات الاستنكارات، وشكل ذلك ضغطا شديدا على الأنظمة”.
بالمقابل، يسترسل المفكر المغربي: “وإذا وضعنا رد فعل الشعوب في دائرة المطلوب، فهو رد فعل شبه منعدم، لأن الأمة ينبغي أن تهب لتكسير الحدود”.
وقال أيضا: “المفروض أن تجتاز الأمة الحواجز، ويقع زحف بشري على الأقدام في اتجاه فلسطين”.
مضيفا: “الحقيقة أننا لم نعد أمة، لأن المسجد الأقصى أمامنا يهدم ويخطر من تحته، ويهان من بداخله من النساء والرجال، ونحن قاعدون متقاعسون، وقد نتعاطف بطرق رمزية جدا”.
ويعتبر الإدريسي من الوجوه البارزة في المغرب؛ خاصة في مناقشة قضايا الفكر الإسلامي، وهو برلماني عن حزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي)، وسبق أن كان عضوًا بنادي الفكر الإسلامي المغربي (غير حكومي)، و”رابطة الأدب الإسلامي العالمية”، و”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”.