الإفصاح عن بعض درر حركة التوحيد والإصلاح
سفيان أبو زيد – هوية بريس
إن مما من الله تعالى على الشعب المغربي والأمة جمعاء، أن وفق رجالا ونساء صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فتجاوزوا كل الخنادق الضيقة والمصالح الشيقة، وكادوا يدفنون أهواءهم استجابة لنداء التجرد والحق والانصاف، فقطعون آخر عرق جاذب إلى مهاوي التعصب، إعمالا لمبدأ التطوير والتجديد، وثبتوا على مراسي الأصالة والثابتة، إعراضا عن كل استمالات التفلت والتفسخ والتبديل، ورفعوا شعار الحرية وقول الحق، كسرا لكل قيود التحكم والتذليل، وأعملوا مبدأ الشورى، قطعا للطريق عن الدكتاتورية المشايخية والمنبرية.
وفتحوا الأبواب أمام كل متعاون متفاعل ناصح غير ناطح، إبادة لكل فيروسات الاستعلاء والاستحواذ. ورسخوا معنى الشمولية والعموم والسواسية والمساواة إنهاء لكل عوامل العنصرية أو الطائفية أو المناطقية أو الانتقائية. وفعلوا دور المرأة في كل الميادين مفيدة مستفيدة فاعلة متفاعلة تصحيحا لكل أوهام الإقصاء، وتزهيدا في كل مظاهر الاستعمال والاتجار…
هذا غيض من فيض توفيقات وتسديدات الباري لهذا التجمع المبارك الذي اتخذ اسما وشعارا جامعا مانعا عنوانه:
حركة التوحيد والإصلاح
وهنا أفكك هذا الاسم حسب وجهة نظري ونظرتي وخبرتي بأولئك الرجال…
إنها:
حركة: وليس جمودا أو قعودا أو انتظارا أو حدسا أو أحلاما، بل هي عمل وإعمال وفعل وتفاعل وجد واجتهاد وتجديد وتطوير وحراسة وإثبات وعون وتعاون وسهم ومساهمة وصلاح وإصلاح وكل ما تحمله الحركة المنضبطة الفاعلة المتفاعلة النافعة الماتعة من معاني وكلمات وإشارات…
فهي حركة توحيد الخالق في أصولها وفروعها وتفاصيلها، فللتوحيد قامت وعليه تأسست، وبه نادت، ذلك التوحيد المبني على النقل والعقل والمنطق والنظر وكل وسائل المعرفة، ذلك التوحيد المجسد في الخلق والعبادة والعمل والتكافل وكل معاني الخير، ذلك التوحيد المتدفق بمياه المحبة والاخوة والحرص على جمع الشمل…
وهي حركة توحيد الكلمة من الانشطار والتبدد وذهاب الريح والتهام أو إقصاء بعض حروفها لبعض، فأدركت وعلّمت ورسخت أن الفرقة والتفرقة هي الداء الذي يصعب دواءه، لذلك حرصت على انسجام حروف تلك الكلمة ما أمكن وإن اختلفت أسماؤها وأشكالها واتجاهاتها مادام أنها خادمة للخير صادقة في ذلك…
وهي حركة توحيد الجهود حتى لا يضيع مجهود، وحتى تتوثق وتتأكد المواثيق والعقود فيستمر العمل على مر العهود، واستنتجت أدركت أن أهم سبب لتباطئ العمل هو تبعثر الجهود وهدر الطاقات واستنزاف الأوقات فيما لا يستحق ذلك قيمة أو ظرفا أو مكانا، لذلك أكدت على هذا مبدأ حقنا لطاقات قد أسرفت وبذرت لعقود مضت…
وهي حركة توحيد الأفكار ووجهات النظر إيقانا منها، أن وقود العمل هو الفكر، وكلما كان الفكر واضحا ناصعا ناصحا متوحدا في الهدف والمرمى آتى أكله ونضجت ثماره وأينعت أغصانه وتجذرت جذوره وتفتحت وروده… وأي تبعثر أو تصادم في ذلك أنتج قيعانا لا تخزن ماء ولا تنبت كلأ…
وهي حركة إصلاح الفاسد، حملا للواء الانبياء والمرسلين الذين ما أرسلوا إلا ليصلحوا ما فسد وأفسد، إذ الفساد مرض إذا لم يواجه بالدواء والمكافح استشرى وانتشر حتى يحيق بالجسد كله، لذلك حرصت واصرت منذ الانطلاقة وبالممكن على هذه الضرورة الشرعية والعقلية والواقعية والسنة الكونية…
وهي حركة إصلاح الجاهل بتعليمه وتنويره بشتى فنون العلم المفيد والنافع وذلك بالأصالة والمواكبة والانضباط بالمفيد…
وهي حركة إصلاح الواهم الذي يجهل أنه يجهل بتصحيح المفهوم وتوضيح المَعْلم، فانحراف المفهوم يتولد عليه انحراف العمل…
وهي حركة إصلاح الشاك والمشتبه والأخذ بيده إلى بر اليقين في ثوابته ورواسخه التي لا يمكن أن تزحزه أو يزحزه عنها وذلك تطعيما بلقاحات المناعة ووقوفا أمام كل دعوات التشكيك…
وهي حركة إصلاح الضال والمنحرف والمعوج بتقريب الطريق له وتسهيلها ووضع المعالم في جنباتها وإخراجه من غياهب التيه والزيغ وإعادته إلى ميادين الانسانية والفطرة وخير…
وهي حركة إصلاح الغالي والمتطرف والمتفلت بتعزيز معاني الوسطية والاعتدال علما وعملا وترغيبهم في الانخراط في صفوفها والعمل في ميادينها ومجالاتها، وبيان خطورة العمل خارج سربها وبعيدا عن صفوفها…
إنها حركة التوحيد والإصلاح
حركة العموم والشمول والربانية
شهادة علم وعمل وصدق
أقول هذا وقد خبرت عددا من الحركات والمناهج الإسلامية والدعوية داخل المغرب وخارجه…
نسأل الله العزيز الغفار أن يسدد ويوفق رجالها إلى الثبات والاستمرار
هاذا كان في الزمن الغابر