البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المركزي 1912-1933م (ج6)
هوية بريس – ذ. إدريس كرم
نظرة عامة على العمليات
المحطات الكبرى
لا يمكن القول بأننا تفاجأنا في بداية التهدئة بغياب أي تصميم لجميع أهداف غزو الأطلس المركزي.
المعارف الجغرافية والإثنية المتعلقة بهذه الناحية عندنا كانت محدودة في مجزوءة التقطت من قبل الكونت دوفوكو والماركيز دوزانكونيز في استكشافهما.
الأول مرّ قبل ثلاثين عاما في الأطلس المتوسط، في هذا القسم الغربي من بني ملال لدمنات عبر غنيم وواويزغت، وفي العودة بعد ما تعرف على أودية الصحراء اخترق الأطلس الكبير من زيز لميدلت عبر تلغمت.
الثاني عبر الأطلس المتوسط من آزرو لمدلت متسلقا جبل العياشي.
الإثنين معا جابا وسط ملوية لكن خط سيرهما لم يكن بإمكانه أن يحقق قاعدة بيانات خريطة للعمليات العسكرية نظرا للفراغات البيضاء التي طبعتها والتي عولجت عن بعد من قبل الاستعلامات، لذلك كانت الخرائط الموضوعة رهن إشارة القيادة ناقصة.
بعد إفادات شارل دوفكو، اعتبر أن أسيف ملول يكوِّن قلب زيز، وهذا الخطأ لم يرفع إلا بعد المراقبة الجوية بالطائرة حوالي 1926.
في سنة 1912، الأطلس العالي كان حقا بعيدا عن انشغالنا.
همنا الأول أو الأحسن، رد الفعل الأول للجنرال ليوطي كان هو تحرير فاس من قبضة القبائل البربرية، ودفعها بعيدة عنها لإتاحة الفرصة لمسؤولي السلطان كي يقيموا سلطتنا، ويضمن قاعدة صلبة لتوسعنا لاحقا.
في الوهلة الأولى كان من المهم وضع طريق المواصلات الحيوية بين الرباط-مكناس-فاس في حماية من الكمائن المعترضة لنا ولقواتنا.
أيضا انطلاقا من سنة 1912 قوات الرباط مكناس وفاس تقدمت بموازاة في اتجاه الجنوب، القبائل البربرية في السهول المهزومين أصبحوا تحت مراقبتنا، قبالة الأطلس المركزي عمليات 1913-1914 توجهنا بالتتابع لقصبة تادلا فأزرو فخنيفرة.
اللقاءات الأولى مع بربر الأطلس المركزي لم تدر لصالحنا، رد فعل أيت سيري وزيان كبدنا خسائر فادحة منعتنا الحرب الفرنسية من الانتقام.
نحن لسنا بالقلة على كل الجهات متصلون بالدَّير، وبعد ذلك القيادة يمكن لها الكشف عن تخفيض مجال سيطرة العصاة على الأطلس المتوسط.
معرفة موجزة للبلد استلهمها الجنرال ليوطي في تخطيط شامل يميل لتجاوز السلسلة الجبلية عبر الجناحين لعزل أعالي الأطلس وكسر المعارضة في مركزهم بمحور مكناس مدلت بطريقة تفصل بين القطاعين العاصيين الأكثر أهمية: بني وراين، ومرموشة، أيت سغرشن في الشرق، بني امكيلد زيان أيت شخمان أيت سري في الغرب.
كان الاعتراف بداهة بأن ضفاف واد العبيد العريض ذا المصب المنيع سهل تقدمنا بما يضاهي ذلك الذي لقيناه في ملوية.
أيضا ثغرة في وسط الأطلس المتوسط حصلت في 1917 توسعت في 1920-21-22 بواسطة الخاضعين من زيان، أيت سغرشن وبني امكيلد، محصلة على منفذ في الغرب لمناورة تطويق متوقع لبؤرة تازة التي شرع فيها 1921 قبل بداية غزو الضفة الشمالية لواد العبيد قبالة تادلا، هذه العملية التي لم يشرع فيها هي نفسها إلا في 1929 من ثلاث اتجاهات الشرق والشمال والغرب متفادين مضايق واد العبيد التي نفذت سنة 1931.
فأصبحنا أسيادا على طول أخاديد ملوية واد العبيد وبالتالي قادرين على الاقتراب في 1931 و1932 من إخضاع أعالي الأطلس عبر ثلاث محاور من أيت يحيى، ايت شخمان، ايت اسحا؛ وفي 1932 ايت احديدو، واستولينا لأول مرة على اعالي أسيف أيت ملول حيث سلسلة البحيرات، وبعد معارك ضارية أصبح آلاف من الأعداء الألداء بالأطلس المتوسط عاجزين ففروا لجنوب أغبالا بناحية شاوتيك تازيكزاوت.
السنة الموالية في مؤخرتنا وعلى جناحينا انتقلنا لعملية ضارية ضد ايت احديدو لوضعهم خارج سبب العمليات.
محونا البؤرتين الأخيرتين التي في بادو بالجنوب والتي في قصور الغرب؛ وكان إضعاف هذه الجبال كآخر معقل للعصاة حيث تم في 3 شتنبر 1933 تهدئة أعالي الأطلس المركزي.
تقييم سطحي بسيط للعمليات التي جرت من 1913 إلى 1933 في الأطلس المركزي ترك في الأذهان انطباعا حادا من الارتباك والغموض.
أحيانا كثيرة كانت تعطى الأوامر بعد وقوع مشكلة من أجل إزالة بقعة معادية أو محاصرتها باستعجال.
في الأطلس نفسه طبيعة البلاد تمنع القيام بهجمات عميقة على المحاور الهامة مما كان يساهم في ترسيخ نظرة مشوشة على العمليات.
1- مسيرة الاقتراب للاحتكاك بالجبل.
– إضعاف بني امطير الجنرال هنري (1913).
– احتلال تادلا الكولونيل منجان (1913).
– احتلال اخنيفرة الجنرال هنري (1914).
– عمليات في تادلا من 1915 إلى 1917.
2- قطع تواصل قطاع بربر الأطلس المتوسط الجنرال بويميرو؛ اخترق أزرو ميدلت (1917)، وسع ثغرة الخاضعين من زيان وبني امكيلد (1920-21-22).
3- غزو الضفة الشمالية لواد العبيد الجنرال دولوسطال؛ استولى على أغبال (1926)، إضعاف استحكامات واد العبيد (1929-30-31).
4- غزو أعالي الأطلس المركزي، عمليات منسقة تحت إدارة الجنرال هوري القائد الأعلى للقوات بالمغرب، احتلال بلاد أيت يحيى الجنرالان نييجير ودولوسطال (1931) كودوت (1932).
– احتلال بلاد ايت اسحا الجنرالين دولوسطال وكاترو (1932).
– احتلال سلسلة جبال البحيرات الجنرال دولوسطال (1932).
– احتلال أعالي أسيف ملول.
– فصل أعالي الأطلس العاصي، بقايا كردوس وبادو، إضعاف القصور، الجنرالات: جيرود، دولوسطال، كودوت، كاطرو، تحت إدارة الجنرال هوري (1933).
من مجموع 12 سنة من العمليات النشيطة على امتداد 21 سنة الممتدة من 1913 إلى 1933 التي كانت ضرورية للوصول لعصاة الأطلس المركزي.
المدافعة الكثيفة في السنوات التسعة الأخرى تشرح بالحرب العالمية 1914-1919 التي انتزعت من المغرب خيرة القوات ثم حرب الريف المتبوعة على الفور بتحجيم بؤرة تازة التي امتصت ما بين 1923 و1926 كل الإمكانيات المتاحة، وأخيرا من 1926 لـ1929 لاعتراض الحكومة الفرنسية تأخر تنشيط عمليات التهدئة ثلاث سنوات.
تعدد العمليات التي شهدها كل قطاع من القطاعات الأربعة لاختراقنا لم يتم دراسته في وقته، العرض الممل للكثير من العمليات شابه أحيانا أحدهما الآخر فصار بلا فائدة عكس ما لو بحثت كل عملية مطروحة على القيادة كلا على حدة، وإبراز الصعوبة وكلفة الوسائل الكفيلة بالقضاء عليها، والنتائج المحصل عليها إثر ذلك.
ولتسليط الضوء على تلك المعارك يسرنا تحليل بعض المعارك الضارية منها ونتائجها المفرحة والمحزنة لنعطي نظرة على العقلية السائدة الأكثر غنى في هذه الدراسة” (ص124-126).