الإطار القانوني لتقيد الصيدلي بضوابط مهمة الحراسة
إعداد: نور الدين مصلوحي، عدل موثق وخريج ماستر القانون والممارسة القضائية
نظم المشرع الأحكام المتعلقة بالأدوية والصيدلة بموجب القانون 17.04، المؤرخ في 07/12/2006 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5480، هذا القانون الذي عرف الصيدلية في المادة 56 منه بأنها “المؤسسة الصحية المختصة بالقيام بصفة حصرية أو ثانوية بالعمليات المشار إليها في المادة 30 من ذات القانون” وبالرجوع إلى المادة الأخيرة يتبين أن من الأعمال التي يمارسها الصيادلة دون غيرهم: تحضير بعض الأدوية وحيازة بعض المواد بغرض الصرف للعموم كمواد التضميد، والعقاقير وبيعها……
ولئن كان المشرع أجاز لمن توفرت فيه الشروط القانونية فتح صيدلية ومزاولة النشاط الصيدلي، وأخضعه لقواعد معينة -قبلية- كضرورة احترامه للمسافة الدنيا المحددة في 300 متر تفصل بين أقرب نهاية واجهة الصيدلية المزمع انشاؤها، وأقرب نهاية واجهة كل صيدلية من الصيدليات المجاورة (م 57)، فإنه بالموازاة مع ذلك وضع له قواعد خاصة -بعدية- متعلقة بمزاولة مهنة الصيدلة، ومن هذه القواعد احترام الصيدلي لضوابط مهمة الحراسة، ( la garde).
والملاحظ أن القانون 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة لم يعرف معنى الحراسة، واستئناسا بالمادة 02 من المرسوم 2.06.623 المتعلق بالتعويضات عن الحراسة والخدمة الإلزامية والمداومة الصحية التابعة لوزارة الصحة وللمراكز الاستشفائية الجامعية، يمكن تعريف الحراسة بأنها “الحضور الفعلي للصيدلي بالصيدلية بالنهار أو الليل طيلة أيام الأسبوع، لأجل الاستجابة لطلبات المواطنين المستعجلة، وضمان استمرارية تقديم الصيدلية لخدماتها”.
ولسوف نتطرق في هذا المقال المتواضع للأساس القانوني لالتزام الصيدلي بضوابط مهمة الحراسة (أولا) ثم تبيان الجهة المخول لها تنظيم كيفية تولي مهمة الحراسة (ثانيا) لنختم بالحديث عن السلطة المخول لها تأديب الصيدلي (ثالثا).
أولا: الأساس القانوني لاحترام الصيدلي ضوابط مهمة الحراسة:
نصت الفقرة 01 من المادة 111 من القانون 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة على ما يلي:
“يجب على الصيدلي صاحب الصيدلية، تحت طائلة الجزاءات التأديبية، احترام أوقات فتح الصيدلية في وجه العموم وإغلاقها وكذا الكيفيات التي يتم وفقها تولي مهمة الحراسة”.
فهكذا يتبين جليا كيف أن المشرع ونظرا للطبيعة الخاصة لعمل الصيدلي، والتي لها صلة وطيدة بصحة الانسان، وبأحد أسمى حقوقه والتي هي الحق في الحياة، لم يتهاون في إلزام الصيدلي بمراعاة أوقات فتح وإغلاق الصيدلية وكيفيات تولي مهمة الحراسة، وجعل الاخلال بهذا الالتزام مستوجبا للمساءلة التأديبية.
والجدير بالذكر،أنه حتى في ظروف قاهرة قد تحدث للصيدلي، فإن هذا لا يعفيه من إلزامية احترام ضوابط فتح واغلاق صيدليته والتقيد بنظام الحراسة، وخير دليل على ذلك إلزام المشرع للصيدلي بتعيين من يعوضه في حالة عجزه عن مزاولة مهنته، أو إغلاقه لصيدليته في حالة عدم تعيين هذا الخلف، جاء في الفقرة 01 من المادة 110 ما يلي: “يجب على الصيدلي الذي يصبح، لأي سبب من الأسباب، عاجزا عن مزاولة المهنة شخصيا إما أن يعين صيدليا يعوضه وفقا لأحكام المواد 123 و125 و126 أدناه وإما أن يقوم بإغلاق صيدليته”.
ثانيا: الجهة المخول لها تنظيمكيفية تولي الحراسة:
حددت الفقرة 02 من المادة 111 من مدونة الأدوية والصيدلة هذه الجهة، في عامل العمالة أو الإقليم المعني، إذ جاء في الفقرة المذكورة ما يلي: “يحدد عامل العمالة أو الإقليم المعني أوقات فتح الصيدليات وإغلاقها والكيفيات التي يتم وفقها تولي مهمة الحراسة باقتراح من المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة”.
فكيفية تنظيم الحراسة عمليا، تأتي في شكل قرار عاملي مكتوب، يحدد ابتداء أوقات فتح وإغلاق الصيدليات بتراب الإقليم في التوقيت الشتوي والصيفي والرمضاني.
أما بخصوص نظام الحراسة،فعلى سبيل المثال، نكتفي بقرار عاملي صادر عن عامل إقليم ميدلت جاء في الفصل 02 منه ما يلي: “يتعين على صيادلة الصيدليات أن يتولوا مهمة الحراسة 24/24 ساعة (ليلا ونهارا) وطيلة أيام الأسبوع طبقا لجدول الحراسة الذي يعده المجلس الجهوي لصيادلة الجنوب، حسب المركز والجماعات الترابية المتواجدة بإقليم ميدلت”.
ووفق الفصل الخامس من القرار العاملي المذكور، فإنه “يجب على كل صيدلي يرغب في استبدال دوره في الحراسة، لظروف طارئة أو حادث فجائي، الحصول على إذن كتابي مسبق في شأن ذلك من المجلس الجهوي لصيادلة الجنوب، مع إخبار مصالح العمالة التابع لها كتابيا”.
ثالثا: السلطة التأديبية المخول لها تأديب الصيدلي:
إن السلطة التأديبية المخول لها تأديب الصيدلي كلما أخل بواجب من واجباته القانونية هي هيئة الصيادلة في شخص المجلس الجهوي، والمنظمة بالظهير الشريف والذي هو بمثابة قانون رقم 1.75.453 المؤرخ في 19/01/1977، فقد جاء في الفصل 02 من الظهير المذكور، “تضطلع هيئة الصيادلة بمهمة مزدوجة علمية وتأديبية، ومن مهامها، العمل على أن يحترم جميع أعضائها القوانين والأنظمة الجارية على المهنة والواجبات المهنية والقواعد المنصوص عليها في قانون الواجبات المهنية.
هذا، ومن الصلاحيات المخولة للمجلس الجهوي حسب الفصل 16 من الظهير أعلاه، أنه يتولى بصفة تأديبية النظر ابتدائيا في القضايا المتعلقة بصيادلة الصيدليات الذين يكونون قد أخلوا بواجبات مهنتهم، أو بالقواعد المنصوص عليها في قانون الواجبات المهنية المقرر في الفصل 02 وبالالتزامات المنصوص عليها في أنظمتهم الداخلية.
ومن العقوبات التأديبية التي يمكن للمجلس الجهوي إصدارها في حق الصيدلي طبقا للفصل 38 من الظهير السالف الذكر:
-الانذار في غرفة المجلس.
-التوبيخ مع تقييده في الملف الإداري والمهني.
كما يجوز له اقتراح العقوبات التالية على الأمين العام للحكومة لأجل سحب الاذن في المزاولة بصفة مؤقتة أو نهائية حسب الحالة:
-الإيقاف عن ممارسة المهنة مع إقفال الصيدلية أو المؤسسة أو غير إقفالها لمدة لا تتجاوز سنة واحدة.
-عقوبة الحذف من جدول الهيئة.
ومع ذلك فالفصل 38 أعلاه، متع الصيدلي المتابع تأديبيا بضمانات منها الاستماع له، وطلب مساعدة أحد زملائه أو محام من اختياره.