الإسلاميون والسياسة في المغرب.. بين الحقيقة والوهم
أحمد الشقيري الديني
هوية بريس – الخميس 14 يناير 2016
إلى وقت قريب كنا نحن الإسلاميين مقصيين من المجتمع لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية!
بعد مراجعات تصالحنا مع المجتمع لنحتمي به في وجه السلطة، وبالكاد كنا نحصل على وصل اعتراف بجمعية تنشط بميزانية لا تتجاوز ألفي درهم، تزيد قليلا أو تنقص..!
تصالحنا مع السلطة بعد مراجعات فكرية وتاريخية وسياسية عميقة، تناولت مفاهيم ومصطلحات، مثل الديمقراطية والعلمانية والتعددية والليبرالية والاشتراكية، وأخرى تتعلق بالنظام الملكي والبيعة وإمارة المومنين، وأنتجنا مؤلفات في ذلك كله، ونحتنا مسارا وشيدنا مدرستنا المتميزة في الانتماء للحركة الإسلامية..
كانت الدولة متوجسة حذرة منا، تراقبنا وتغض الطرف عن بعض أنشطتنا وتمنع أغلبها، ثم سمحت لنا بالحضور في المعارضة دون مشاركة في الحكم، إلى أن جاء الربيع العربي فحملتنا رياحه إلى الحكومة فاقتربنا من مركز القرار السياسي، وكسبنا ثقة الجالس على العرش..!
شرعت لنا الأبواب فحملنا الشعب إلى تسيير كل المدن الكبرى وأغلب المدن المتوسطة بميزانيات متفاوتة..!
انتقلنا إذن من ميزانية جمعية بألفي درهم إلى ميزانية الدار البيضاء بـ300 مليار سنتيم ومراكش بـ100 مليار سنتيم وأكادير بـ46 مليار.. واللائحة طويلة..
كنا نطير فرحا إذا أدخلنا السرور على أيتام أو طلبة بشراء أضحية العيد لهم أو جمع كراء أو قفة أو غيرها من حاجياتهم وأمثالهم..
اليوم بقرار سياسي تسطيع أن تدخل السرور على عشرات الآلاف من الأسر، وتستطيع أن تعالج أزمات وتفتح طرقا وتشيد مدارس ومستشفيات وتعالج الماء والكهرباء والنظافة والقضايا الكبرى التي تمس حياة المجتمع..!
إنها المشاركة السياسية التي أصلنا لها من داخل مرجعيتنا..
بعد هذا يأتي من ينصحنا بترك تلك الحسنات أمثال الجبال لأننا عاجزون عن مناقشة ميزانية القصر أو ميزانية الجيش أو ميزانية المخابرات..!
ألا شاهت الوجوه..!
وهل انتخبكم الناس حين صوتوا لصالحكم (مع أنهم قلة) لتختاروا “عليهم” ما يناسب وما لا يناسب؟ إن كانت تلك مطالب الشعب ماذا أنتم فاعلون؟ وهل تشويه الوجوه هو الحل عندك؟ ما كان لسياسي يتصدر المشهد أن يغضب لمطالب شعبية حتى ولو كانت من فئة قليلة.. السياسي.. يجيب بهدوء ووقار ويوضح إن كان صادقا.. ولا يرمي بالشرر في أوجه من انتخبوه.. هذه قلة عقل وانعدام مروءة.. وجهل بالسياسة.. لن تلبثوا أن تأكلوا ثمرها حنظلا وشوكا.. فقد اجتمع رأيكم على تسفيه الناس وشتمهم على المنابر.. وهذا إيذان بالعاقبة القادمة إن كنتم لا تعلمون.