الإغراء الإبليسي والإغراء العلماني الحداثي

هوية بريس – د.ميمون نكاز

الإغراء الحداثي بالمساواة من جنس الإغراء الإبليسي لآدم وحواء بالمَلَكِيَّة والخلود، ذلك إرث قديم: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَا مَلَكَیۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَـٰلِدِینَ، وَقَاسَمَهُمَاۤ إِنِّی لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ، فدلاهما بغرور} [الأعراف:19-21].

أخرج إبليس بالإغراء الأول آدم وحواء من الجنة، بعد إقناعهما بحرمانية الرب لهما من تحصيل المَلَكِيَّةِ وبلوغ الخلود، أما صاحبنا الحداثي في إغرائه الأخير فيروم إخراج “الأسرة” من “الشريعة”، بدعوى تاريخية أحكامها وسياقية نصوصها الظرفية، مدعيا “حرمانية الدين في الفقه” للمسلمين من استكمال متطلبات المقصد الاستشرافي للشريعة بزعمهم، المتمثل في المساواة المطلقة بين الرجال والنساء، ومن ذلك المساواة في الإرث…

“التدلية بالغرور” و”المقاسمة بالنصح الحقوقي” مسلكان فاتنان عن الحكم الإلهي في الإغراءين، الإبليسي القديم، والحداثي الحديث… أوصل الأولُ منهما آدم وحواء إلى مسفل “الهبوط” من الجنة إلى الأرض، كذلك سيوصل “الإغراء الحداثي” البيت الأسري إلى “شقاء الهبوط” من الشريعة إلى الطبيعة- أقصد القانون البشري الوضعي-…

في الشريعة سعة ورحمة، وفي الرؤية القانونية الحداثية ضيق وصراع…

يقول الوحي الشريف في المسلك الإبليسي القديم: {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فدلاهما بغرور} [الأعراف:21-22]…

قيل في البيان اللساني: “التدلية” أصلها أن يدلي الرَّجُلُ العَطْشانُ رِجْلَيْهِ في البِئْرِ لِيَأْخُذَ الماءَ فَلا يَجِدُ فِيها ماءً، فَوُضِعَتِ التَّدْلِيَةُ مَوْضِعَ الطَّمَعِ فِيما لا فائِدَةَ فِيهِ. فَيُقالُ: دَلّاهُ إذا أطْمَعَهُ.

كذلك يصنع الإغراء العلماني الحداثي في “تدلية المرأة” في “أضلولة القسمة السوية بين الزوجين في الممتلكات” و”أبطولة المساواة بين الأبناء في الإرث”، إطماعا لها في التسوية المثلية على خلاف حكم الله في شرعه، حيث تجد نفسها بلا أسرة ولا زوج ولا ولد، وفي ذلك -بلا ريب- “هبوط بالأسرة” من مقتضيات “الحكمة والرحمة” إلى متاهات ” المَغَرَّة والشقاء”…