البرمجة ضرورة ملحة للأطفال
هوية بريس – ياسين بن زيان
يحفز الفضولCuriosité الأطفال على التفكير الخلاق واستكشاف المجهول كما يثير أسئلتهم ويروي عطشهم للمعرفة، إنه مفتاح النجاح الذي يقودهم إلى فهم الكثير من المعارف والعلوم كالحساب واللغات بشكل جيد في مرحة الطفولة المبكرة.
لذلك يدعو علماء النفس الآباء لتخصيص الوقت الكافي للرد على أسئلة الأطفال أو استكشاف الإجابات معاً.
هكذا يؤكد علماء النفس أن فضول الطفل هوالجسر لاكتشاف ما يدور حوله، فإما أن يكون هذا الفضول بدافع الاستطلاع، وإما طرح الكثير من الأسئلة على الآباء، الأمر الذي يزعجهم كثيراً خصوصا عندما يعجز الآباء عن الإجابة.
الفضول وحب الاستطلاع يقودان الطفل في معظم الأحيان لتقدم معرفي في كيفية استعمال الهاتف أو الحاسوب، حتى وإن كان والداه لا يفقهون شيئا في عالم التقنية الرهيب في ىنظرهم.
طبعا هذا التقدم المعرفي سلاح ذو حدين، فإن كان الآباء يجهلون كيفية استخدام الحاسوب أو الهاتف فمصيرهم في قبضة الشرير هذا الصغير، لكن إذا كان الآباء عكس ذلك فقد يصابون برهاب صدمة ما بعد الحداثة.
طلعا الطفل الصغيرلن يكفّ عن اللعب والتسلية واستكشاف عوالم الهاتف، مما قد يكون سببا في تراجع مستواه الدراسي، في حالة عدم المراقبة والتوجيه من طرف الآباء.
لكن إدمان الهاتف أو الحاسوب من طرف الطفل قد ينمو ليصبح فضولا. فما شكل هذا الفضول؟
مثلاً قد يفكر الطفل في التحول من مستهلك إلى منتج.. سيمل وسيتعب من اللعب يومياً في نفس المرحلة من اللعبة، سيفكر في صنع ودمج مرحلة جديدة أكثر تشويقا ومتعة، أو في بلورة مرحلة تلائم ذوقه الخاص… والأكثر من هذا سيفكر في ” برمجة ” لعبة جديدة من خياله الواسع.
وهنا سنقف عند كلمة ” برمجة ” ولن نمرّ عليها بعجالة، فالبعض منا سيخطر بباله سؤال : ’ وكيف يستطيع هذا الطفل الصغير الذي لا يكاد يتقن صياغة جملة مفيدة، على أن يبرمج لعبة ؟ ‘
يوجد العديد من المواقع بالعديد من اللغات ومن بينها العربية تدعوك لتعلم لغات البرمجة مهما كان عمرك من خلال قضاء ساعة أو أقل يومياً (Hour Of Code ).
ستعلمك هذه المواقع كيف تتعلم وتعلم ولدك الصغير برمجة ألعاب بسيطة بخطوات يسيرة، كما تقدم هذه المواقع العديد من المصادر المتقدمة للتعليم لمن تخطى مستواهم الدروس الأولى البسيطة.
بالإضافة أن من يقدمون نصائح ودروس تعليمية عبر هذه المواقع هم هبراءكبار التكنولوجيا في العالم مثل ‘ بيل جيتس ‘ و ‘ مارك زوكربيرج‘ وغيرهم من عمالقة التكنولوجيا.
أصبحنا اليوم نحتاج الحاسوب وتطبيقاته في كل شيء في العمل وفي التواصل وتسجيل البيانات، فاليوم أصبح تسجيل البياناتEnregistrement des données مهمة رقمية، لذلك أصبح من المهم تعليم أسرار البرمجة للأطفال حتى يتعلمون برامج الحاسوب والتركيبات البرمجية Formule du programme وطريقة العمل عليهما.
لماذا؟
لأن التعلمات البرمجية Code وكل ما يخص الحاسوب أمر هام وضروري للأطفال، فهو يساعدهم في تنمية مهاراتهم الخاصة من خلال ” التفكير المنطقي ” ، ومن الأكيد أن البرمجة هي أسلوب تفكير وطريقة مبنية على التفكير المنطقي لحل المشكلات كما أنها فن التخاطب الناجع والفعّال مع الآلة La machine ، لأن كتابة الكود البرمجي يتطلب منك التنفيذ الذهني أولاً قبل أن تقوم بكتابته على محرر الكود.
هناك الكثير من الفوائد من تعليم الأطفال البرمجة ومن أهمها أن الطفل الذي يتعلم البرمجة يمتلك ثقة عالية في نفسه وذلك لأنه تعرض للعديد من المشكلات وحلها بنفسه وبذلك يمكنه التعود على حل أي مشكلة قد تواجهه دون الشعور بالقلق أو التوتر الزائد، بالإضافة لما يدور حول العالم من تطورات في عالم التكنولوجيا والتقنية الحديثة، فهذا التطور يفرض علينا بناء جيل جديد مواكب لهذا العصر المعلوماتي.
من الصعب أن نذكر كل اللغات والبرامج والتطبيقات التي جرى تطويرها في سبيل تطوير المهارات البرمجية للأطفال، فهي كثيرة جداً، لكن الرسالة المهمة التي يجب أن تصل إلى أولياء الأمور والمختصين والمقاولات وإلى المسؤولين في وزارة التربية والتعليم مفادها أن لغة البرمجةLangage de programmation اليوم هي لغة العصر ولغة المستقبل وأننا في أمسّ الحاجة إلى تسليح أبنائنا بسلاح المستقبل، هذا لأننا إن لم نفعل فلن نكون قادرين على مواكبة التكنولوجيا المقبلة، فلقد شهد العالم تطوراً مهولاً في التكنولوجيا وفي شبكات الإنترنت في أوقات قصيرة ودخلت الروبوتات مجالات الصناعة والطب…
قد تجد نفسك في المستقبل القريب غير مضطر إلى أن تقود سيارتك بنفسك، بل إن الذكاء الاصطناعي سيفعل ذلك ولن تحتاج إلى الطبيب لإجراء العمليات فالروبوتات ستفعل ذلك أيضاً، ولا ننسَ أن الرحلات الفضائية التي كانت حلم البشرية أصبحت اليوم سهلة وممكنة.. وما هذه إلا البداية.
ترسيخ الثقافة المعلوماتية في نسق أخلاقي لدى الأطفال سوف يضمن لنا جيل يمتلك ذكاء فكرياً يحمل مشعل الابتكار والإبداع، فالثقافة المعلوماتية ضمن النسق الكانطي التي تستند إلى مبدأ العقل العملي الأخلاقي قادرة على محاصرة البرمجيات الملوثة كالقرصنة والمواقع الإباحية وغيرها من الفيروسات السامة.
وبهذا سنضمن جيلاً محصنا وخالياً من الميكروبات التي زرعها شيطنة التكنولوجيا والأنترنت، بالإضافة لذلك أن هذا الجيل الجديد سوف يحارب منتجي الميكروبيوم التكنولوجي.. وستتقلص المشاكل الاجتماعية التي يخلفها شياطنة التكنولوجيا والهاتف بالأخص.
لذا يجب إدماج البرمجة كنشاط أساسي في سلك التعليم الأولي، وكمادة أساسية في سلك التعليمالابتدائي، لتصبح جانب المواد الأساسية الأولى في المسالك التعليمية الأخرى..
لكن البداية لن تكون قفزة عالية، سنبدأ بإدماج البرمجة في التعليم الأولي عن طريق نشاط مسلّي للأطفال وألعاب تتطلب إعمال المنطق والعقل.
ثم توظيف هذه المهارات في التعليم الإبتدائي عن طريق تعلم لغة Scratch، وهي لغة برمجة مبسطة تعتمد بالأساس فكرة البناء باستخدام المكعبات “Block”، وكل مكعب هو عبارة عن كود برمجي يؤدي غرضاً معيناً. والسماح للأطفال بمشاركة مشاريعهم في القسم، وهذا سيولد روح المنافسة التي من شأنها أن تشعل حماسهم للتعلم والإنجاز والمشاركة والخلق والإبداع من أجل غد مشرق لأمتنا الغالية.
تحية تقدير للشاب الباحث الطموح ياسين أمثالكم نموذج الشباب المغربي المجد المبدع الذي يحمل مشعل التنوير لغد أفضل.
حفظك الله ورعاك
واصل تصل إن شاء الله
حفظك الله و رعاك أستاذي المتألق.
أنتم قدوتنا.